أرشيف المقالات

تعريف الحديث الفرد

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2تعريف الحديث الفرد
قال الشيخ البيقوني في منظومته البيقونية: وَالْفَرْدُ مَا قَيَّدْتَّهُ بِثِقَةِ ♦♦♦ أَوْ جَمْعٍ اَوْ قَصْرٍ عَلَى رِوَايَةِ   تقدم ذِكْرُ الناظم رحمه الله للحديث الغريب؛ وسبق أنْ بيَّنَّا أنَّ الغريب هو الفرد لغة واصطلاحًا، وأنهما ينقسمان إلى: • فرد مطلق: وهو الحديث الذي يُروى من طريق راوٍ واحد فقط. • فرد نسبيٌّ: وهو الحديث الذي حَصَلَ التفرُّدُ فيهِ بالنسبةِ إِلى جهة مُعَيَّنة، وإنْ كَان الحديث في نفسه مشهورًا. كأنْ يُقيَّد التفرد بثقة؛ فيقال: "لم يروه عن فلان ثقة إلا فلان". أو يُقيَّد بـ"جمع"؛ أي: أهل بلد؛ فيقال: "تفرد به أهل المدينة، أو أهل البصرة، أو أهل مصرَ".
أو يُقصر التفرد على رواية معينة؛ فيقال: "هذا الحديث غريب من رواية الزهري - مثلًا - وإن كان الحديث مشهورًا من رواية غيره".
قال السيوطي رحمه الله: "فَرْدٌ نِسْبِيٌّ؛ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جِهَةٍ خَاصَّةٍ؛ كَقَوْلِهِمْ: تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ مَكَّةَ وَالشَّامِ، أَوِ الْبَصْرَةِ، أَوِ الْكُوفَةِ، أَوْ خُرَاسَانَ، أَوْ تَفَرَّدَ بِهِ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ مَرْوِيًّا مِنْ وُجُوهٍ عَنْ غَيْرِهِ، أَوْ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، عَنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، أَوِ الْخُرَاسَانِيُّونَ، عَنِ الْمَكِّيِّينَ، وَشِبْهِهِ.
مِثَالُ مَا انْفَرَدَ بِهِ أَهْلُ بَلَدٍ: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: "أُمِرْنَا أَنْ نَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمَا تَيَسَّرَ"، قَالَ الْحَاكِمُ: تَفَرَّدَ بِذِكْرِ الْأَمْرِ فِيهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، مِنْ أَوَّلِ الْإِسْنَادِ إِلَى آخِرِهِ، وَلَمْ يُشَارِكْهُمْ فِي هَذَا اللَّفْظِ سِوَاهُمْ.
وَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي صِفَةِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ". قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا سُنَّةٌ غَرِيبَةٌ تَفَرَّدَ بِهَا أَهْلُ مِصْرَ وَلَمْ يُشَارِكْهُمْ فِيهَا أَحَدٌ.
وَمَا رَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ ڤ، قَالَتْ: "صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ وَأَخِيهِ فِي الْمَسْجِدِ". قَالَ الْحَاكِمُ: تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ.
وَمِثَالُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ: مَا رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ، عَنِ ابْنِهِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ.
قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: تَفَرَّدَ بِهِ وَائِلٌ، عَنِ ابْنِهِ، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُ سُفْيَانَ، وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ التُّوزِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَا وَاسِطَةٍ. وَمِثَالُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ بَلَدٍ، عَنْ أَهْلِ بَلَدٍ: حَدِيثُ النَّسَائِيِّ: "كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ". قَالَ الْحَاكِمُ: هُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْبَصْرِيِّينَ، عَنِ الْمَدَنِيِّينَ، تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو زَكِيرٍ، عَنْ هِشَامٍ.
وَمِثَالُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ ثِقَةٌ: حَدِيثُ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ بِـ(ق) وَ (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ)، تَفَرَّدَ بِهِ ضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنَ الثِّقَاتِ غَيْرُ ضَمْرَةَ، وَرَوَاهُ مِنْ غَيْرِهِمُ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ" اهـ[1].


[1] "تدريب الراوي" (1/ 291- 294)، طـ دار طيبة، باختصار.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢