أرشيف المقالات

من الشعر المنثور

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
8 أيها الطفل الغرير! للآنسة (فتاة الفرات) - 1 - رأيتك طفلاً كما يثب العصفور، فوق الأغصان، وسمعتك تغرد كما يغرد البلبل، على الأفنان، فاغتبطت بك اغتباطاً، طار بي من عالم الحقيقة إلى عالم الخيال، وملأت بمنظرك الجميل عيني، وشنفت بصوتك العذب سامعتي، - 2 - ورأيتك يافعاً عائداً من المدرسة، تحمل أدواتك، وجالساً إلى منضدتك تؤدي واجباتك، على ثغرك ابتسامة الظفر، وعلى وجهك طمأنينة الأمل فقلت: هلال سيكون بدراً تماماً، وشبل سيكون أسداً ضرغاماً - 3 - ثم رأيتك بعد أيام وقد برح بك الداء، وأقر الطبيب بالعجز عن الدواء! تنتزع نفسك من صدرك، وتقتلعه من بين أضلاعك، ففر قلبي جزعاً عليك وطار، وانهل الدمع في إثرك وسار! - 4 - كنت جميلاً فزادك الموت جلالاً، وكنت جليلاً فزادتك المنية جلالا ً، فأنت على سرير الموت ملء القلب وملء البصر، نعم إن لك فوقه جمال العريس، وجلال السيد الرئيس - 5 - أيها الطفل الغرير! أيها الغصن الغض النضير! هذه قصيدة أنظمها فيك، بكاء لك وحزنا عليك، كما تنظم يد الربيع لآلئ الأزهار في أسلاك الأشجار، - 6 - ما هي في الحقيقة عبارات، إنما هي هي عبرات وحسرات، نثرتها يد الحزن نثراً، فجاءت غير موزونة ولا مقفاة إنها أنفس ما يملكه القلب الكسير وأثمن ما يحرزه الطرف الحسير - 7 - أنت للنفس سرورها! وأنت للعين نورها! لقد ذهب السرور وذهب النور، فلا نفس ولا عين، كل شيء بعدك يسير، وكل رزء غير رزئك حقير، - 8 - الشمس مشرقة ولكن ليس لها ضياء! والقمر طالع ولكن فارقه البهاء! والعنادل تغرد على الأغصان فلا تحرك ساكناً، ولا تثير كامناً، فأنت مصدر كل نور وأنت مبعث كل سرور - 9 - لو استطعنا لغسلنكا بالدموع ودفناك بين الحشا والضلوع ضناً بك عن سكن الأجداث، ونزول الأرماس فالرمائم للقبور أما اللآلئ فإنها للصدور والنحور - 10 - رجعنا عنك وقد شققنا القلوب والأجفان، لا الجيوب والأردان ونفضنا أيدينا من أنفسنا، بعد أن نفضناها منك، فلا كدر بعدك ولا صفاء ولا سعادة ولا شقاء - 11 - كل يوم للزمان فينا جولة وله على صرح حياتنا صولة ونحن إليه ساكنون مطمئنون، نرتع ونلعب، فيا لله للإنسان ما أنساه! وتباً للزمان ما أقساه! - 12 - نسر كاسر فوق حمام وذئب ضار بين أغنام تسمع النبأة فتجزع وتطير، وتنقطع عنها فتسكن وتلهو، فهل يلين الزمان بعد قسوته؟ وهل يصحو الإنسان من سكرته؟ - 13 - سيبقى على قسوته الزمان وسيظل على غفلته الإنسان لتتم كلمة القضاء القاهر، في سكان الدور والقبور، وليبتهج اللاعب بلعبته وينعم بصولجانه وكرته - 14 - نبكي فتتزايل منا الأضالع، ونضحك فتهل المدامع، فبريق الابتسامة ينذر بالويل، كما ينذر وميض البرق بالصاعقة، فمتى نكون إذن مسرورين؟ ومتى نكون هانئين وادعين؟ - 15 - أيها الملك القاهر! أيها الصانع الماهر! صنعت الأقداح وملأتها، ثم عدت إليها فحطمتها وأرقتها! فقطرات من دموع الفرح إلى بحار من دموع الحزن والترح - 16 - ليتك ما أخذت ولا أعطيت وليتك ما أمت ولا أحييت وليتنا بقينا بين طيات العدم وتحت أذيال الخفاء فلم ننعم بنور الحياة حتى لا نشقى بظلمة الممات حلب فتاة الفرات

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣