أرشيف المقالات

تفسير: (ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير)

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2تفسير: (ففهمناها سليمان وكلًّا آتينا حكمًا وعلمًا وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير)
♦ الآية: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (79). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ﴾ ففهمنا القضية سليمان دون داود عليهما السلام؛ وذلك أن داود حكم لأهل الحرث برقاب الغنم، وحكم سليمان بمنافعها إلى أن يعود الحرث كما كان ﴿ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ ﴾ يجاوبنه بالتسبيح ﴿ وَ ﴾ كذلك ﴿ الطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ ذلك. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله تعالى: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ﴾؛ أي: علمناه القضية وألهمناها سليمان، ﴿ وَكُلًّا ﴾؛ يعني: داود وسليمان، ﴿ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ﴾، قال الحسن: لولا هذه الآية لرأيت الحكام قد هلكوا، ولكن الله حمد هذا بصوابه، وأثنى على هذا باجتهاده.
واختلف العلماء في أن حكم داود كان بالاجتهاد أو بالنص، وكذلك حكم سليمان. فقال بعضهم: فعلًا بالاجتهاد، وقالوا: يجوز الاجتهاد للأنبياء ليدركوا ثواب المجتهدين، إلَّا أن داود أخطأ وأصاب سليمان، وقالوا: يجوز الخطأ على الأنبياء إلا أنهم لا يقرون عليه، فأما العلماء فلهم الاجتهاد في الحوادث إذا لم يجدوا فيها نص كتاب ولا سنة، وإذا أخطأوا فلا إثم عليهم، فإنه موضوع عنهم، لما أخبرنا عبدالوهاب بن محمد الخطيب، أخبرنا عبدالعزيز بن أحمد الخلال، أخبرنا أبو العباس الأصم، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا عبدالعزيز بن محمد، عن يزيد بن عبدالله بن الهادي، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن بشر بن سعيد، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر)). وقال قوم: إن داود وسليمان حكما بالوحي، وكان حكم سليمان ناسخًا لحكم داود، وهذا القائل يقول: لا يجوز للأنبياء الحكم بالاجتهاد؛ لأنهم مستغنون عن الاجتهاد بالوحي، وقالوا: لا يجوز الخطأ على الأنبياء، واحتجَّ من ذهب إلى أن كل مجتهد مصيب بظاهر الآية، وبالخبر حيث وعد الثواب للمجتهد على الخطأ، وهو قول أصحاب الرأي، وذهب جماعة إلى أنه ليس كل مجتهد مصيبًا؛ بل إذا اختلف اجتهاد مجتهدين في حادثة، كان الحق مع واحد لا بعينه، ولو كان كل واحد مصيبًا لم يكن للتقسيم معنًى. وقوله عليه السلام: ((وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر))، لم يُرِدْ به أنه يؤجر على الخطأ؛ بل يُؤجَر على اجتهاده في طلب الحق؛ لأن اجتهاده عبادة، والإثم في الخطأ عنه موضوع إذا لم يألُ جهده. أخبرنا عبدالواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرنا أبو الزناد، عن عبدالرحمن الأعرج، أنه سمِع أبا هريرة، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كانت امرأتان معهما ابناهما، فجاء الذئب، فذهب بابن إحداهما، فقالت صاحبتها: إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك فتحاكمتا إلى داود، فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان، وأخبرتاه فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما، فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله هو ابنها فقضى به للصغرى)). قوله عز وجل: ﴿ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ﴾؛ أي: وسخرنا الجبال والطير يسبحن مع داود إذا سبح، قال ابن عباس: كان يفهم تسبيح الحجر والشجر. قال وهب: كانت الجبال تجاوبه بالتسبيح، وكذلك الطير، وقال قتادة: ﴿ يُسَبِّحْنَ ﴾؛ أي: يصلين معه إذا صلى، وقيل: كان داود إذا فتر يُسمعه الله تسبيح الجبال والطير لينشط في التسبيح ويشتاق إليه. ﴿ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴾؛ يعني: ما ذكر من التفهيم وإيتاء الحكم والتسخير. تفسير القرآن الكريم



شارك الخبر

المرئيات-١