أرشيف المقالات

شماعة جاهزة لتعليق كل أنواع الفشل

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
2شماعة جاهزة لتعليق كل أنواع الفشل   لا أدري ماذا حلَّ بالناس! أصبح الكثيرُ منهم يظنُّ أنَّ مَن حولهم لا شغل لهم ولا همَّ سوى أن يُصيبوهم بالعين ويحسدوهم، وأعجبُ ما في الأمر أن أشدَّ الناس خوفًا من الحسد هم أولئك الذين لا تجدُ في سجلِّ إنجازاتهم ما يُثير في نفوس الآخرين شيئًا من الحسد تجاههم، إن وُجدت نيَّة حسدٍ من الأصل، وصاروا يَعْزُونَ كلَّ ضائقةٍ، أو مرضٍ، أو إخفاقٍ وفشلٍ يَلحقُ بهم إلى حسدِ أحدِهم؛ فجعلوا من الحسد المِشْجَبَ الذي يُعلق عليه كل مكروه يُصيبهم، وكأنَّ الحاسدين بأيديهم قدُرات خارقة، ويُصيبون الناس بسهامهم متى شاؤوا بضغطةِ زرٍّ، ونسوا أو جهلوا أن الأمر ليس بهذه السهولة والبساطة، ولا يكون على هذه الشاكلة؛ فلا أمرَ نافذًا في هذا الكون دون إرادة الله، فليس كلُّ من كره آخر أطلَقَ عليه رصاصة من عينيه فجندَلَه وشلَّ أركانه، وإلا لَما بقي أحد سليمًا معافًا، ولَمَا تسلَّق أحدهم سلَّم النَّجاح على كثرة مشاكل الناس وخصوماتهم ومشاحناتهم، وكما نرى ونشاهد من حولنا فالأمور لا تجري على هذا النَّحو كما يشتهي هؤلاء الحاسدون المُبغضون لكل ما عند غيرهم من خيرٍ ونعمةٍ.   الحل الواقعيُّ مع أمثال أولئك الممسوسين بالخوف من الحسد بصورةٍ مبالغٍ فيها - تصلُ حدَّ الفوبيا المرَضيَّة، وتُثير إزعاج كلِّ من يحتكُّ بهم - هو الابتعاد عنهم وتجنُّبهم قدر الإمكان، والاكتفاء بالسلام عليهم من بعيدٍ إن كان لا بدَّ من ذلك؛ لتُريح بالك وبالهم، حتى يمُنَّ الله عليهم بشفائه من هذا الهلع، ومن هذا الغول المتربِّص بهم.   على الإنسان ألا يكترث ويُلقي بالًا لما تُوسوس به نفسه أحيانًا من سوءٍ تجاه غيره، طالما أنه لا يستمرئ هذا الشعور أصلًا، ويُقاومه، ولا يذعن له ويدعه يغلبه، ولا يذكره أبدًا في العلن.   أما الحاسد الذي يتمنَّى فعلًا من قلبه زوالَ نعمة الآخرين، ويتحدَّث بذلك، فحسبه عقابًا من ربِّه أنه لا ترتاح نفسه ولا يهدأ له بال، وهو مَن يتقد قلبُه بنيران حسده ويكتوي بها، وهو مَن سيدفع الثمن باهظًا في النهاية.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣