أرشيف المقالات

فوائد من قوله تعالى: هل ينظرون إلا تأويله

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
2فوائد من قوله تعالى: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ...

قال تعالى: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [الأعراف: 53].   من فوائد الآية: 1- قوله: ﴿ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾؛ أي: فلم ينتفعوا بها، وكلُّ مَن لم ينتفِع بنفسه فقد خسِرها، وقيل: خسروا النِّعَم وحظَّ أنفسِهم منها.   2- أعذَر الله سبحانه الناس بإرسال الرسل، وإنزال الكتب.
3- في يوم القيامة يُعاين المشركون الذين كذَّبُوا بالرُّسُل العذابَ، ويعلمون أنَّ الرُّسُلَ قد جاؤوا بالحق من ربِّهم، ويتحقق ما وعدوهم به، ويعترفون بذلك ويُقِرُّون به؛ لكن هذا الاعتراف والإقرار جاءَا في وقت لا يُقبَل منهم، ويتمنَّون أن يجدوا شُفعاءَ يشفعوا لهم عند الله؛ كي يُردُّوا للدنيا مرَّة أخرى؛ ليعملوا صالحًا غير الذي عمِلوه من السوء، ولكن هَيْهَات أن يُستجابَ لهم، وهيهات أن يعودُوا، فهي أمنيات جوفاء فارغة كاذبة.
4- قوله: ﴿ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ ﴾: استفهام فيه معنى التمني[1]، وتُحِسُّ مع تَمَنِّيْهِم الألم، والحسرة، والنَّدَامة.
5- قوله: ﴿ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ ﴾؛ أي: يقول الذين ضَيَّعوا وتركُوا ما أُمِرُوا به مِن العمل في الدنيا، والذي يُنْجِيهِمْ مِن هذا العَذَاب: ﴿ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ﴾، أَقْسَمَ المساكين حين عَايَنُوا البلاء، وحَلَّ بِهم العِقاب أنَّ رُسُل اللَّه التي أَتَتْهُمْ بِالنِّذَارَةِ، وَبَلَّغَتْهُم عن اللَّه الرِّسالة، قد كانت نَصَحَتْ لَهُمْ وَصَدَقَتهمْ عن اللَّه، وذلك حين لا يَنْفَعُهُم التَّصديق، وَلَا يُنْجِيهِم من سَخَط اللَّه وَأَلِيم عِقابه، كَثْرة القِيل والقال[2].
6- قوله: ﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾؛ أي: وبطَل عنهم ما كانوا يتخرَّصون من الفِرْية والكذب على الله بدعواهم أوثانَهم أنها لله شركاءُ، وأنها تُقرِّبهم منه زُلْفى[3].
7- قوله: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ ﴾: النظر هنا بمعنى الانتظار، والتوقُّع لا بمعنى الرؤية، فالمراد: ينتظرون ويتوقَّعُون، وتأويل الشيء: مَرْجِعُهُ ومَصِيرُه الذي يؤول إليه ذلك الشيء.
8- قوله: ﴿ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ﴾؛ أي: إنه لا طريق لنا إلى الخلاص ممَّا نحن فيه من العذاب الشديد إلا أحد هذين الأمرين، وهو أن يَشفَعَ لنا شفيع؛ فلأجل تلك الشفاعة يزُول هذا العذاب، أو يردنا الله إلى الدنيا؛ حتى نعمل غير ما كنا نعمل.
9- قوله: ﴿ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ﴾: هذا الجزء من الآية الكريمة يُصوِّر لنا حَسرتهم يوم القيامة تصويرًا يَهِزُّ المشاعر، ويَحمِلُ العقلاء على الإيمان والعمل الصالح[4].
10- الشفاعة: الانضمام إلى آخر ناصرًا له وسائلًا عنه، وأكثر ما يستعمل في انضمام مَنْ هو أعلى حرمةً ومرتبةً إلى مَنْ هو أدنى[5]، فهم يطلبون من يكون لهم عونًا، وناصرًا في ذلك اليوم العصيب.
11- عبَّر سبحانه بقوله: ﴿ نَسُوهُ ﴾ ولم يقل: ضيَّعُوه أو تركوه؛ لأن النسيان يشمل ذلك كلَّه، فيشمل التضييع، والترك، والإهمال، وعدم الذِّكْر، والغفلة، والإعراض.
12- الله سبحانه يصِفُ لنا وَصْفًا دقيقًا حال هؤلاء، وكيف آل بهم المآل إلى هذه الحالة البئيسة، فهو خُسران مبين، ليس بعده خسران، خسروا أنفسهم، فخسِروا كلَّ شيء، ولم يبْقَ لهم شيءٌ سوى العذاب، والخِزي والنَّدامة والحَسرة.
13- عذاب الله واقعٌ لا محالةَ.
14- الرُّسُلُ والأنبياء عليهم الصلاة والسلام قاموا بما أمرهم الله به؛ من تبليغ الناس ودعوتهم، وتحذيرهم من الشِّرْك خير قيام.
15- قوله: ﴿ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا...
﴾ عرضوا السؤال بطريقة الاستجداء، والتوسُّل، والتذلُّل، والخشوع، والاستسلام، فيحمل السؤال كل هذه المعاني مع الحسرة والندم.
16- ينكشف للمجرمين يوم القيامة الأهوال والعذاب، وأمورٌ لم يَحسِبوا لها، ولم يكونوا يتوقَّعُونها.


[1] من 1 - 3 مستفاد من الجامع لأحكام القرآن؛ للقرطبي 7 /196، موقع إسلام ويب. [2] جامع البيان في تفسير القرآن لابن جرير الطبري 7 /196، موقع إسلام ويب. [3] المرجع السابق 15 /82، موقع إسلام ويب. [4] من 8 - 9 مستفاد من التفسير الوسيط 5 /282. [5] المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني، ص 263، مادة شفع.



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن