أرشيف المقالات

شرح البيقونية: الحديث الحسن

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2شرح البيقونية: الحديث الحسن
قوله: والحسن: المعروفْ طرقًا وغدت  *** رِجاله لا كالصحيح اشتهرت   «يقول في تعريف الحديث الحسن: أنه ما غدت رجاله اشتهرت، لكنه نزل عن درجة الصحيح، وعرَّفه بأنه معروفة طرقه يعني أسانيده معروفة، وأن رجاله موثقون، وأنه متصل إلا أن رجاله وحملته ليسوا في الشهرة كرجال الصحيح، بل هم أقل منهم شهرة، فهو يُقبلُ ويُعمَل به، ولكن منزلته دون منزلة الصحيح، لنزول درجة رجاله، فمن المعلوم أن رجال الحديث يتفاوتون في الثقة والحفظ»[1].   وعرَّف الخطابي الحديث الحسن بتعريف قريب من هذا، فقال: «الحسن هو ما عرف مخرجه واشتهر رجاله، وعليه مدار أكثر الحديث، وهو الذي يقبله العلماء ويستعمله عامة الفقهاء»[2].   وقد تعقبه الذهبي، فقال: «هذه العبارة ليست من صناعة الحدود والتعريفات، إذ الصحيح ينطبق عليه ذلك أيضًا»[3].   فالصحيح: يعرف مخرجه وتشتهر رجاله.   ففرق الناظم بين الصحيح والحسن، فقال: «رجاله لا كالصحيح اشتهرت»؛ أي: شهرة رجال الحديث الحسن ليست كشهرة رجال الحديث الصحيح، ولكن قوله: «المعروف طرقًا»، فكذلك الصحيح طرقه معروفة.   لذلك استدرك على الناظم هذا البيت، فقال بعض العلماء: والحسن الخفيف ضبطًا إذ غدت *** رجاله لا كالصحيح اشتهرت فهذا التعريف أضبط وأقعد.   فنقول الحسن: «هو الحديث الذي اتصل سنده بنقل العدل الذي خف ضبطه عن مثله من غير شذوذ ولا علة»[4].   قال الحافظ ابن حجر: «خبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط متصل السند غير معلل ولا شاذ، هو الصحيح لذاته».   ثم قال: «وإن خف الضبط، فهو الحسن لذاته»[5].   وهذا هو تعريف الحسن لذاته، فالحسن لذاته شروطه خمسة مثل شروط الحديث الصحيح، ولكن بدلًا من تام الضبط نقول: خفَّ ضبطُه.   وعرفه الذهبي فقال: «الحسن ما ارتقى عن درجة الضعيف، ولم يبلغ الصحة، فهو في منزلة بين الضعيف والصحيح. وإن شئت قلت: الحسن ما سلِم مِن ضعف الرواة، وهذا هو الحسن لذاته»[6].   مثال الحديث الحسن: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكثروا من شهادة أن لا إله إلا الله، قبل أن يحال بينكم وبينهما، ولقِّنوها موتاكم))[7].   فهذا إسنادٌ حسن؛ لأن ضمام بن إسماعيل قال عنه الحافظ الذهبي: صالح الحديث، ليَّنه بعضهم بلا حجة[8].   والحديث الحسن ينقسم إلى قسمين: 1- حسن لذاته. 2- حسن لغيره.   ♦ فالحسن لذاته: «هو ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خَفَّ ضبطه عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة»[9]. ♦ أما الحسن لغيره فهو: «الضعيف إذا تعددت طرقه، ولم يكن سبب ضَعفه فسق الراوي أو كذبه»[10].   وقال الشيخ ابن عثيمين في تعريفه الحسن لغيره: «هو الضعيف إذا تعدَّدت طرقه على وجهٍ يجبر بعضها بعضًا»[11]. ومن الكتب التي هي مظنة الحديث الحسن سنن أبي داود وسنن الترمذي.


[1] الثمرات الجنية؛ للشيخ ابن جبرين ص (28). [2] معالم السنن؛ للخطابي (1 /6). [3] الموقظة ص (6). [4] التعليقات الأثرية (32). [5] النخبة مع نزهة النظر (ص84). [6] الموقظة؛ للذهبي ص (6). [7] رواه أبو يعلي (6147). [8] ميزان الاعتدال (2/329). [9] تيسير مصطلح الحديث (ص 46). [10] تيسير مصطلح الحديث ص (52). [11] شرح البيقونية؛ لابن عثيمين ص (46).



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣