أرشيف المقالات

الخوف من كلام الآخرين وكثرة مجاملتهم

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2الخوف من كلام الآخرين وكثرة مجاملتهم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الهادي البشير ومَنِ اقتفى أثره، أما بعد: فقد انتشر عند كثير من الناس الخوف من ألسنة الناس؛ ونتج عن ذلك مساوئ ومخالفات شرعية كثيرة، منها ما يلي: أ‌) الرياء وضعف الإخلاص، وذلك بالقيام بأعمال من أجل كفِّ ألسنة الناس عنهم فقط وليس إخلاصًا؛ ومن أمثلته: زيارة البعض للمرضى؛ بل وتشييع الجنائز، والتعزية، وحضور بعض المناسبات، وتقديم الهدايا في المناسبات.   ب‌) قبول الشفاعات في الأعمال الوظيفية، وتقديم غير الأَكْفاء من الأقارب والأصدقاء.   ج) إعادة نشر كلام مُحرَّم شرعًا في وسائل التواصُل؛ وذلك مجاملة للمتابعين.   د) الإسراف في الولائم؛ لكَفِّ ألسنة الناس، ولنيل مديحهم وليس إكرامًا للضيف، وكذلك إسراف بعض النساء في شراء ملابس غالية تُكلِّف الأب والزوج أكثر مما يُطيق.   ه) شهادة الزور والوقوف ظُلْمًا وعُدوانًا مع شخصٍ ظالمٍ لزوجته أو لغيرها في المحاكم.   و) ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ خوفًا من الاتِّهام بالتشدُّد أو حياءً مذمومًا من الناس، وكذلك مَنْ يتركون تنبيه مَنْ يُخطئ من بعض كُتَّاب وسائل التواصُل؛ مجاملة له أو حياءً منه أو حتى لا يغضب عليهم، وعلى النقيض منهم مَنْ يتتبَّعُون الأخطاء، ويُشهِّرون بالمخطئ بأسلوب لاذع، بينما هم لم يُناصحوه، وكان عليهم جميعًا مناصحة المخطئ بالحكمة والأدب مع حُسْن الظنِّ والدعاء لهم كما كان العلماء يفعلون، فعلى مَنْ وقَع في شيء مما سبق أن يتذكَّر الآتي: أولًا: عظمة الله سبحانه وعلمه بالسرائر؛ لقوله سبحانه: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19].   ثانيًا: أن الله سبحانه طيِّبٌ لا يقبل إلا ما كان طيبًا؛ وذلك بالإخلاص له سبحانه والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم.   ثالثًا: ليتذكَّر أنه مسؤول بين يدي الله يوم القيامة عن كل ما يقوله وينشره؛ لقوله سبحانه: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]؛ أي: ملك يكتب حسناته، وآخر يكتب سيئاته.   رابعًا: ليتذكَّر أن مجاملته للبشر لن تنفعه بشيء، فقد يرضون عنه في الدنيا في مقابل سخط الله عليه والعياذ بالله.   وليتذكر هنا هذا الحديث العظيم ليزدجر؛ وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((من التمَسَ رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه، وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه، وأسخط الناس عليه))؛ رواه الترمذي.   خامسًا: ليتذكَّر أن رضا الناس غاية لا تُدرَك مهما فعل؛ ولذا فليستحضر أن رضا الله عز وجل هو الهدف الأسمى وما بعده ممَّا هو مشروع تبعًا له.   ز) من يتعمَّد ظلم أحد بكلام أو شهادة زور؛ مجاملة أو لكفِّ ألسنة الناس أو لكسب مال أو منزلة فليتذكَّر قوله صلى الله عليه وسلم: "((ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور)) قال الصحابي: فما زال صلى الله عليه وسلم يُكرِّرها حتى قلنا: ليته سكت"؛ رواه الإمام مسلم.   ولماذا كرَّرها صلى الله عليه وسلم؟! كرَّرها تعظيمًا لشأن الكذب عمومًا وشهادة الزور خصوصًا وأنها من كبائر الذنوب، وعلى من يظلم ليتَّقي ألسنة حدادًا أن يتذكَّر أن دعوات المظلومين مستجابةٌ، وليتذكَّر الموت والقبر المظلم وعرصات يوم القيامة، وتعلُّق المظلومين برقبته مُطالبين بالقصاص منه بأخذ حسناته، ثم الأخذ من سيئاتهم لتطرح عليه فيطرح في النار.   حفظكم الله وأعاذكم من الظُّلْم وكثرة المجاملات المهدرة للحسنات، ورزقكم إخلاصًا وثباتًا، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومَنْ والاه.



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن