أرشيف المقالات

قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فهل إلى خروج من سبيل

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
2﴿ قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ﴾   قال الله تعالى: ﴿ قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ * ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ﴾ [غافر: 11، 12].   من فوائد الآيتين: 1- قال الكافرون: ربنا أمتَّنا مرتين: حين كنا في بطون أمهاتِنا نُطَفًا قبل نَفْخِ الرُّوح، وحين انقضى أجَلُنا في الحياة الدنيا، وأحييتنا مرَّتَينِ؛ في دار الدنيا، يوم وُلِدْنا، ويوم بُعِثْنا من قبورنا، فنحن الآن نُقِرُّ بأخطائنا السابقة، فهل لنا من طريق نخرج به من النار، وتُعيدُنا به إلى الدنيا لنعمَلَ بطاعتِكَ؟
2- هيهات أن ينفَعَ أهلَ النار هذا الاعترافُ[1]؛ لأنه جاء مُتأخِّرًا، وجاء منهم في وقت لا يُقبَل منهم.
3- تُصَوِّر الآية ذُلَّهم وحَسْرَتهم أكمل تصويرٍ، وأنهم يتمَنَّون العودة إلى الدنيا؛ ليتداركوا ما فاتهم، ولكن هذا التمنِّي والتلهُّف جاء بعد فوات الأوان[2].
4- أهمية العمل الصالح في الدنيا والآخرة.
5- عَدَلَ سبحانه عن جوابهم بالحرمان من الخروج إلى ذكر سبب وقوعِهم في العذاب، وهذا فيه إشعارٌ بتحقيرهم، وإيذانٌ بإهانتهم[3].
6- قوله تعالى: ﴿ ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ﴾ الكفر في مدلوله الخاص يدُلُّ على معنى تكذيب ما يجب الإيمان بالله ومقتضياته، والشرك يدلُّ على العبادة والتقرُّب لغير الله، والمشرك في الحقيقة كافر؛ لأنه أنكر شيئًا من حقِّ الله وعبادته وصَرَفَها لغيره، والكافر قد يكون مُشركًا أيضًا، وقد لا يكون مشركًا؛ كالملحد الذي ينكر وجود الرب، ولا يعبُد شيئًا، وبهذا يُمكن أن نقول: إن الكفر بمعناه العام جنس يشمل كل مَن خرَج عن الإيمان الصحيح، والشِّرْك نوع داخل فيه[4].
7- الذين ماتوا على الكُفْر حينما تنكشِفُ لهم الحقائق، وحينما يبدو لهم حجم الخسارة التي مُنُوا بها، وحينما يَروْنَ مصيرهم الأبدي، ويرون أن الدنيا مرَّتْ كلمْحِ البَصَر، وكأنَّها ساعة، وهذه الساعة قد جعلوها معصيةً، وكُفْرًا، وجريمةً، وانحرافًا، ساعة مَضَتْ كلمْحِ البَصَر، والأبَدُ لا ينتهي، هؤلاء يُصابُون بآلامٍ لا حدود لها[5].
8- من أسماء الله (العَلِيُّ) هو: اسم من أسماء الله تعالى، وهو على وزن (فعيل) بمعنى فاعل؛ أي: العالي، الذي ليس فوقه شيء، فهو سبحانه عالٍ فوق عرشه، ومستوٍ بذاته استواءً يليق به سبحانه، بائن عن جميع خَلْقِه، عليٌّ في ذاته، وعليٌّ في أسمائه، وعليٌّ في صفاته، وعليٌّ في أفعاله[6]، والكبير: قال الطبري: الكبير: يعني العظيم الذي كل شيء دونه، ولا شيء أعظم منه[7].
9- ورد في الآية الكريمة قبل الاسمين الكريمين (العلي الكبير) تقريرٌ وتأكيدٌ لأهمية توحيد الله عز وجل، وتوبيخٌ لأصحاب النار الذين يطلبون من ربِّهم أن يُعيدهم إلى الدنيا؛ ليعملوا صالحًا غير الذي كانوا يعملون؛ لأنهم لم يقبلوا توحيد الله عز وجل في الدنيا؛ بل كانوا إذا دُعُوا إلى توحيده يكفرون، وإن يُشرَكْ به تعالى يؤمنوا، فكان الحكم القاطع بعدم إجابتهم من الله العلي الذي ليس أعلى منه أحد، الكبير الذي ليس أكبر منه أحد، ومِن ثَمَّ فلا حُكم بعد حكمه سبحانه، فقد جاء اقتران الاسمين العلي والكبير بما يتناسب مع السياق وموضوع السورة[8].
10- الحياة والموت بيد الله سبحانه. 11- أهمية التوحيد، وعدم الإشراك به. 12- التوحيد هو الذي دَعَتْ إليه الرسل. 13- أخذوا يدعون الله بربوبيته، وتلطَّفوا به سبحانه بضمير المتكلمين؛ ظنًّا منهم أن هذا يُجدي نفعًا، ونَسوا أنهم يُكلِّمون الذي يعلم السِّرَّ وأخفى.


[1] من 1-2 مستفاد من التفسير المُيسَّر؛ لمجموعة من العلماء ص 304. [2] التفسير الوسيط 12 /267. [3] تفسير التحرير والتنوير؛ لابن عاشور 24 /100. [4] سؤال في الفرق بين الكفر والشرك؛ للشيخ خالد بن سعود البليهد، موقع صيد الفوائد. [5] التفسير المطول، سورة غافر 040 - الدرس (04-20). [6] مفهوم الأسماء والصفات لسعد بن عبدالرحمن ندا، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، عدد 48، ص 64.
موقع مدرسة محمد، موسوعة العقيدة الإسلامية. [7] جامع البيان في تأويل القرآن؛ لابن جرير الطبري 18 /676. [8] مفهوم الأسماء والصفات لسعد بن عبدالرحمن ندا، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، عدد 48، ص 64، موقع مدرسة محمد، موسوعة العقيدة الإسلامية.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢