أرشيف المقالات

من أدب الهند

مدة قراءة المادة : 10 دقائق .
8 2 - الأمير خسرو الشاعر الهندي الكبير بقلم السيد أبو النصر أحمد الحسيني الهندي قبل أن نلقي نظرة في شعر خسرو يجدر بنا أن نبين معنى الشعر والغرض منه في صوره المختلفة عند كبار المفكرين حتى يتمكن القارئ من الحكم على شعره بما هو خليق به قال جانسون: إن الشعر هو توحيد اللذة مع الحق، يدعى فيه الخيال لمساعدة العقل.
وعند استيوارت مل: الشعر هو ما يتوقف على الفكر والكلمات التي تجتمع العاطفة فيها من تلقاء نفسها.
وقال ميكاليه: إننا نعني بالشعر استعمال الكلمات بطريق أن يوجد الوهم على التخيل، وهو فن يعمل فيه الشاعر بالكلمات ما يعمله الرسام بالألوان.
وقال الأستاذ كورتهوب: إنه فن إيجاد اللذة بالتعبير الصحيح عن الفكر الخيالي والعاطفة في كلام موزون.
وقال الشاعر نظامي العروضي السمرقندي من المسلمين: إنه فن يرتب به الشاعر القضايا الخيالية ويخلطها بالتشبيهات المثمرة، ليستطيع أن يظهر الصغير كبيراً، والكبير صغيراً، أو يظهر الخير في لباس الشر والشر في لباس الخير نستنبط من التعاريف المذكورة المختلفة للشعر، أن الشعر هو تعبير عاطفي خيالي عن الحياة كما تصوغ نفسها في فكر المعبر - هو معالجة الحقائق والتجارب والمسائل بطريق يسود فيه العنصر الخيالي.
والشعر ينقسم إلى قسمين: داخلي أو شخصي، وخارجي أو غير شخصي.
ففي الأول يوجه الشاعر جل عنايته إلى نفسه يستوحي ويستلهم عواطفه الخاصة وتجاربه الذاتية.
وفي الثاني يتوجه إلى غيره يعامل العالم الخارج عن نفسه بغير الاستناد إلى ذاته وشخصه.
والأول يشمل جميع أقسام الأناشيد والشعر الغنائي مثل الغزل والنسيب وأناشيد الوطنية والروحانية الخ، كما يشمل الشعر الفلسفي والفكري.
وأما الثاني فينقسم إلى قسمين: قصصي وتمثيلي.
فالشعر المختص بالملاحم والفروسية والأساطير من أهم أصناف الشعر القصصي.
والتمثيلي هو ما يقدم لك صوراً واضحة لسجايا الأشخاص المختلفة، وأخلاقهم في حكاية تمثل في ضوء هذه التعاريف للشعر وأصنافه ونواحيه المترامية الأطراف حين نلقي نظرة على شعر خسرو نجد أن عبقريته الشاملة لم تترك نوعاً من أنواعه ولا ناحية من نواحيه إلا باشرتها بالإجادة والإبداع.
فهو قد أتقن جميع أنواع الشعر اتقاناً حقيقياً.
وأنتجت قريحته في جميع نواحي الشعر إنتاجاً نال استحسان كبار الشعراء والنوابغ في زمنه وفيما بعد.
وهذه مزية لم توجد في غيره.
فإن غيره من شعراء اللغة الفارسية لم يقدر أحد منهم لا قبله ولا بعده، ولا في الهند ولا في بلاد فارس، أن يقول الشعر ويحاكي إلهامه الشعري في أكثر من صورة واحدة أو صورتين من أنواع الشعر فملوك الشعر الفارسي يعدون ستة: فردوسي، وسعدي، وأنوري، وحافظ، وعرفي، ونظيري.
ولكن مملكة كل منهم لم تتعد حدود نوع واحد من أنواع الشعر.
فالفردوسي لم يقدر أن يتجاوز حدود المثنوي، وتصنيفه فيه هو الملحمة الكبيرة المسماة شاهنامه، وقد نشر ترجمتها بالعربية صديقنا الأستاذ عبد الوهاب عزام.
وسعدي كان ملك الغزل، ولكنه لم يقدر أن يجيد القصيدة ولا المثنوي، كما أن براعة أنوري كانت محدودة في القصيدة، ولم تكن قادرة على الغزل المثنوي.
كذلك حافظ ونظيري وعرفي كانوا نوابغ في الغزل، وغير قادرين على أنواع الشعر الأخرى.
ولكن ذكاء خسروا الجامع المتسع لم يقتصر على واحد منها بل تناول (غزلاً) كما تناول (مثنوياً) وعالج (قصيدة) كما عالج (رباعياً) بغاية الإجادة والإتقان في جميع نواحيها، حتى لم يترك الأصناف الصغيرة الأخرى من الشعر الفارسي مثل (مستزاد) و (صنايع) و (بدايع) هذا من حيث أنواع الشعر، وأما من حيث كمية الإنتاج، فنجد أنه لا يوجد له ند في ذلك أيضاً.
فإن عدد الأبيات للفردوسي لم يزد على ثمانين ألفاً، كما أن عدد الأبيات للشاعر الفارسي صائب لم يزد على ألف، ولكن ما جادت به قريحة خسرو يبلغ بضع مائة ألف بيت.
فقد ذكر غير واحد من المؤرخين في كتبهم أن عدد الأبيات الفارسية له يتراوح بين ثلاثمائة وأربعمائة ألف.
وفي بعض الروايات ستمائة ألف كان خسرو يجيد بضع لغات إجادة تامة.
فكان يتقن التركية لأنه كان من أصل تركي.
والفارسية لأنها كانت لغة دينه، والاردية لأنها كانت اللغة الشائعة بين الناس.
ولم يكن خسرو جاهلاً السنسكريتية لغة جيرانه الوثنيين المقدسة.
فقد اعترف في كتابه (نه سبهر) بكل تواضع حيث قال: (عندي إلمام بتلك اللغة أيضاً).
وعلى ذلك لم يكن خسرو شاعراً بالفارسية فقط، بل باللغات الأخرى أيضاً.
بيد أن أكثر آثاره قد ضاع ولم يبق إلا القليل الذي بالفارسية والاردية يعد خسرو من مؤتنف شعراء اللغة الاردية، لأنها كانت حينئذ في دور التكوين.
فقد غذاها بالأناشيد والنكت والطرائف والكتب الدراسية للأطفال شعراً، ولا تزال شائعة بين الهنود وإن مر عليها أكثر من ستة قرون.
وقد ذكر المؤرخ أوحدي في كتابه (تذكره معرفت) أن إنتاج خسرو في اللغة الاردية يساوي إنتاجه في الفارسية.
فإن صح ذلك فمن الأسف أن لم يبق من ذلك الأثر العظيم إلا نزر يسير لم يكن خسرو شاعراً فقط، بل كان ناثراً كذلك وإن قل إنتاجه في النثر بالنظر إلى إنتاجه في الشعر، فله غير واحد من الكتب الضخمة نثراً.
اعترف أهل الفن بطول باعه فيه أيضا.
وجميع منظوماته باللغة الفارسية التي توجد في الهند هي كما يلي: - 1 - من نوع المثنوي (1) مطلع الأنوار: نظمه في مدة أسبوعين في سنة 698 هجرية وهو في التصوف، وقد نهج فيه منهج نظامي (الشاعر الفارسي الشهير) في كتابه (مخزن الأسرار) ويحتوي على 3310 أبيات (2) شيرين وخسرو: نظمه في نفس سنة 698 هجرية وهو يحتوي على حكاية عشق خسرو لشيرين وكلاهما من أبطال الحب في الأدب الفارسي مثل مجنون ليلى في الأدب العربي.
وعدد الأبيات فيه 4124 بيتاً (3) ليلى ومجنون: صنفه في نفس السنة المذكورة وهو يشتمل على 2660 بيتاً (4) آيثن اسكندري: صنفه في سنة 699 هجرية ونهج فيه منهج (سكندرنامه) للنظامي وعدد أبياته 4450 بيتاً (5) هشت بهشت: أتمه في أوائل سنة 701 هجرية وقد نهج فيه منهج (هفت بيكر) للنظامي، وعدد الأبيات فيه 3382 بيتاً وهذه الكتب الخمسة المذكورة يقال لها (بنج كنج) أو (خمسة خسرو) تدل على سرعة إنتاج المؤلف إذ هي تحتوي على 17926 بيتاً وقد صنفها في سنتين ونصف سنة.
وللنظامي أيضاً خمسة كتب في نفس الموضوع، ولكن أكثر الشعراء رجحوا (خمسة خسرو) على (خمسة نظامي).
ومنهم عبد الرحمن جامي فإنه قد رجحه في كتابه (بهارستان) (6) قران السعدين: صنفه في سنة 688 هجرية حينما كانت سنه 36 سنة عن طلب السلطان معز الدين كيقباد، وهو يحتوي على حكاية مقابلة كيقباد لأبيه بغراخان مسالماً مع خروجه له محارباً (7) تاج الفتوح: ملحمة تحتوي على حكاية فتوحات السلطان جلال الدين خلجي صنفها في سنة 90 - 689 هجرية (8) نه سبهر (أي الأفلاك التسعة) صنفه في سنة 718 للسلطان قطب الدين خلجي، فسر به كثيراً وأنعم عليه بفضة تساوي وزن الفيل كما قيل (9) دول راني خضرخاني: وهو يحتوي على بيان حب خضر خان بن السلطان علاء الدين لدول راني بنت راجا كجرات وانتهائه بالزواج 2 - من نوع الغزل (10) تحفة الصغر: يحتوي على شعره الذي قاله بين 16 و19 من سنه، ويشمل الغزل والنسيب (11) وسط الحياة: يحتوي على شعره الذي قاله بين 20 و33 من سنه (12) غرة الكمال: يحتوي على شعره الذي قاله بين 34 و44 من سنه، وقد كتب في مقدمته ترجمة حياته بالإيجاز 3 - من نوع القصائد (13) بقية نقية: يحتوي على شعره إلى سنة 715 هجرية وفيه رثاء السلطان علاء الدين خلجي أيضاً (14) نهاية الكمال: يحتوي على شعره في آخر سنة، وفيه رثاء السلطان قطب الدين خلجي وقصيدة في مدح ولي عهده (15) جواهر البحر: لم أره (16) خزائن الفتوح: صنفه للسلطان علاء الدين خلجي (17) تغلق نامه: صنفه للسلطان محمد تغلق في 725 هجرية، وهو آخر تصانيفه 4 - من أنواع الشعر الأخرى (19) رسالة نصر: لم أره (20) مقالة: احتوت على أحوال الخلفاء الراشدين مع رسالة في التصوف (21) خالق باري: كتاب للتدريس يحتوي على مفردات اللغات المختلفة المنظومة 5 - مصنفاته بالنثر (22) إعجاز خسرو: في علوم البلاغة في خمسة مجلدات (23) إنشائي أمير خسرو: في علم الإنشاء

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير