أرشيف المقالات

راية الإسلام - إياك وترك راية الإسلام (14)

مدة قراءة المادة : 11 دقائق .
1 إلى أخي وقلبي المتحرك..
واعلم أن الشخصية القوية والواعية والمستقلة كما هي شرطٌ عظيم للنفع ولحمل الراية، ولكن الشرط الآخر هو التواصل الواعي والنجاح في الائتلاف مع المسلمين بوعيٍ وبرُشد..
فكما أن الشخصية الضعيفة أو المهترئة أو التابعة لا تنفع؛ فكذلك لا تنفع الشخصية المتمردة عن أن تكون لبنة متلاحمةً مع إخوانها عملًا لله..
ولا يتحقق التواصل وتماسك البناء إلا بالعفو والصفح، والمغفرة وسعة الصدر، وتأخير الحقوق الشخصية أمام حقوق المسلمين وأمام المصلحة العامة.
فمع قوّتك واستقلالك كن هينًا لينًا هشّا بَشّا، متواصلاً ودودًا..
قلّل المنافسة، وابحث عن الواجب عليك قبل أن تبحث عن الحقوق، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الغضب لله تعالى وحدوده وحرماته، عظيم السماحة في حقه الشخصي.
اعلم أن الناس تنظر إليك وأنك ترمقك أنظار الناس لتنظر تطبيقك لهذا الدين؛ لتتأسى أو لتتشفى!!.
واعلم أن وقْع تصرفاتك محسوبٌ عليك: وجهُك ومقابلتك، سلامك وتحيتك، تفقّدك لأخيك وعونك له، هضم حقك الشخصي، تسامحك وعفوك، سرعة رضاك وبطء غضبك، عدم مطاردة حقوقك عند الناس وإرهاقهم بك!
ليكن رباطك مع إخوانك وثيقًا حتى يَأمن أخوك أنك جانبه؛ فلا تنزع يدك ولا تتخلى عن صَّفه، ليكن رباطك عميقًا فلو لم يضع لك كرسيًا متقدمًا فلا تتركه غضبًا لنفسك، لا تُحمّل تاريخك عِبئًا على إخوانك، ولا تُدلّ بوجودك معهم؛ فلله المنة، ولا تنفر لأمرٍ عارض.
لقد أمرنا الله أن نلقاه (مُعتصمين) و(مُجتمعين) {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا} [آل عمران جزء من الآية: 103] فهما تكليفان.
يجب أن تغدو الأخوة والتضامن ثقافةً وممارسة، مع التنوع الثري ووجود مساحةٍ كافيةٍ لنمو الشخصيات.
كُن نسمةً طيبةً، تتوافق وتلتئم، تُعاون وتُساعد، أينما كنت وفي أي حال، لا تثير غضبًا لأن كرسيك في صفٍ متأخر أو موقعك لا ينظر إليه الناس، يكفي أنك بين المؤمنين، ومعدودٌ في الصف الكريم، ومضمومٌ في قوله {أُولَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة جزء من الآية: 7].
أينما حضرت كن سببًا للوئام وراحةً للنفوس وسِترًا للخلق وذكرًا للرب..
كن سببًا لسد الخُلة ورفْع همم الناس وتقوية عزائمهم وتبصرتهم بالطريق..
كن هنا حيثما وُضعْت وحيثما تتيسر لك الأمور، فإن نازعتْك نفسك فأخبرها أن هذه ليست الأوضاع النهائية ولا الترتيب الختامي!!، إن الترتيب الختامي يوم تأتي الخافضة الرافعة..
انظر كل طريقٍ لوحدة المسلمين وتىل القلوب وإنجاز العمل، ولو أن تمتنع عن الكلام أو تتأخر في الموقع أو تتحمل هدرًا لبعض ما لك من حقوق؛ فكله موفَّى، ومكتوبٌ بيد الملائكة الكرام، والرب مطّلع، والأوزان ستوزن ليس اليوم بل في غدٍ فخبّئ لغدٍ خبيئة، واحشد اليوم صف المسلمين لحمل الراية..
فمن يحملها إذا لم تحملها أنت؟
وإلي كل مسلمٍ أُهدي هذه الأبيات..
وإن قالها غير مسلم! فكن لأخيك هكذا..
                                     أنا راضٍ بالعصا يا أيها الحاملُ رمحـــــــكْ
                                      وَسَأَرْضَى خُبْزَكَ الأَسْوَدَ فِي الحُبِّ وَمِلْحَكْ
                                      وَسَأَنْسَى جُرْحَ قَلْبِي كلما شاهدتُ جُرْحَكْ
                                      وأرى لَيْلَكَ ليلي، وأرى صُبْحِيَ صُبْحَــكْ
                                      وإذا أخطأتَ نحوي، فأنا الطالبُ صَفْحَكْ


شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣