أرشيف المقالات

الجهر في نفل الليل المطلق والرواتب عدا راتبة الفجر

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
2الجهر في نفل الليل المطلق والرواتب عدا راتبة الفجر
القول الأول: الأفضل الجهر: وهو مذهب الأحناف[1] والمالكية[2] والحنابلة[3] والظاهر أنَّه مذهب محمد بن سيرين [4].   الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: ٢١].   الدليل الثاني: في حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه: «صَلُّوا كَما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»[5].   الدليل الثالث: أحاديث الجهر بقيام الليل مذكورة في بحث مستقل. وجه الاستدلال: جهر النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل وأمرنا بمتابعته. الرد: فرق بين قيام الليل ورواتب الصلاة الجهرية.   الدليل الرابع: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «رمقت النبي صلى الله عليه وسلم أربعاً وعشرين مرة، أو خمساً وعشرين مرة يقرأ في الركعتين قبل الفجر وبعد المغرب ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ و﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾».   الدليل الخامس: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: «ما أحصي ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل صلاة الفجر بــ ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ و﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾». وجه الاستدلال: جهر النبي صلى الله عليه وسلم في راتبة المغرب. الرد: تقدم أنَّ الحديثين ضعيفان.   الدليل السادس: النوافل يكمل بها الفريضة فتعطى حكمها في الجهر[6]. الرد: كونها تكملة لنقص الفريضة لا تعطى حكمها من كل وجه.   الدليل السابع: الجهر مشروع في الفرائض الليلة فكذلك في رواتبها[7]. الرد: شرع الجهر في الفرض لأجل الجماعة بخلاف السنن الرواتب. الجواب: يأتي تقدم مشروعية الجهر للمنفرد.   القول الثاني: يسر في الرواتب ويجهر في النفل المطلق: مذهب الشافعية [8]. الدليل الأول: أحاديث الجهر في قيام الليل. وجه الاستدلال: قيام الليل نفل مطلق فكذلك من تنفل نفلاً مطلقاً فيستحب له الجهر بالقراءة.   الدليل الثاني: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي راتبة المغرب والعشاء فلو جهر بهما لنقل لنا بإسناد صحيح، والله أعلم. الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ السنة الإسرار في راتبتي المغرب والعشاء فلم أقف على نص صحيح صريح في أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر بهما ومن جهر فلا حرج فالواجب القراءة والجهر والإسرار قدر زائد عن ذلك وذكرت في أحاديث وآثار قيام الليل أنَّي لم أقف على أحد خالف في الجهر في صلاة القيام والله أعلم.   تنبيه: مسألة الجهر والإسرار في راتبة الفجر في بحث مستقل.


[1] قال العيني في البناية (2/ 345) التطوع بالليل يخير المتطوع بين الجهر والإخفاء، ولكن الجهر أفضل. وانظر: المحيط البرهاني (1/ 300) والبحر الرائق (1/ 585) وتبيين الحقائق (1/ 327). [2] قال خليل في التوضيح (1/ 368) (ويجوز الإسرار في النوافل ليلاً) أي: والأفضل الجهر. وانظر: شرح التلقين (2/ 816) والتاج والإكليل (2/ 372) ومواهب الجليل (2/ 373) ومنح الجليل (1/ 205). [3] قال البهوتي في كشاف القناع (1/ 344) (و) المتنفل (ليلاً يراعي المصلحة) فإن كان بحضرته أو قريباً منه من يتأذى بجهره أسر، وإن كان من ينتفع بجهره جهر. وانظر: المغني (1/ 773) والمبدع (1/ 444) والإنصاف (2/ 57) ومعونة أولي النهى (2/ 125). [4] تقدم في الجهر في راتبة الفجر أنَّ ابن سيرين يتطوع بالنهار فيسمع. [5] رواه البخاري (631). [6] انظر: فتح القدير (1/ 285). [7] انظر: المحيط البرهاني (1/ 300). [8] قال النووي في روضة الطالبين (1/ 248) نوافل الليل، فقال صاحب التتمة يجهر، وقال القاضي حسين، وصاحب التهذيب: يتوسط بين الجهر والإسرار، وهو الأصح.
ويستثنى ما إذا كان عنده مصلون، أو نيام يهوش عليهم فيسر، ويستثنى التراويح، فيجهر فيها.
وقال في المجموع (3/ 391) السنن الراتبة مع الفرائض فيسر بها كلها باتفاق أصحابنا. تنبيه: اختلف فقهاء الشافعية بالمراد بالتوسط بين الجهر والإسرار: قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب (1/ 156) (وفي نوافل الليل المطلقة يتوسط بين الإسرار، والجهر إن لم يشوش على نائم، أو مصلٍ) ، أو نحوهما وإلا أسرَّ وخرج بالمطلقة وهي من زيادته غيرها كسنة العشاءين ...
الجهر أن يسمع من يليه، والإسرار أن يسمع نفسه حيث لا مانع كما مر، والتوسط بينهما قال بعضهم يعرف بالمقايسة بهما كما أشار إليه قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ ﴾الآية [الإسراء: 110] قال الزركشي، والأحسن في تفسيره ما قاله بعض الأشياخ أن يجهر تارة ويسر أخرى كما ورد في فعله صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل. وانظر: تحفة المحتاج (1/ 196) ومغني المحتاج (1/ 320) ونهاية المحتاج (1/ 494).



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣