أرشيف المقالات

حديث: اغتسل في قصعة فيها أثر العجين

مدة قراءة المادة : 13 دقائق .
2حديث: اغتسل في قصعة فيها أثر العجين   عَنْ أُمِّ هَانِئٍ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اغْتَسَلَ وَمَيْمُونَةَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فِي قَصْعَةٍ فِيهَا أَثَرُ الْعَجِينِ. صحيح لغيره. وهذا الحديث مروي من أكثر من طريق.   الطريق الأول: أخرجه الحميدي في «مسنده» (333)، وأحمد في «مسنده» (27380)، عن سفيان بن عيينة، قال: حدثنا محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي مرة مولى عقيل، عن أم هانئ، مطولًا، بنحوه.   ومن طريق ابن عيينة أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (3152)، والبيهقي في «الكبرى» (18). قلت: هذا إسناد حسن.   ♦ محمد بن عجلان المدني، وثقه الأئمة. وقال أبو زرعة الرازي - كما في «تهذيب الكمال» (26/ 106) -: «ابن عجلان صدوق وسط». وقال الحافظ في «التقريب»: «صدوق».   ♦ وسعيد بن أبي سعيد المقبري. قال الحافظ: «ثقة، تغيَّر قبل موته بأربع سنين».   ♦ وأبو مرة مولى عقيل بن أبي طالب، ويقال: مولى أخته أم هانئ بنت أبي طالب.
ثقة، روى له الجماعة. الطريق الثاني: أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (36928)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (5451)، والطبراني في «الكبير» (1021)، من طريق محمد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي مرة، مولى عقيل بن أبي طالب، عن أم هانئ بنت أبي طالب، بنفس لفظ الطريق الذي قبله. وسعيد بن أبي هند الفزاري، ثقة، روى له الجماعة. فهذا سند حسن؛ لولا عنعنة ابن إسحاق.   الطريق الثالث: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (4908) ومن طريقه أحمد في «مسنده» (26888)، والسراج في «مسنده» (2053)، والطبراني في «الكبير» (1042)، عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، عن أم هانئ بنت أبي طالب، به.   قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات غير أنَّ فيه انقطاعًا؛ فعطاء بن أبي رباح لم يسمع من أم هانئ؛ كما ذكر ابن المديني في «علله» (ص328). ومراسيل عطاء واهية.   روى ابن أبي حاتم في «مقدمة الجرح والتعديل» (1/ 243)، عن عليِّ بن المديني، قال سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: «مرسلات مجاهد أحب إليَّ من مرسلات عطاء بكثير، كان عطاء يأخذ عن كل ضرب».   وروى الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (3/ 239)، عن أحمد بن حنبل، قال: «مرسلات سعيد بن المسيب أصح المرسلات، ومرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها، وليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح؛ فإنهما يأخذان عن كل أحد».   الطريق الرابع: أخرجه النسائي في «المجتبى» (415)، وفي «الكبرى» (420)، قال: أخبرنا محمد بن يحيى بن محمد، قال: حدثنا محمد بن موسى بن أعين، قال: حدثنا أبي، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، قال: حدثتنى أم هانئ، به.   وأخرجه المحاملي في «أماليه» (215)، قال: حدثنا موسى بن خاقان، قال: حدثنا إسحاق الأزرق، عن ابن أبي سليمان، عن عطاء، عن أم هانئ، به.   ♦ ومحمد بن يحيى بن محمد بن كثير، الحراني، الكلبي، لقبه: لؤلؤ.
ثقة. ♦ ومحمد بن موسى بن أعين، صدوق. ♦ وأبوه موسى بن أعين، ثقة. ♦ وعبد الملك بن أبي سليمان، العرزمي، صدوق له أوهام. قلت: وطريق النسائي مصرح فيه بالتحديث بين عطاء وأم هانئ؛ وهو خطأ من أوهام عبد الملك بن أبي سليمان؛ لا سيما وقد خالف فيه ابن جريج في التصريح بالسماع، ورواه هو نفسه، كما في طريق المحاملي دون التصريح بالسماع.   وقد أخرجه الطبراني في «الكبير» (1043)، من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن أم هانئ بنت أبي طالب، بدون ذِكْر عطاء.   الطريق الخامس: أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (8/ 137)، وأحمد في «المسند» (26895)، والنسائي في «المجتبى» (240)، وفي «الكبرى» (237)، وابن ماجه (378)، وابن خزيمة في «صحيحه» (240)، وابن حبان في «صحيحه» (1245)، والطبراني في «الكبير» (1051)، والبيهقي في «الكبير» (17)، من طرق، عن إبراهيم بن نافع، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أم هانئ، به.   قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، ولكنه منقطع.   ♦ إبراهيم بن نافع، المخزومي المكي.
ثقة، حافظ، روى له الجماعة. ♦ وعبد الله بن أبي نجيح يسار المكي أبو يسار الثقفي مولاهم ثقة، رُمي بالقدر، وربما دلَّس، كما في «التقريب». وقد وثقه أحمد، وابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي.   ♦ ومجاهد بن جبر المكي؛ إمام ثقة حافظ؛ ولكنه لم يسمع من أم هانئ. قال الترمذي في «جامعه» (3/ 298): «قال محمد: لا أعرف لمجاهد سماعًا من أم هانئ» اهـ. وحَكَم البيهقي عليه بالإرسال في «السنن الكبير» (1/ 24).   وقد عارض الشيخ الحويني حفظه الله كلام البخاري رحمه الله؛ فقال في «بذل الإحسان» (2/ 279): «لم أجد هذا إلا عن البخاري، ويشبه أن يكون على طريقته في الإعلال؛ إذا لم يجد ولو سندًا واحدًا في سماع بعض الرواة من شيخه، فيحكم بعدم الاتصال.   وسماع مجاهد من أم هانئ ممكن؛ فقد ولد مجاهد سنة (21) في خلافة عمر، وتوفي سنة (102) وقيل (103)، وتوفيت أم هانئ بعد سنة (50) فقد لقيها يقينًا، وهو ليس بمدلِّس على الراجح، فتُحمل عنعنته على الاتصال.
والله أعلم»
اهـ.   قلت: وفي هذه المعارضة نظر؛ لأمور: الأمر الأول: أنه مخالفة للإمام البخاري بدون دليل؛ بل بالظن. الأمر الثاني: أنَّ حُكم الإمام البخاري بعدم سماع مجاهد من أم هانئ، لَمْ يثبت عن أحد من الأئمة خلافه. الأمر الثالث: أنه قد وُجد من الأئمة من قال بمثل ما قال به البخاري، وقد تقدم كلام الإمام البيهقي. وقال الذهبي في «التنقيح» (1/ 15): «مجاهد لم يسمع من أم هانئ»اهـ.   وقد ذَكَر كلام الإمام البخاري عدد من الأئمة، ووافقوه، ولم يعارضه منهم أحد؛ من هؤلاء: الإمام الترمذي؛ فهو الذي نقل كلام الإمام البخاري؛ ولم يعارضه؛ والترمذي من أئمة هذا الشأن، وكذا الإمام ابن دقيق العيد في «الإمام» (1/ 169)، والعلائي في «جامع التحصيل» (ص273)، والوادعي في «أحاديث معلة ظاهرها الصحة» (ص485).   وقد أخرجه الطبراني في «الكبير» (1070)، والبيهقي في «الكبير» (19)، من طريقين، عن عبد الكريم أبي أمية، عن مجاهد، عن سعيد بن عِلاقة أبي فاختة مولى أم هانئ، قال: قالت أم هانئ، به.   وقال البيهقي: «وقد قيل: عن مجاهد، عن أبي فاختة، عن أم هانئ، والذي رويناه مع إرساله أصح» اهـ. قلت: وهو كما قال الإمام البيهقي؛ فعبد الكريم بن أبي المُخارق أبو أمية البصري.
أطبق الأئمة على ضعفه؛ وهو متروك تالف.   ♦ وأبو فاختة سعيد بن عِلاقة الهاشمي مولاهم، الكوفي.
ثقة.   الطريق السادس: أخرجه أبو حنيفة في «مسنده» (1341)، وعنه أبو يوسف في «الآثار» (163)، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي صالح، عن أم هانئ، بنحوه. قلت: وهذا سند ضعيف.   ♦ الحارث بن عبد الرحمن؛ هو أبو هند الهمداني الكوفي.
مقبول، كما في «التقريب».   ♦ وصالح؛ هو: باذام، ويقال: باذان، مولى أم هانئ بنت أبي طالب.
أطبق الأئمة على تضعيفه، وقال الحافظ في «التقريب»: «ضعيف يرسل».   الطريق السابع: أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (4911)، عن معمر، عن ابن طاوس، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن أم هانئ، بنحوه.   ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد (26887)، وابن خزيمة في «صحيحه» (237)، وابن حبان في «صحيحه» (1189)، والطبراني في «الكبير» (1038)، والبيهقي في «الكبير» (20). قلت: وهذا سند ضعيف.   ♦ عبد الله بن طاوس.
ثقة فاضل، روى له الجماعة. ♦ المطلب بن عبد الله بن حنطب. قال ابن حجر في «التقريب»: «صدوق، كثير التدليس والإرسال». قلت: وقد عنعن هنا.   وقد ذَكَر الذهبي هذا الطريق في «التنقيح» (1/ 15)، وقال: «فيه انقطاع».   وجاء في «الجرح والتعديل» (8/ 359): «مطلب بن عبد الله بن المطلب بن عبد الله بن حنطب؛ روى عن ابن عباس، مرسل، وابن عمر، مرسل، وأبي موسى، مرسل، وأم سلمة، مرسل، وعائشة، مرسل، ولم يدركها، وأبي قتادة، مرسل، وأبي هريرة، مرسل، وأبي رافع، مرسل، وجابر، يشبه أن يكون أدركه، وعامة حديثه مراسيل» اهـ.   وقال ابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص210): «سمعت أبي يقول: المطلب بن عبد الله بن حنطب عامة حديثه مراسيل، لم يدرك أحدًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا سهل بن سعد، وأنسًا، وسلمة بن الأكوع، ومن كان قريبًا منهم، ولم يسمع من جابر، ولا من زيد بن ثابت، ولا من عمران بن حصين» اهـ.   قلت: وأم هانئ ليست قريبة من هؤلاء، بل ماتت قبلهم بمدة؛ حيث ماتت بعد سنة خمسين.   قلت: وهذه الطرق ترقي الحديث إلى مرتبة الصحيح لغيره.
والله أعلم، وبه يتبين خطأ الإمام ابن الجوزي رحمه الله؛ حيث قال في «التحقيق» (1/ 45): «حديث أم هانئ لا يثبت».



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣