أرشيف المقالات

من شجاعة الصحابة في الغزوات

مدة قراءة المادة : 10 دقائق .
2من شجاعة الصحابة في الغزوات
عن أنس رضي الله عنه، قال: لما كان يوم أحد، انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم مُجَوِّبٌ به عليه بِحَجَفَة له[1] وكان أبو طلحة رجلاً رامياً شديد القِدّ [2] يكسر يومئذ قوسين أو ثلاثاً.
وكان الرجل يمر معه الجعبة من النبل، فيقول: انشرها، لأبي طلحة فأشرف النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى القوم، فيقول أبو طلحة: يا نبي الله بأبي أنت وأمي لا تَشْرُف، يصيبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك.
ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر، وأم سليم، وإنهما لمشمّرتان، أرى خَدَم [3] سوقهما، تنقزان القرب على متونهما، تفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها، ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم ولقد وقع السيف من يدي أبي طلحة، إما مرتين وإما ثلاثاً [4].   من فوائد الحديث: 1- شجاعة عائشة وأم سليم رضي الله عنهما، في شهودهما المعركة.   2- تقديم العون، والمساعدة من قِبل النساء للمجاهدين في المعركة.   3- نالت النساء، الشرف والأجر؛ في فعلهنّ.   4- في هذا الحديث، يصف لنا أنس رضي الله عنه وصفا دقيقا حال عائشة وأم سليم رضي الله عنهما، وكيف يقومان على خدمة المجاهدين.   5- لا يجوز للرجل أن ينظر للمرأة التي لا تحلّ له، أما إذا كان صغيرا، فإنه لا حرج عليه في ذلك، كحال أنس رضي الله عنه، فإنه كان صبياً؛ لم يتجاوز وقتها الثالثة عشرة.   6- خوف الصحابة على نبيهم صلى الله عليه وسلم أن يصيبه شيء، فهم يفدونه، بأهلهم، وبأرواحهم.   7- كانت مهمة عائشة وأم سليم رضي الله عنهما، شاقّة ومتعبة، ومحفوفة بالمخاطر، وهي سقاية القوم بملء القرب من الماء، ثم حملها على الأكتاف، ثم الوصول بها إلى أفواه المجاهدين، وإذا انتهت، عدن مرة أخرى بتعبئتها، وحملها إليهم، وهذا ديدنهن سائر اليوم، وطوال المعركة.   8- قوة أبي طلحة الأنصاري، وشجاعته.   9- قوة وجَلَد الصحابيتين، وشدة حماسهما، وظهور النشاط بوضوح، حيث وصفهما أنس رضي الله عنه: "أرى خَدَم سوقهما، تنقزان القرب على متونهما".   10- من شدة النبل الذي أصاب الصحابة انهزموا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، بعدما ترك الرماة موقعهم.   11- لقد عفى الله عن المسلمين؛ الذين انهزموا وهربوا من أرض المعركة، حيث قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 155] [5] ويحتمل أنهم فروا رضي الله عنهم، محبّة في الدنيا- لأنّهم بشر - لا عنادا، ولا نفاقا، فتابوا فعفى الله عنهم.   12- إن الأنبياء قد يصابون ببعض العوارض الدنيوية من الجراحات والآلام، والأسقام، ليعظم لهم بذلك الأجر، وتزداد درجاتهم رفعة، وليتأسّى بهم أتباعهم في الصبر على المكاره.   13- جواز خروج النساء للغزو مع الرجال [6]، ويشترط لذلك وجود محارمهنّ، لأن ذلك أدعى للستر، وصونا لهنّ عن الفتنة [7].   14- اخْتُلِف في المرأة هل يُسهم لها لأنّها خرجت مع الرجال للغزو، وشاركت في إعانة المجاهدين، والصحيح: أنه لا يُسْهَم لها وإنما تُعطى من الغنيمة، ويُسمى الرّضخ [8].   15- فيه منقبة، وفضيلة لأبي طلحة رضي الله عنه [9].   16- وقوع السيف من أبي طلحة رضي الله عنه،بسبب النعاس الذي أنزله الله عليهم، كما قال تعالى: ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ﴾ [10].   17- الأيام دُول، حيث انتصر المسلمون في بدر، وانهزم المشركون، وفي أُحد كان النصر للمشركين على المسلمين، لكن مع ذلك؛ لم تنكسر شوكة المسلمين [11].   18- تميّزَ أبو طلحة رضي الله عنه بالرمي.   19- من أنواع القتال في المعركة الرمي.   20- قوله: (وكان الرجل يمر معه الجعبة من النبل، فيقول: انشرها، لأبي طلحة) كان الصحابة رضي الله عنهم يعرفون قدرة أبي طلحة على رمي السهام، وحِذْقِه في ذلك.   21- الهزيمة طعمها مُرّ، وأثرها النفسي شديد على الجيوش.   22- تميّزَ أبو طلحة رضي الله عنه بكرمه وشجاعته، وفدائيّته.   23- شرف الجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم.   24- قوله: (فأشرف صلى الله عليه وسلم ينظر إلى القوم) فيه دلالة على شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم.   25- التوكّل على الله لا يمنع من الأخذ بالأسباب.   26- فداء الصحابي للنبي صلى الله عليه وسلم بأبيه، وأمّه.   27- النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من القتل حتى يُبلّغ رسالة ربّه.
قال سبحانه: ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [12].   28- دقّة وصف أنس رضي الله عنه لشخصيّة أبي طلحة رضي الله عنه، فلم يكن رامياً فقط، وإنّما كان أيضا، قويّا في رميه، ومتمرسا في إتقان عمله.
فلم يكن مبتدئا، أو متدربا، أو لا يُحسن الرمي، بل كان قنّاصا بارعا.   29- قوله: (يصيبك سهم من سهام القوم) لا شكّ في أنّ السهم إذا أُطلق من القوس يكون قويا، وقد يصيب الإنسان في مقتل، فيموت.   30- كأنّ أبا طلحة الأنصاري رضي الله عنه في ذلك اليوم أمّة وَحْدَه.   31- حاجة الجيش للتموين، والامدادات، والماء من أعظم التموين.   32- الإيجابية العظيمة لهذا الصحابي تتمثل في أشياء كثيرة، منها: أ- المسارعة للدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم. ب- رمي النبل دونه صلى الله عليه وسلم. ج- فداؤه بالأب والأمّ. د- فداؤه بالنحر، حينما قال رضي الله عنه: (نحري دون نحرك).  

[1] أي: ساتر له قاطع بينه وبين العدو بترس صغير.
( تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي 1/ 108).
[2] شديد القِّد: يريد أنه شديد وتر القوس، والقِدّ: سير من جلد غير مدبوغ .( فتح الباري 7/ 128 .
[3] أي: الخلاخيل.فتح الباري 1/ 110.
[4] صحيح البخاري 5/ 37 رقم 3811 .صحيح مسلم رقم 3/ 1434 رقم 1811 نقلته من كتابي (خمسون موقفا للنبي صلى الله عليه وسلم مع النساء) ص 24 .وزدت عليه أكثر من عشر فوائد .
[5] سورة آل عمران آية 155.
[6] من 11-13 مستفاد من فتح الباري لابن حجر 7/ 364 . [7] انظر إشهار البندقية في حكم مشاركة النساء في الجندية .
د.رياض بن محمد المسيميري .موقع صيد الفوائد. [8] صحيح مسلم بشرح النووي12/ 190، عمدة القاري للعيني21/ 356 . [9] المرجع السابق . [10] سورة الأنفال الآية 11. [11] من 16-17 مستفاد من فتح الباري 6/ 79. [12] انظر: فتوى رقم 104825 .
موقع الإسلام سؤال وجواب إشراف الشيخ محمد صالح المنجد .والآية 67 من سورة المائدة.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣