أرشيف المقالات

هجر المسلم لأخيه المسلم

مدة قراءة المادة : 8 دقائق .
2هجر المسلم لأخيه المسلم
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ﴿ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8].   عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تتقاطعوا (بمعنى: لا يهجر بعضكم بعضًا)، ولا تدابروا (بمعنى لا يهجر بعضكم بعضًا)، ولا تباغضوا ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث"؛ رواه مالك والبخاري وأبو داود، والترمذي والنسائي ومسلم أخصر منه.   وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا وهذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)؛ رواه مالك والبخاري ومسلم، والترمذي وأبو داود، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر أخاه فوق ثلاث، فمات دخل النار)؛ رواه أبو داود، وفي رواية لأبي داود قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحلُّ لمؤمن (وأكثر الروايات: لا يحل لمسلم) أن يهجر مؤمنًا فوق ثلاث (ليال)، فإن مرَّت به ثلاث، فليلقه فليسلم عليه، فإن ردَّ عليه السلام، فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم، وخرج المسلِّم من الهجرة)؛ أي: خرج الذي سلم من الإثم.   وعن هشام بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (فإن ماتا على صرمهما (أي: إن ماتا واحدهما مهاجر ومقاطع للثاني)، لم يدخلا الجنة جميعًا أبدًا)؛ رواه أحمد ورواته محتج بهم في الصحيح، وأبو يعلى والطبراني، وابن حبان في صحيحه، إلا أنه قال: (لم يدخلا الجنة ولم يجتمعا في الجنة)؛ ورواه أبو بكر بن أبي شيبة إلا أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإن اصطرما (وتقاطعا) فوق ثلاث (ليال)، لم يجتمعا في الجنة، وأيهما بدأ صاحبه (بالسلام أو بالحديث)، كفرت ذنوبه، وإن هو سلَّم فلم يرد عليه، ولم يقبل سلامه، رد عليه الملك، ورد على ذلك (الذي ما قبل حديث أخيه وسلامه رد عليه (الشيطان).   وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإن ماتا وهما مهاجران لا يجتمعان في الجنة)؛ رواه الطبراني والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد، وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من هجر أخاه فوق ثلاث، فهو في النار، إلا أن يتداركه الله برحمته)؛ رواه الطبراني ورواته رواة الصحيح؛ يعني: أنه مستحق النار، إلا أن يعفو عنه، وعن أبي حراش حدرد بن أبي حدرد الأسلمي رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (مَن هجر أخاه سنةً، فهو كسفك دمه)؛ رواه أبو داود والبيهقي.   وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم)؛ رواه مسلم.   وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تُعرض الأعمال في كل اثنين وخميس (تعرضها الملائكة على الله سبحانه)، فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئًا، إلا امرؤ كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول جل شأنه: اتركوا هذين حتى يصطلحا)؛ رواه مالك ومسلم، واللفظ له، وأبو داود والترمذي وابن ماجه بنحوه.   وفي رواية لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تُفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر (الله) عز وجل لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجل بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظِروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا)؛ قال أبو داود: إذا كانت الهجرة لله، فليس من هذا بشيء؛ (أي: لا يُعد من الهجر الممنوع، ولا يترتب عليه ذلك الوعيد)، فإن النبي صلى الله عليه وسلم هجر بعض نسائه أربعين يومًا، وابن عمر هجر ابنًا له إلى أن مات.   وعن ابن عباس رضي الله عنهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرًا، رجل أم قومًا وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان (متهاجران ومتقاطعان))؛ رواه ابن ماجه واللفظ له، ورواه ابن حبان في صحيحه، إلا أنه قال: (ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة)، فذكَر نحوه.   وقد حثَّ الإسلام على إصلاح ذات البين؛ أي: إصلاح ما وقع من فساد وخصومة بين الرجلين، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أُخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة (على سبيل التطوع)؟ قالوا: بلى قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة)؛ رواه أبو داود والترمذي، وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث صحيح، وقوله: (هي الحالقة)؛ أي: إن فساد ذات البين هي الخصلة التي من شأنها أن تحلق الدين؛ أي: تُهلكه وتستأصله كما يستأصل الموسى الشعر.   وعن أم كلثوم بنت عقبة بن معيط رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لم يكذب؛ (أي: ليس عليه إثم الكذب، وإن وقع منه الكذب بالفعل)، مَن نَمَّى بين اثنين ليصلح.
وفي رواية: ليس بالكاذب من أصلح بين الناس، فقال خيرًا أو نمَّى خيرًا)؛ رواه أبو داود؛ أي: إن الإسلام أجاز الكذب إذا كانت الغاية منه إصلاح الرجلين المتخاصمين، بأن يقول لكل منهما: إن فلانًا يُحبك ويثني عليك خيرًا، يقول ذلك كذبًا من أجل أن يصلح بينهما.   وروى عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي أيوب: (ألا أدلك على تجارة؛ (أي: على أجر عظيم)؟ قال: بلى، قال: صِلْ بين الناس إذا تفاسدوا، وقرِّب بينهم إذا تباعدوا)؛ رواه الطبراني.   وعن جودان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن اعتذر إلى أخيه المسلم؛ (يعني أتاه معتذرًا إليه عما صدر منه طالبًا عفوه)، فلم يقبل منه (عذره ورفض التجاوز عنه)، كان عليه ما على صاحب مكس، والمكس: هو الضريبة التي يأخذها الماكس، وهو العشار، وفي الحديث: لا يدخل الجنة صاحب مكس.   فالحديث يعني أنَّ ذنب من لم يقبل عذر أخيه ذنبٌ كبير، وهذا الحديث رواه أبو داود في المراسيل وابن ماجه بإسنادين جيدين، إلا أنه قال: (من اعتذر إلى أخيه فلم يقبل عذرَه، كان عليه مثل خطيئة صاحب مكس)، وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تنصل إليه (أي: اعتذر إليه)، فلم يقبل اعتذاره، لم يرد على الحوض).   يعني: لم يكن أهلًا لأن يشربَ من حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدم قبول معذرة أخيه.



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن