أرشيف المقالات

تقييد السنة للقرآن

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2تقييد السنة للقرآن   الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبيَّ بعده.   تقييد السنة للقرآن الكريم ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: تقييد السُّنة المتواترة للقرآن: اتفق العلماء: على جواز تقييد السُّنة المتواترة للقرآن[1].   وقد ذكر العلماء أنَّ التقييد يجري مجرى التخصيص، وممن صرَّح بذلك: 1- الآمدي - رحمه الله - في قوله: (وإذا عُرِفَ معنى المطلق والمقيد، فكلُّ ما ذكرناه في مُخصِّصات العموم من المتفق عليه والمختلف فيه، والمزيف والمختار؛ فهو بعينه جارٍ في تقييد المطلق، فعليك باعتباره ونقلِه إلى ها هنا)[2].   2- الشوكاني - رحمه الله - في قوله: (اعلم أنَّ ما ذُكِرَ في التخصيص للعام فهو جارٍ في تقييد المطلق، فارجع في تفاصيل ذلك إلى ما تقدَّم في باب التخصيص، فذلك يغنيك عن تكثير المباحث في هذا الباب)[3].   الدليل: قوله تعالى: ﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ [النساء: 11]. جاء تقييد هذا النص المطلق في الوصية، بعدم الزيادة فيها على الثلث، في قوله صلى الله عليه وسلم: (فَالثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ)[4].   وقد أجمع العلماء: على جواز تخصيص الكتاب بالسُّنة المتواترة، كما سبق ذِكره[5]، والتقييد يجري مجرى التخصيص.   القسم الثاني: تقييد خبر الآحاد للقرآن: اختلف العلماء: في تقييد خبر الواحد للقرآن على أربعة أقوال، والراجح: جواز تقييد خبر الآحاد للقرآن، وهو قول جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية والمحدِّثين[6].   الأدلة: 1- تخصيص قوله تعالى: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ ﴾ [النساء: 24].
بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ على عَمَّتِهَا، ولا عَلَى خَالَتِهَا)[7].
فالحِلُّ العام في الآية خُصِّص بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، والتقييد يجري مجرى التخصيص، كما سبق ذِكره.   2- أنَّ الصحابة - رضي الله عنهم - أجمعوا على تخصيص القرآن بخبر الواحد، ولم يُخالف منهم أحد، فكان إجماعاً[8]، والتقييد يجري مجرى التخصيص، كما سبق.   والخلاصة: جواز تقييد القرآن الكريم بالسُّنة النبوية الشريفة بقسميها: المتواتر والآحاد.


[1] انظر: انظر: المحصول في علم الأصول، للرازي (3/ 78)؛ الإحكام، للآمدي (2/ 394)؛   نهاية السول في شرح منهاج الأصول، لجمال الدين الأسنوي (2/ 456)؛ إرشاد الفحول، (ص138)؛ نسخ وتخصيص وتقييد السنة النبوية للقرآن الكريم، (ص333). [2] الإحكام في أصول الأحكام، (3/ 6). [3] إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول، (ص282). [4] رواه البخاري، (3/ 1006)، (ح2591)؛ ومسلم، (3/ 1253)، (ح1628). [5] انظر: ما ذُكِر في (دليل الإجماع) في تخصيص السنة للقرآن، (ص96). [6] انظر: الإحكام، للآمدي (2/ 301)؛ إرشاد الفحول، (ص139)؛ نسخ وتخصيص وتقييد السنة النبوية للقرآن الكريم، (ص334). [7] رواه البخاري، (5/ 1965)، (ح4819)؛ ومسلم، واللفظ له، (2/ 1029)، (ح1408). [8] انظر: المحصول في علم الأصول، للرازي (3/ 86)؛ المستصفى، (2/ 160).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ١