أرشيف المقالات

حديث: ليس من البر الصيام في السفر

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2حديث: ليس من البر الصيام في السفر   عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاماً ورجلًا قد ظلل عليه، فقال: "ما هذا؟" قالوا: صائم، قال: "ليس من البر الصيام في السفر". وفي لفظ لمسلم: "عليكم برخصة الله التي رخص لكم".   ♦ قال البخاري: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظلل عليه واشتد الحر ليس من البر الصوم في السفر[1].
وذكر الحديث.   ♦ قال الحافظ: (أشار بهذه الترجمة إلى أن سبب قوله صلى الله عليه وسلم: ليس من البر الصيام في السفر ما ذكر من المشقة وأن من روى الحديث مجرداً فقد اختصر القصة وبما أشار إليه من اعتبار شدة المشقة يجمع بين حديث الباب والذي قبله، فالحاصل أن الصوم لمن قوي عليه أفضل من الفطر والفطر لمن شق عليه الصوم أو أعرض عن قبول الرخصة أفضل من الصوم وإن من لم يتحقق المشقة يخير بين الصوم والفطر)[2] انتهى.   وأخرج مسلم عن أي سعيد قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام، قال: فنزلنا منزلاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم".
فكانت رخصة فمنا من صام ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلاً آخر فقال: "إنكم مصبحو عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا".
وكانت عزمة فأفطرنا، ثم قال: لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في السفر.   ♦ قال الحافظ: (وهذا الحديث شاهد لما قلناه من أن الفطر أفضل لمن شق عليه الصوم ويتأكد ذلك إذا كان يحتاج إلى الفطر للتقوى به على لقاء العدو، وروي الطبري في تهذيبه من طريق خيثمة سألت أنس بن مالك عن الصوم في السفر فقال: لقد أمرت غلامي أن يصوم، قال: فقلت له فأين هذه الآية فعدة من أيام أخر، فقال: إنها نزلت ونحن نرتحل جياعاً وننزل على غير شبع وأما اليوم فنرتحل شباعاً وننزل على شبع، فأشار أنس إلى الصفة التي يكون فيها الفطر أفضل من الصوم.   ♦ قوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر) في رواية أنها غزوة الفتح.   ♦ قوله: (فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه) وفي رواية ابن خزيمة فشق على رجل الصوم فجعلت راحلته تهيم به تحت الشجرة فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فأمره أن يفطر الحديث.   ♦ قوله: (ليس من البر الصيام في السفر).   ♦ قال الحافظ: قال الطبري بعد أن ساق نحو حديث الباب من رواية كعب بن عاصم الأشعري ولفظه سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في حر شديد فإذا رجل من القوم قد دخل تحت ظل شجرة وهو مضطجع كضجعة الوجع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لصاحبكم أي وجع به فقالوا ليس به وجع ولكنه صائم وقد أشتد عليه الحر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حينئذ ليس البر أن تصوموا في السفر عليكم برخصة الله التي رخص لكم فكان قوله صلى الله عليه وسلم ذلك لمن كان في مثل ذلك الحال وقال ابن دقيق العيد أخذ من هذه القصة أن كراهة الصوم في السفر مختصة بمن هو في مثل هذه الحالة ممن يجهده الصوم ويشق عليه أو يؤدي به إلى ترك ما هو أولى من الصوم من وجوه القرب فينزل قوله ليس من البر الصوم في السفر على مثل هذه الحالة.   ♦ قال الحافظ: وفي الحديث استحباب التمسك بالرخصة عند الحاجة إليها وكراهة تركها على ترك التشديد والتنطع)[3] انتهى والله الموفق.


[1] صحيح البخاري: (3 /44). [2] فتح الباري: (4/ 183). [3] فتح الباري: (4 /184).



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢