غيب عني وجهك!

مدة قراءة المادة : دقيقتان .
غيب عني وجهك!

في قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم لوحشيِّ بن حربٍ قاتلِ حمزة: ((غيِّبْ عني وجهَك، فلا أراك!))، وتغيُّب وحشي عنه حتى انتقل النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى - ما يدلُّ على أن المواقفَ العصيبةَ في حياة الإنسان تجعلُه لا يطيق النظرَ - أحيانًا - في بعض الوجوه التي تبعثُ في نفسه الآلام كلما رآها، وأن هذا أمرٌ في طبيعة البشر، المفطورة على حبِّ المُحسِنِ وبُغْض المسيء، وينبغي أن يكون محلَّ اعتبار الشريعة التي ما جاءت إلا لرفعِ الحرج، ومن دعوات المؤمنين بها: ﴿ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾ [البقرة: 286].
 
وإذا كان العفوُ عن الجاني أمرًا مندوبًا إليه في شريعة الإسلام، فإن المجنيَّ عليه نفسٌ من النفوس كنفس الجاني، ولا يُكلِّفُ الله نفسًا إلا وسعَها، شريعة وطبيعة!
 
وقد حدَّثني بعضُ من سافروا أو هاجروا أو انتقلوا من أماكن كانوا يُحبُّونها؛ بأنهم إنما فعلوا ذلك فرارًا من بعض الوجوه التي كانوا يتألَّمون كلما رَأَوْها!
 
فلا تكُنْ يا أخي صاحبَ الوجهِ الذي إذا رآه الناس شَقُوا وتألَّمُوا، وكن صاحبَ الوجه الذي إذا رَأَوْه فرِحوا واستبشَروا!

شارك المقال

روائع الشيخ عبدالكريم خضير