أرشيف المقالات

أخلاقية المسلم والطيب من القول

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2أخلاقية المسلم والطيب من القول   حثَّ الإسلامُ على مكارم الأخلاق، وفضَّل مَنْ يتَّصف بالأخلاق الحميدة على غيره، وفي مدح المناقبية الأخلاقية الفاضلة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، الأمر الذي يُعطي الدلالة القاطعة على أهميَّة البُعْد الأخلاقي في سلوك المسلم في الحياة الإسلاميَّة، بوصفه معيارًا حاسمًا في تقييم الفرد المسلم، وصولًا إلى رضا الله، ورضا الناس عنه.   ويأتي في مقدمة مناقبية الأخلاق الحميدة التي أمَر الإسلام بها، مخاطبةُ الناس بالقول الطيب، والكلام الحسن؛ لِما لذلك من أثرٍ إيجابي في نفسيَّة السامع والمتلقي للكلام، حتى إن الإسلام عد في جوهره ((طِيب الكلام، وإطعام الطَّعام))؛ كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ردِّه على من أتاه من الصحابة متسائلًا: ما الإسلام؟   ومما تقدَّم يتَّضح أن الأصل في مخاطبة الناس ينبغي أن يكون بالقول الحسن؛ سواء تعلَّق الأمر بأمور الدين، أو بأمور الدنيا، وذلك تَمَشِّيًا مع مضمون قاعدة: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [البقرة: 83]؛ حيث إن هذا التوجيه الرباني العام يشمَل كلَّ البشر؛ مؤمنهم وكافرهم، وبَرَّهم وفاجرهم، حتى إن كان أحدهم مخالفًا للمسلمين في الرأي والسلوك، تناغُمًا مع معايير منهجية الحوار بالتي هي أحسن، على قاعدة: ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [العنكبوت: 46]؛ إذ بالقول الجميل، والسلوك النبيل، يقتضي الأمر محاورة الآخرين، ومناظرتهم، وفي أي موضوع يختص بالأمور الدنيوية، وبالمثل أيضًا، يكون السبيل فيما يتعلَّق بدعوتهم إلى الله: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125].   وإذا كان أسلوب الخطاب المسلم يقوم في الأصل على أساس مخاطبة الناس بأجمل الكلام، وألطف الألفاظ، وأرقى التعابير؛ من حيث إن المسلم في سلوكه ((ليس بطعَّان، ولا لعَّان، ولا فاحِش، ولا بَذِيءٍ))، فلا شكَّ أن الخطاب الحسن يظلَّ سمةً المؤمنين الذين قال تعالى عنهم: ﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ﴾ [الحج: 24]، فالكلام الطيِّب عبادةٌ وهداية في ذات الوقت، باعتبار أن ((الكلمة الطيبة صَدَقةٌ)).   ولذلك بات الأمر يتطلَّب الانتباه الجدي إلى ضرورة أن يعتمد المسلم في خطابه المعاصر مع الآخرين المنهجَ الإسلامي، القائمَ على القول الحسن والكلام الطيب، فذلك أبلغُ وأوقعُ في نفوس المخاطبين، وأجْدَرُ أن يُحقِّق الغرض المطلوب من الخطاب على نحو أفضل، وذلك بعكس الخطاب الفَجِّ الذي يُثير حساسية المخاطب، ويستولد الكثيرَ من الكراهية، والمماحكات التي لا طائلَ منها، كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك في مَعرض الإشادة بمنهجية التعامُل النبوية للرسول الكريم مع الآخرين بالقول: ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159].



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢