أرشيف المقالات

من قصص تفريج الكربات

مدة قراءة المادة : 15 دقائق .
2من قصص تفريج الكربات
سوف نذكر بعض صور تفريج الله تعالى للكربات عن أصحابها: (1) انتصار المسلمين في غزوة بدر: روى أحمد عن ابن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: لما كان يوم بدر نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه، وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مد يديه، وعليه رداؤه وإزاره، ثم قال: ((اللهم أين ما وعدتني، اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة (الجماعة) من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدًا))، قال: فما زال يستغيث ربه عز وجل ويدعوه حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فردَّاه، ثم التزمه من ورائه، ثم قال: يا رسول الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [الأنفال: 9]؛ فلما كان يومئذ والتقوا، فهزم الله المشركين، فقتل منهم سبعون رجلًا، وأسر منهم سبعون رجلًا؛ (حديث حسن؛ مسند أحمد ج1 - ص 334، حديث: 208).
• قال الله تعالى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 9 - 13].
• قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: قوله: (تستغيثون ربكم)؛ أي: تستجيرون به من عدوكم، وتدعونه للنصر عليهم. قوله: (فاستجاب لكم)؛ أي: فأجاب دعاءكم بأني ممدكم بألف من الملائكة يردف بعضهم بعضًا، ويتلو بعضهم بعضًا؛ (تفسير الطبري ج11 - ص 50).
(2) نزول المطر يوم الجفاف: روى الشيخان عن أنس بن مالك يذكر أن رجلًا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه (أي مواجهة) المنبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا فقال: يا رسول الله، هلكت المواشي، وانقطعت السبل؛ فادع الله يغيثنا قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: ((اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا))؛ قال أنس: والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعةً (قطعةً من السحاب)، ولا شيئًا وما بيننا وبين سلع (اسم جبل) من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس (أي مستديرة)، فلما توسطت السماء انتشرت، ثم أمطرت؛ (البخاري حديث 1013، مسلم حديث 897).

(3) توبة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك: قال الله تعالى: ﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 118].
• قوله: ﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ﴾ [التوبة: 118]. هم الثلاثة الذين أخر الله تعالى ذكر قبول توبتهم، وهم: مرارة بن الربيع، وكعب بن مالك، وهلال بن أمية، قعدوا عن غزوة تبوك في جملةِ مَن قعد، كسلًا وميلًا إلى الدَّعة (أي الراحة) والحفظ، وطيب الثمار والظلال، لا شكًّا ونفاقًا، فكانت منهم طائفة ربطوا أنفسهم بالسواري، كما فعل أبو لبابة وأصحابه (إعلانًا عن توبتهم)، وطائفة لم يفعلوا ذلك، وهم هؤلاء الثلاثة المذكورون، فنزلت توبة أولئك قبل هؤلاء، وأرجى هؤلاء عن التوبة حتى نزلت الآية الآتية، وهي قوله: ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 117] ﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 118]؛ (تفسير ابن كثير ج4 - ص: 210).
• قوله تعالى: ﴿ ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ﴾ [التوبة: 118]؛ أي: ضاقت عليهم الأرض بما اتسعت، غمًّا وندمًا؛ لأنهم كانوا مهجورين لا يعاملون ولا يكلمون، قوله: (وضاقت عليهم أنفسهم)؛ أي: ضاقت صدورهم بالهم والوحشة، وبما لقوه من الصحابة من الجفوة.
قوله: (وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه)؛ أي: تيقنوا أن لا ملجأ يلجؤون إليه في الصفح عنهم، وقبول التوبة منهم إلا إلى الله تعالى؛ (تفسير القرطبي ج 8 - ص 287).
(4) جريج العابد: روى الشيخان عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((كان جريج رجلًا عابدًا، فاتخذ صومعةً، فكان فيها، فأتته أمه وهو يصلي، فقالت: يا جريج، فقال: يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت: يا جريج، فقال: يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي فقالت: يا جريج، فقال: أي رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات، فتذاكر بنو إسرائيل جريجًا وعبادته، وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننه لكم، قال: فتعرضت له، فلم يلتفت إليها، فأتت راعيًا كان يأوي إلى صومعته، فأمكنته من نفسها، فوقع عليها فحملت، فلما ولدت قالت: هو من جريج! فأتوه فاستنزلوه، وهدموا صومعته، وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيت بهذه البغي، فولدت منك، فقال: أين الصبي؟ فجاؤوا به، فقال: دعوني حتى أصلِّي، فصلَّى، فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه، وقال: يا غلام من أبوك؟ قال: فلان الراعي، قال: فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به، وقالوا: نبني لك صومعتك من ذهب، قال: لا، أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا؛ (البخاري حديث: 2482، مسلم حديث: 2550).
(5) روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أسلمت امرأة سوداء لبعض العرب، وكان لها حفش (خباء) في المسجد، قالت: فكانت تأتينا فتحدث عندنا، فإذا فرغت من حديثها قالت: ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا *** ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني
فلما أكثرت قالت لها عائشة: وما يوم الوشاح؟ قالت: خرجت جويرية لبعض أهلي، وعليها وشاح من أدم، فسقط منها، فانحطت عليه الحديا، وهي تحسبه لحمًا، فأخذته فاتهموني به فعذبوني، حتى بلغ من أمري أنهم طلبوا في قُبُلي، فبينا هم حولي وأنا في كربي، إذ أقبلت الحديَّا حتى وازت برؤوسنا، ثم ألقته، فأخذوه، فقلت لهم: هذا الذي اتهمتموني به وأنا منه بريئة؛ (البخاري حديث: 3835).
(الوشاح) شيء ينسج من جلد عريضًا، ويرصع باللؤلؤ، وتشده المرأة بين عاتقها؛ (فتح الباري، لابن حجر العسقلاني ج1- ص 534).
(6) قال الحسن بن الحسن بن علي: إن عبد الله بن جعفر، زوج ابنته فخلا بها، فقال: إذا نزل بك الموت، أو أمر من أمور الدنيا فظيع، فاستقبليه بأن تقولي: «لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين»، قال الحسن بن الحسن: فبعث إليَّ الحجاج، فقلتهن، فما قمت بين يديه، فقال: والله لقد أرسلت إليك، وأنا أريد أن أضرب عنقك، ولقد صرت وما من أهل بيت أحد أكرم عليَّ منك، سلني حاجتك؛ (مصنف ابن أبي شيبة ج6 - ص23، رقم: 29179).
(7) محمد بن إسماعيل البخاري: قال محمد بن أبي حاتم: سمعت البخاري يقول: خرجت إلى آدم بن أبي إياس، فتخلفت عني نفقتي، حتى جعلت أتناول الحشيش، ولا أخبر بذلك أحدًا، فلما كان اليوم الثالث أتاني آت لم أعرفه، فناولني صرة دنانير، وقال: أنفق على نفسك؛ (سير أعلام النبلاء، للذهبي ج12 - ص448).
(8) منذر بن سعيد: قال منذر بن سعيد: ذهبت إلى الحج مع قوم على أقدامنا، فانقطعنا واحتجنا إلى الماء في الحجاز، وتهنا في الصحراء، فأوينا إلى غار ننتظر الموت، فوضعت رأسي ملصقًا بالجبل، فإذا حجر كان في قبالته، فعالجته، فنزعته، فانبعث الماء، فشربنا وتزودنا؛ (سير أعلام النبلاء، للذهبي ج16 - ص175).
(9) قال أيوب بن معمر: حاصر أمير المؤمنين هارون الرشيد حصنًا، فإذا سهم قد جاء ليس له نصل حتى وقع بين يديه، مكتوب عليه: إذا شاب الغراب أتيت أهلي *** وصار القار كاللبن الحليب
فقال أمير المؤمنين هارون الرشيد: اكتبوا عليه وردوه: عسى الكرب الذي أمسيت فيه *** يكون وراءه فرج قريب قال: فافتتح الحصن بعد ذلك بيومين، أو ثلاثة، فكان الرجل صاحب السهم ممن تخلص، وكان مأسورًا محبوسًا فيه سنتين؛ (الفرج بعد الشدة، لابن أبي الدنيا، ص77).
(10) صلة بن أشيم: قال جعفر بن زيد العبدي: خرجنا غزاةً إلى كابل (عاصمة أفغانستان)، وفي الجيش صلة بن أشيم، فلما دنونا من أرض العدو، قال الأمير: لا يشذن (أي يبتعد) من العسكر أحد، فذهبت بغلة صلة بثقلها، فأخذ يصلي فقيل: إن الناس قد ذهبوا، فقال: إنما هما خفيفتان، قال: فدعا، ثم قال: اللهم إني أقسم عليك أن ترد عليَّ بغلتي وثقلها، قال: فجاءت حتى وقفت بين يديه؛ (مجابو الدعوة، لابن أبي الدنيا، ص49- رقم: 55).
(11) علي بن عقيل الحنبلي: قال علي بن عقيل: حججت، فالتقطت (أي وجدت) عقد لؤلؤ في خيط أحمر، فإذا شيخ أعمى ينشده، ويبذل لملتقطه مائة دينار، فرددته عليه، فقال: خذ الدنانير فامتنعت، وخرجت إلى الشام، وزرت القدس، وقصدت بغداد، فأويت بحلب إلى مسجدٍ وأنا بردان جائع، فقدموني، فصليت بهم، فأطعموني، وكان أول رمضان، فقالوا: إمامنا توفي، فصلِّ بنا هذا الشهر، ففعلت فقالوا: لإمامنا بنت، فزوجت بها، فأقمت معها سنة، وأولدتها ولدًا ذكرًا، فمرضت في نفاسها، فتأملتها يومًا فإذا في عنقها العقد بعينه بخيطه الأحمر، فقلت لها: لهذا قصة، وحكيت لها، فبكت، وقالت: أنت هو والله، لقد كان أبي يبكي، ويقول: اللهم ارزق بنتي مثل الذي رد العقد علي، وقد استجاب الله منه، ثم ماتت، فأخذت العقد والميراث، وعدت إلى بغداد؛ (سير أعلام النبلاء، للذهبي، ج19 ص450: 449).
(12) قال الأصمعي: حدثني أبو عمرو بن العلاء، قال: هربت من الحَجَّاج، وكنت باليمين على سطحٍ يومًا، فسمعت قائلًا يقول: ربما تكره النفوس من الأمـ *** ـر له فرجة كحل العقال قال: فخرجت فإذا رجل يقول: مات الحجاج، فما أدري بأيهما كنت أشد فرحًا، بفرجه أو بموت الحجاج؟ (الفرج بعد الشدة، لابن أبي الدنيا، ص: 74، رقم: 77).
(13) قال أبو بلج الفزاري: أتي الحجاج بن يوسف برجل كان جعل على نفسه إن ظفر به أن يقتله، فلما أدخل عليه تكلم بشيء، فخلى سبيله، فقيل له: أي شيء قلت؟ قال: قلت: «يا عزيز، يا حميد، يا ذا العرش المجيد، اصرف عني شر كل جبار عنيد»؛ (الفرج بعد الشدة، لابن أبي الدنيا، ص: 63، رقم: 59).
(14) قال عامر الشعبي، كنت جالسًا عند زياد بن أبيه، فجيء برجل إلى زياد يحمل ما يشك في قتله فحرك الرجل شفتيه بشيء ما ندري ما هو؟ فخلى سبيله، فقلت له: ما قلت؟ قال: قلت: اللهم رب إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، ورب جبريل وميكائيل وإسرافيل، ومنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم، ادرأ عني شر زياد، فدرئ عنه شره؛ (الفرج بعد الشدة، لابن أبي الدنيا، ص: 68، رقم: 68).



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن