أرشيف المقالات

حقوق العباد شأنها عند الله كبير

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
2حقوق العباد شأنها عند الله كبير   سبحانَ الله الذي ترَك باب التوبة مَفتوحًا للناس حتى لحظاتهم الأخيرة في هذه الدنيا، ومِن أعظم رحمته بعباده أن جعَل التوبة النَّصوح تَمسَح جميع ذُنوب العبد بحقه هو، حتى لو كانتْ مِن الكبائر التي تَتَزَلْزل منها الأرض، وتهتزُّ لها الجبال، ولكن هذه التوبة مهما حسنتْ وثبتت، ومهما عظمتْ أعمال صاحبها لا تسقط حقوقَ العباد عليه إن وجدت، إلا أن يردَّها أو يسامحوا بها، فهي باقيةٌ في ذمته إن لم يُؤدِّها في دنياه سوف يردها يوم الحساب، عندما يقتص له الله من أصحابها، كلُّ ذلك اقتضته حكمة الله من أجل أن تصفو النفوس، وتزول منها البغضاء، ويسود التوادُّ والتراحُم، وينتفي الظلم بين العباد، فالإنسان مَجبول بطبعه على التمسك بحقه المسلوب غصبًا مِن قِبَل أخيه الإنسان، مهما كان صغيرًا، وكثير من الناس في الوقت نفسه على استعداد أن يتنازلوا عن حقوق لهم على غيرهم، أو يتساهَلوا بشأنها لو طلب ذلك منهم بلُطف، وثبَت عندهم أنَّ الذي عليه الحق مُعْسر، خصوصًا عند شدة المرض وفي ساعات الاحتضار، ولكنَّ الأمرَ المحزن الذي نراه اليوم ويحزُّ في النفس - صورٌ أخرى منتشرة من أكل حقوق العباد، حتى من فئة من الناس ترى فيهم الصلاح والاستقامة في غير ذلك من أمور، فالبعض ممن تراهم بأم عينك شديدو الحرص والاجتهاد على تأدية فرائضهم، ومن الرواد الدائمين للمساجد تجدهم في الوقت نفسه ممن يستسهلون أكل جزء من أموال الناس بالباطل، خصوصًا أولئك العاملين البسطاء لديهم بالأجور اليومية، فلا يوفونهم كاملَ حقِّهم بما هو متفق عليه، ويكثرون من مماطلتهم وتأجيلهم لدَفْع هذه المستحقات الزهيدة وسواها، بينما هم يغدقون الصرف على أنفسهم وذويهم وأحبائهم، وفي المظاهر والمناسبات الاجتماعية، بما يصل حد التبذير أحيانًا، وكذلك أيضًا هو حال بعض أصحاب القرار في الشركات والمؤسسات العامة والخاصة يحرمون صِغار الموظفين والعاملين بعض حقوقهم ومكافآتهم المادية وامتيازاتهم الأخرى المستحقَّة، التي هم كفِئَة محدودة الدخل غالبًا في أشد الحاجة لها، بذرائع وحجج واهية، يسوقونها لتبرير أفعالهم، فتمنح دون وجه حق لجماعاتهم الأعلى في المراتب والأقل إنتاجًا والتزامًا بساعات دوامهم التي هي أكثر راحة في الأصل، فكيف تتساوى مثل هذه العينات مِن البشر مع غيرهم مِن الحريصين على أداء حقوق الناس، حتى لو تَماثَل الطرفان في غير ذلك مِن الصالحات؟!



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢