أرشيف المقالات

أقسام التوسل

مدة قراءة المادة : 19 دقائق .
2أقسام التوسل   التوسل قسمان: 1- التوسل المشروع: هو التوسل إلى الله باسم من أسمائه، أو صفة من صفاته، أو بعمل صالح، أو بطلب الدعاء من الرجل الصالح. 2- التوسل الممنوع: هو التوسل إلى الله بما لم يثبت في الشرع أنه وسيلة.
  قوله: «التوسل قسمان»: التوسل مأخوذ من الوسيلة، أو الوصيلة، وهي في الأصل ما يتوصل به إلى الشيء ويتقرب به[1].
قوله: «التوسل المشروع»: أي الذي شرعه الله سبحانه وتعالى في كتابه، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو ثلاثة أنواع ذكرها شيخنا حفظه الله.
قوله: «هو التوسل إلى الله باسم من أسمائه»: هذا النوع الأول من أنواع التوسل المشروع، ومعناه: أن يتقرب المسلم بأسماء الله سبحانه وتعالى في دعائه؛ ليستجيب له.
مثال ذلك: أن يقول: اللهم أسألك باسمك الفتاح أن تفتح بيني وبين قومي بالحق، أو يقول: أسألك باسمك الغفار أن تغفر لي خطايا، أو: أسألك باسمك العزيز أن تُعزَّ الإسلام والمسلمين.
ومن الأدلة على مشروعية هذا النوع: قول الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]، أي ادعو الله متوسلين بأسمائه الحسنى[2].
وعَنْ مِحْجَنِ بْنِ الْأَدْرَعِ رضى الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ المسْجِدَ، إِذَا رَجُلٌ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا اللهُ بِأَنَّكَ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ غُفِرَ لَهُ»، ثَلَاثًا[3].
قوله: «أو صفة من صفاته»: هذا تبع النوع الأول، ومعناه: أن يتقرب المسلم بصفات الله جل جلالة في دعائه؛ ليستجيب له.

مثال ذلك: أن يقول: اللهم أسألك برحمتك أن ترحمني، أو: اللهم أسألك بعزتك أن تعز أهل الحق، أو: اللهم أسألك بقدرتك أن تنصر الإسلام والمسلمين.
ومن الأدلة على مشروعية هذا النوع: قول الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]، ولا شك أنصفاته العليا عز وجل داخلة في هذا الطلب؛ لأن أسماءه الحسنى سبحانه صفات له، خُصَّت به تبارك وتعالى[4].
وقول الله تعالى: ﴿ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النمل: 19].
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْ تُضِلَّنِي»[5].
وعنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «اللهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي»[6].   قوله: «أو بعمل صالح»: هذا النوع الثاني من أنواع التوسل المشروع، ومعناه: أن يتقرب إلى الله بعمل صالح عمله؛ ليستجيب له.
مثال ذلك: أن يقول: اللهم أسألك بإيماني أن تغفر لي، أو: اللهم أسألك بمحبتي لك أن تفرِّج عني، أو: اللهم أسألك ببري لوالدي أن ترحمهما.
ومن الأدلة على مشروعية هذا النوع: قول الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 16]. وقول الله تعالى: ﴿ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 53]. وقول الله تعالى: ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 193].
وعَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ رضى الله عنه، قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلمرَجُلًا يَدْعُو وَهُوَ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ»، قَالَ: فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَ اللهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى»[7].
وعَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوْا المَبِيتَ إِلَى غَارٍ، فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ، فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ.
فَقَالُوا: إِنَّهُ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ.
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: اللهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكُنْتُ لَا أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلًا، وَلَا مَالًا[8]، فَنَأَى بِي فِي طَلَبِ شَيْءٍ يَوْمًا، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا، فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا، فَلَبِثْتُ وَالقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ، أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا، فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا، اللهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لَا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ»
.
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَقَالَ الآخَرُ: اللهُمَّ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ، كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَامْتَنَعَتْ مِنِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِي، فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي، وَبَيْنَ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ، حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا، قَالَتْ: لَا أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الخَاتَمَ[9] إِلَّا بِحَقِّهِ[10]، فَتَحَرَّجْتُ مِنَ الوُقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا، وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا، اللهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُغَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ مِنْهَا».
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَقَالَ الثَّالِثُ: اللهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ، فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ، فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الأَمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي، فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنَ الإِبِلِ، وَالبَقَرِ، وَالغَنَمِ، وَالرَّقِيقِ[11]، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ لَا تَسْتَهْزِئُ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ، فَاسْتَاقَهُ، فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، اللهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ»[12].
ففي هذا الحديث النبوي توسل الأول بإخلاصه في بره بوالديه. والثاني توسل بخوفه من عذاب الله سبحانه وتعالى بتركه الزنا ببنت عمه بعد أن قدر عليه. والثالث توسل بصدقه وأمانته بإعطائه أجرة أجيره كاملة بعد أن نمَّاها له.
قوله: «أو بطلب الدعاء من الرجل الصالح»: أي الحي، كأن يقع المسلم في ضيق وشدة، فيذهب إلى رجل مسلم يعتقد فيه الصلاح والتقوى، ويقول له: ادع لي أن يفرِّج الله عني.

ومن الأدلة على مشروعية هذا النوع: حديثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه، أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ وِجَاهَ[13]المِنْبَرِ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: هَلَكَتِ المَوَاشِي، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللهَ يُغِيثُنَا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، فَقَالَ: «اللهُمَّ اسْقِنَا، اللهُمَّ اسْقِنَا، اللهُمَّ اسْقِنَا» قَالَ أَنَسٌ: وَلَا وَاللهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ، وَلَا قَزَعَةً[14]، وَلَا شَيْئًا، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ[15] مِنْ بَيْتٍ، وَلَا دَارٍ، قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ[16]، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ، انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ، قَالَ: وَاللهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا[17]، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ البَابِ فِي الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللهَ يُمْسِكْهَا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلَا عَلَيْنَا، اللهُمَّ عَلَى الآكَامِ[18]، وَالجِبَالِ، وَالآجَامِ[19]، وَالظِّرَابِ[20]، وَالأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» قَالَ: فَانْقَطَعَتْ، وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ[21].

وَعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي زُمْرَةٌ هِيَ سَبْعُونَ أَلْفًا، تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ القَمَرِ»، فَقَامَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الأَسَدِيُّ، يَرْفَعُ نَمِرَةً[22] عَلَيْهِ، قَالَ: ادْعُ اللهَ لِي يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: «اللهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ»، ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: «سَبَقَكَ عُكَاشَةُ»[23].
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضى الله عنه، كَانَ إِذَا قَحَطُوا[24] اسْتَسْقَى[25] بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ: «اللهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا»، قَالَ: فَيُسْقَوْنَ[26].
فمما سبق تعلم أن التوسل المشروع الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وجرى عليه عمل السلف الصالح، وأجمع عليه المسلمون هو: 1- التوسل باسم من أسماء الله تبارك وتعالى أو صفة من صفاته. 2- التوسل بعمل صالح قام به الداعي. 3- التوسل بدعاء رجل صالح.
وأما ما عدا هذه الأنواع من التوسلات ففيه خلاف، والذي نعتقده وندين الله تعالى به أنه غير جائز، ولا مشروع، لأنه لم يرد فيه دليل، تقوم به الحجة، وقد أنكره العلماء المحققون في العصور الإسلامية المتعاقبة[27].
قوله: «التوسل الممنوع»: أي الذي لم يأذن به الله سبحانه وتعالى، أو رسوله صلى الله عليه وسلم.
قوله: «هو التوسل إلى الله بما لم يثبت في الشرع أنه وسيلة»: فكل ما لم يثبت في الشرع أنهه وسيلة لا يجوز التوسل به إلى الله، مثل: 1- التوسل إلى الله بجاه الأنبياء والصـالحين، ومنـزلتهم عند الله، وهذا من البدع المحدثة؛ لأنه توسل لم يشـرعه الله، ولم يأذن به. قال الله تعالى: ﴿ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ﴾ [يونس: 59].
ولأن جاه الصالحين ومكانتهم عند الله إنما تنفعهم هم، كما قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [النجم: 39].
قال الإمام أبو حنيفة، وصاحباه: «يكره أن يقول الداعي: أسألك بحق فلان، أو بحق أنبيائك ورسلك، وبحق البيت الحرام، والمشعر الحرام، ونحو ذلك»[28].
2- التوسل إلى الله تعالى بدعاء الموتى والغـائبين، والاستغاثة بهم، وسؤالهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، ونحو ذلك، فهذا من الشرك الأكبر الناقل من الملة؛ لأن فيه صرف العبادة لغير الله سبحانه وتعالى.
3- التوسل إلى الله بفعل العبادات عند القبور والأضرحة بدعـاء الله عندها، والبناء عليها، ووضع القناديل والستور، ونحو ذلك، وهذا من الشرك الأصغر المنافي لكمال التوحيد، وهو ذريعة مفضية إلى الشرك الأكبر.


[1] انظر: لسان العرب، والقاموس المحيط، مادة «وسل». [2] انظر: التوسل، للشيخ الألباني، صـ (30). [3] صحيح: رواه النسائي (1301)، وأحمد (18974)، وصححه الألباني. [4] انظر: التوسل، للشيخ الألباني، صـ (30). [5] متفق عليه: رواه البخاري (7383)، ومسلم (2717)، واللفظ له. [6] صحيح: رواه النسائي (1305)، وأحمد (18325)، وصححه الألباني. [7] صحيح: رواه الترمذي (3475)، والنسائي (7619)، وأحمد (22952)، وصححه الألباني. [8] أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلًا، وَلاَ مَالًا: أي ما كنت أقدم عليهما أحداً في شرب نصيبهما من اللبن الذي يشربانه.
[انظر: النهاية في غريب الحديث (3 /341)]. [9] أَنْ تَفُضَّ الخَاتَمَ: أي تكسره، وهو كناية عن افتضاض عذرة البكر، وقد يطلق على الوطء الحرام .
[انظر: النهاية في غريب الحديث (3 /454)، وفتح الباري (1 /168)]. [10] إلا بحقه: أي لا أحل لك أن تقربني إلا بتزويج صحيح.
[انظر: فتح الباري (6 /509)]. [11] الرقيق: العبيد.
[انظر: تهذيب اللغة، مادة «رقق»]. [12] صحيح: رواه البخاري (2272). [13]وِجَاهَ: أي في أي مواجهة.
[انظر: فتح الباري (2 /502)]. [14]قَزَعَةً: أي قطعة من الغيم.
[انظر: النهاية في غريب الحديث (4 /59)]. [15] سَلْعٍ: هُوَ جَبَلٌ بِقُرْبِ المَدِينَةِ.
[انظر: شرح صحيح مسلم، للنووي (6 /192)]. [16] مِثْلُ التُّرْسِ: أي مستديرة، والتشبيه في الاستدارة لا في القدر.
[انظر: عمدة القاري (7 /40)]. [17] سِتًّا: أي ستة أيام تامة.
[انظر: فتح الباري (2 /504)]. [18] الآكَامِ: جَمْعُ أَكَمَةٍ، وَهِيَ دُونَ الجَبَلِ، وَأَعْلَى مِنَ الرَّابِيَةِ، وَقِيلَ: دُونَ الرَّابِيَةِ.
[انظر: شرح صحيح مسلم، للنووي (6 /193)]. [19] الآجَامِ: أي الحصون.
[انظر: النهاية في غريب الحديث (1 /26)]. [20]الظِّراب: الجبال الصغار، واحدها: ظَرِب بوزن كَتِف.
[انظر: النهاية في غريب الحديث (3 /156)]. [21] متفق عليه: رواه البخاري (1013)، ومسلم (897). [22] نَمِرَةً: أي ثوب مخطط من صوف.
[انظر: النهاية في غريب الحديث (5/118)]. [23] متفق عليه: رواه البخاري (5811)، ومسلم (216). [24] قَحَطُوا: أي جدبوا.
[انظر: النهاية في غريب الحديث (4 /17)].
[25] اسْتَسْقَى: أي طلب السقيا: أي إنزال الغيث على البلاد والعباد.
[انظر: النهاية في غريب الحديث (2 /381)]. [26] صحيح: رواه البخاري (1010). [27] انظر: التوسل، للشيخ الألباني، صـ (42). [28] انظر: شرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العز الحنفي (1 /297).



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢