أرشيف المقالات

سلامة النية في البيع والشراء

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2سلامة النية في البيع والشراء
إن الشريعة الإسلامية الغراء ما تركت المسلم راكعاً ساجداً فقط، بل دخلت معه في بيعه وشرائه وأخذه وعطائه، فبينت له ما أحله الله، وما حرم عليه، فهو كما يعبد الله راكعاً ساجداً في مسجده، يتعبد الله سبحانه في سوقه وتجارته، وبهذا تستقيم أمور السوق، ويأمن المسلم أخاه المسلم، فيبيع له بيع المؤمن للمؤمن، لا غش ولا خديعة، وإنما الصدق والنصيحة، وعند ذلك يبارك الله للاثنين في صدقهما.   اشتراط سلامة النية في البيع والشراء: الشريعة الإسلامية تقيم البيع على أساس واحد وهو سلامة النية، ومعناها: أنه يجب حال البيع والشراء أن تكون نية البائع والمشتري هي نية تبادل المصالح لا غير، فالمشتري يشتري لينتفع بالسلعة ولأجل لذلك يدفع المال، وكذلك البائع يبيع لينتفع بالمال ولذلك يبذل السلعة، أما إذا دخلت نية أخرى وهي أخذ المال بلا مقابل، أو نية الغش، فإن هذه لم تعد تجارة، وإنما أصبحت خيانة، وإن كانت في الظاهر تجارة.   الغش في البيع والشراء: والغش أن يتضمن المبيع أو الثمن شيئًا مما لا يقبله الطرفان، فإذا بعت شيئًا فيه خلل أو عيب، لا يقبله الطرف الآخر، ولو اطلع عليه ما قبله، فذلك هو الغش، ولقد تحدث كتاب الله عن ذلك ولم يهادن فيه، فقال تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} المطففين 1- 6.   هؤلاء سماهم الله المطففين، لأنهم إذا باعوا بخسوا السلعة ونقصوا منها وأعطوا الرديء، وإذا اشتروا يستوفون، ويستزيدون. والغش كذلك يشمل خلط الجيد بالرديء، والرديء بالجيد، وما أكثر من يفعل هذا، ومن يفعل هذا بالسلعة فقد حول الجميع إلى حرام.   أخطر أنواع الغش في البيع والشراء: وأخطر أنواع الغش في البيع والشراء ما يتعلق بسلامة الناس، فهناك من يبيع الموت في صورة سلعة،ويأخذ مالا من المأكولات التي مضت مدة صلاحيتها، يشتريها ثم يبيعها بصورة أخرى بعد تغيير العلامات الخاصة بمدة الصلاحية، ومعلوم أن هذه المأكولات بعد انتهاء مدة صلاحيتها تسبب أضرارا بصحة الإنسان.   تأكيد الإسلام على سلامة النية في البيع والشراء: حينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتجول في الأسواق، وجد صاحب طعام يبيعه، فأدخل يده صلى الله عليه وسلم في الطعام، كما جاء في الحديث الشريف: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ[1] فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ[2] يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي»[3]   وقد قال الله تعالى على لسان خطيب الأنبياء شعيب عليه السلام: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ) الأعراف: 85 واعتبر ذلك من الفساد في الأرض: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ) الأعراف: 85


[1] الكومة المجموعة من الطعام [2] أي المطر [3] صحيح مسلم، بَابُ قوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» 1 / 99



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣