أرشيف المقالات

توحيد اﻷلوهية (2)

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2الحلقة الثالثة من حلقات التوحيد توحيد اﻷلوهية (2)   الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقد تحدَّثتُ في الحلقة الثانية عن توحيد اﻷلوهية؛ أي: العبادة، وهذه الحلقات إنما هي إشارات ومحطَّات تنبيه؛ لأنه يصعُب في وسيلة طبيعتها الاختصار أن أُلِمَّ بجميع أطراف موضوع مهم؛ كالتوحيد وخاصة اﻷلوهية؛ ولكن لعِظَم شأن توحيد اﻷلوهية - أي: العبادة - ولكون الشرك إنما حصل فيه ولضَعف تحقيقه، فستكون هذه الحلقة استكمالًا لما سبَق عنه، فأقول مستعينًا بالله: 1- تحقيق توحيد اﻷلوهية معناه: إخلاص العبادة لله، وتنقيتها من الشركين: اﻷكبر، واﻷصغر (كالرياء).   2- العبادة الحقيقية المقبولة هي ما تضمَّنت إخلاصًا لله ومتابعةً للنبي صلى الله عليه وسلم وذلًّا ومحبة لله؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]؛ أي: المخلصين، وقال سبحانه: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ﴾ [النساء: 125].   فإسلام الوجه هو: ♦ اﻹخلاص. ♦ واﻹحسان. ♦ ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم.   3- ومفهوم العبادة واسعٌ، فتشمل كما قال شيخ اﻹسلام ابن تيمية رحمه الله: "كل ما يُحبُّه الله ويرضاه من اﻷقوال واﻷعمال الظاهرة والباطنة"؛ أي: أعمال الجوارح والقلوب.   4- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتابه "القول المفيد": "من العجيب أن أكثر المصنِّفين في علم التوحيد من المتأخِّرين، يركِّزون على توحيد الربوبية، وكأنما يُخاطبون أقوامًا ينكرون وجود الرب؛ ولكن ما أكثرَ المسلمين الواقعين في شِرك العبادة! ولهذا ينبغي أن يُركَّزَ على هذا النوع".   وردت أدلَّة كثيرة تُبيِّن فضيلة تحقيق التوحيد؛ يفرح المؤمن وهو يسمع بها، ويزداد محبَّةً لربِّه وإخلاصًا له، وتحقيقًا للتوحيد، وتطرد اليأس والقنوط من قلبه؛ منها: أ- قوله سبحانه: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82] بظلم؛ أي: بشرك، واﻷمن؛ أي: اﻷمن من العذاب.   ولَمَّا نزلت هذه اﻵية شقَّ ذلك على الصحابة، وقالوا: أيُّنا لم يظلم نفسَه؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس اﻷمر كما تظنُّون، إنما المراد به الشرك، ألم تسمعوا إلى قول الرجل الصالح - يعني: لقمان -: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]))؛ رواه البخاري.   إمَّا أمنًا مطلقًا أو مطلق اﻷمن؛ بحيث يُعذَّب بحسب ذنوبه، ثم يدخل الجنة، فالموحِّد ﻻ يُخلَّد في جهنم.   ب- قال صلى الله عليه وسلم: ((أسعد الناس بشفاعتي من قال: ﻻ إله إلَّا الله خالصًا من قلبه))؛ صحيح البخاري.   ج- ((إن الله حرَّم على النار مَن قال: ﻻ إله إﻻ الله، يبتغي بذلك وجه الله عز وجل))؛ رواه البخاري.   د- ((أشهد أن ﻻ إله إلَّا الله، وأني رسول الله، ﻻ يَلقى الله بهما عبدٌ غير شاكٍّ فيهما إلَّا دخل الجنة))؛ رواه مسلم.   وأكتفي بهذا القدر حتى ﻻ أُطيل، والحلقة الرابعة ستكون عمَّا يضادُّ التوحيد، وهو الشرك، وأسأل الله أن يرزقكم التوحيد الخالص، ومرافقة اﻷنبياء في الفردوس ووالديكم ومَنْ تُحبُّون، وصلِّ اللهمَّ على سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه ومَنْ والاه.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣