أرشيف المقالات

موقف المهديين من ولاية الفقيه

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
1 موقف المهديين من ولاية الفقيه[1]:
يرى الشيعة الاثنا عشرية أن ولاية الفقيه: امتداد للإمامة فيما يتعلق بالوظائف العامة، حيث العدالة والفقه والعلم بأحكام الشريعة، وليس الوظائف الخاصة كالعصمة والنص؛ فهما مختصان بالإمام، فالولي الفقيه عادل ومجتهد وعالم بأحكام الدين وليس معصوماً ولا منصوصاً عليه، فهو نائب عن الإمام، حتى يظهر الإمام المهدي.
وتأتي إشكالية أخرى تجعل الشِّيَعة كلهم –المهديين وعموم الشِّيَعة- في ورطة تبين مدى فساد معتقدهم، وتناقض منهجهم، وهي أن عموم الشِّيَعة يقولون بانقطاع السفارة عن الإمام في زمن الغيبة الكبرى، فما دور ولاية الفقيه، ثم للمهديين أنتم خالفتم جموع الشِّيَعة بقولكم لم تنقطع السفارة وفهمتم ذلك من خلال نص التوقيع السمري، إذاً فالمَهْدِيُّون-أنصار اليماني- معارضون لفكرة ولاية الفقيه؛ لأنه كيف يمكن أن يكون وجود  لولاية الفقيه مع أول المَهْدِيّين اليماني المعصوم الوصي الممهد للإمام المهدي، وهما لا يجتمعان.
ولذا أبطل المَهْدِيُّون فكرة ولاية الفقيه حتى يكون لليماني وجود مستحق، فالزمان زمانه، لا ينازعه فيه أحد، وولاية الفقيه من ضروريات المذهب الشيعي الآن، وبالرجوع إلى كتب الشِّيَعة المعاصرين نجد هذا مسطراً، وأول من روج لها روح الله الخميني، بعد سياق الأدلة والروايات على ثبوت ولاية الفقيه فقال:"وعلى كل حال، فنحن نفهم من الحديث أن الفقهاء هم أوصياء الرسول  صلى الله عليه وسلم  من بعد الأئمة وفي حال غيابهم، وقد كلفوا بالقيام بجميع ما كلف الأئمة بالقيام به"[2]، واعتنق فكرة الخميني من جاء بعده،فقدجاء عن أحد علماء الشِّيَعة قوله:" قد عرفت انقطاع النيابة الخاصة والسفارة ولكن ليس ذلك يعني بقاء المؤمنين والمكلفين همج رعاء بل قد نصب الأئمة وإمام زماننا لهم من يرجعون إليه في كل ما ينزل بهم من الحوادث والوقائع وفي تعلم الأحكام الشرعية وفصل الخصومات واستيفاء الحقوق وغيرها من حاجتهم الدينية، وهو الفقيه الجامع لشرائط معين كالعلم بالأحكام الشرعية من الكتاب والسنة وهي الروايات المعتبرة عن المعصومين وكالعدالة والتقوى وغيرها من الشروط"[3].
ولعل من الأدلة على ذلك،  ما رواه الطوسي في التهذيب، عن الصادق عليه السلامحيث قال:  "اجعلوا بينكم رجلاً قد عرف حلالنا وحرامنا فإني قد جعلته عليكم قاضياً وإياكم أن يخاصم بعضكم بعضاً إلى السلطان الجائر"[4].
ويأتي رد أتباع اليماني على هذا النص، فيقولون: "هذه الرواية تنص على القضاء ولا علاقة لها بالمعنى الذي ذهبوا إليه"[5]، واعتبر المهديون ولاية الفقيه من الخرافات التي يروج لها الشِّيَعة، ولا يصلح أن يكون نائباً عاماً عن الإمام، وأعلنوها صراحة فقال أحد أنصار اليماني:"عيش بيننا أساطير كثيرة روجت لها المؤسسات الدينية-المرجعيات- لا نصيب لها من الحق على الإطلاق ومن بين أهم هذه الأساطير زعمهم بأن للفقيه ولاية في زمن الغيبة الكبرى، مطلقة أو محدودة، وكذلك ادعاؤهم أن الفقهاء نواب عامون عن الإمام المهدي"[6].[1] ويعتبر الوحيد البهباني-أغا باقر البهباني -المُتَوَفَّى عام 1208ه- واضع البذور الأولى للقول بولاية الفقيه، ثم جاء الملا أحمد النراقي-أحمد بن محمد مهدي، المُتَوَفَّى عام 1209ه ، وأحد تلامذة البهباني، أول من أظهر القول بولاية الفقيه، واستغل روح الله الخميني كلام النراقي لتأسيس فكرة ولاية الفقيه.
راجع: دراسات في الفرق الإسلامية، ص352 وما بعدها باختصار.
[2] الحكومة الإسلامية، السيد روح الله الخميني، ص75، الطبعة الثالثة، بدون تاريخ ونشر.
[3] دعوى السفارة في الغيبة الكبرى، محمد سَنَد، ص53، ط1/1412ه = 1997م، دار البلاغة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت-لبنان.
[4] التهذيب للطوسي، ج6/303(مرجع سابق).
[5] جامع الأدلة، الدكتور أبو محمد الأنصاري، ص293(مرجع سابق).
[6] انظر: جامع الأدلة، ص290، 291(بتصرف).  


شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن