أرشيف المقالات

المسرح والسينما

مدة قراءة المادة : 10 دقائق .
8 كتب كاتب في جريدة (الطان) نبذة شائقة عن المسرح والسينما وما يضطرم بينهما من منافسة ينوء بها المسرح.
ومنذ حين يثور الجدل حول هذا الموضوع، وتتجه معظم الآراء إلى أن تقدم الفن السينمائي كان ضربة قاضية للمسرح، وأن المسرح يتدهور بل ينحدر إلى الفناء بسرعة، وأن السينما قد انتزعت منه معظم رواده ومحبيه.
ويقول لنا كاتب (الطان) إن هذه الجلسات السينمائية الصغيرة، ومناظرها الشعرية الغريبة، قد خلبت حقاً ألباب الناس، غير أنه يذهب إلى رأي جديد فيما يتعلق بتقدم الفن السينمائي؛ فهو يرى أن السينما ليس لها من الوجهة الفنية عدو ألد من نفسه، وأخطر من نجاحه، فهو من جهة عبد القوة المالية يطيعها طاعة عمياء، ومن جهة أخرى عبد المخرجين (مخرجي المناظر).
ولما كانت الأشرطة السينمائية لغة عالمية، فإن مخرجيها لا يفكرون إلا في إخراج أشرطة ومناظر تجتذب أعظم مجموعة من الرواد، ويمكن أن تعرض في نفس الوقت في يوكوهاما وبرلين وباريس ولندن ونيويورك وشنغهاي، والنجاح يغدق المال.
على أن هذا النجاح نفسه يحمل المخرجين على أن يتحروا دائماً التأثير في العدد، نجاح الكمية لإنجاح النوع، ومن ثم كانت جمهرة (الأفلام) المتماثلة في المناظر والأذواق العامة، وهي مناظر أصبحت معروفة يتوقعها ويتنبأ بها الجمهور بلا مشقة، وهذا الاتجاه المادي المحض الذي يتخذه الفن السينمائي يثير اليوم بين الكثيرين ضجراً وخيبة أمل، وهؤلاء يرون أن الفلم لم يعد يرضي أذواقهم وأمانيهم الفنية، وأن المسرح هو الكفيل بتحقيق هذه الأذواق والأماني ولهذا يتجه الكثيرون اليوم صوب المسرح، ويعود المسرح فيحرز بعض النجاح والانتعاش، ولكنه انتعاش بطيء يحتاج إلى وقت غير قصير، غير أنها على أي حال ظاهرة تدعو إلى التفاؤل.
وفي وسع أنصار المسرح والفن المسرحي أن ينتهزوا هذه الفرصة فيضاعفوا جهودهم لتجديد المسرح من الناحية الفنية ويستطيع الكاتب المسرحي أن يؤدي في ذلك التجديد دوراً خطيراً، إذا استطاع أن يزود المسرح بطائفة من الآراء والمناظر المبتكرة. البريد الأدبي في نادي القلم العراق عقد نادي القلم العراقي في بغداد جلسة في دار أحد الأعضاء، وقد ألقى في هذا الاجتماع رئيس النادي الأستاذ رضا الشبيبي محاضرة عن (المجريطي: فلسفته ومكتشفاته) وهي نتيجة دراسة كتاب من أهم كتب المجريطي، وهو من أنفس الآثار العربية النادر اسمه (غاية الحكيم وأحق النتيجتين بالتقديم)، وبعد أن ألم المحاضر بتاريخ المجريطي قائلاً في هذا الباب إنه صاحب رسائل (إخوان الصفا) الأندلسية التي ألفها على نمط (رسائل إخوان الصفا) العراقية فبذر فيما بذر التفكير العلمي في أذهان الأندلسيين، فلم تلبث الفلسفة أن ازدهرت في العصور التي تلي عصره في الأندلس، وجاء منها أمثال ابن رشد وابن الصائغ وابن طفيل وبني زهر وغيرهم من أعيان الفلاسفة والمفكرين.
وذكر أيضاً أن المجريطي عالج عدة موضوعات تاريخية وفلسفية، وهو مؤلف كتاب (تاريخ فلاسفة العرب) ترجم فيه الكندي وغيره، وقد استظرف الكندي رسالة موضوعها (كمية بقاء دولة العرب) (؟) وبعد ذلك شرع المحاضر يسرد نتيجة دراسته لهذا الأثر من آثار المجريطي وقال: يستفيد من هذا الكتاب، أي كتاب غاية الحكيم، من يعنى بدراسة تاريخ الحضارة البشرية في أقدم عصورها، ومستنبطات الأمم العريقة في القدم من أنباط وأقباط وسريان وهنود وغيرهم، ومكتشفاتهم وجهودهم في تقدم العمران؛ وبعد أن أورد هذا ونحوه قال: لا أستبعد أنا والحالة هذه أن يكون لآراء المجريطي ومكتشفاته أثر في عمران الأندلس وازدهارها خصوصاً فيما يتصل بالهندسة والكيمياء وعلم المواليد الطبيعية، وإن سكت المؤرخون عن ذلك كله.
واستنتج من مواضع أخرى من الكتاب أن المجريطي فيلسوف يميل إلى الدراسة الشاملة، ولكنه يرجح العلوم الواقعية التي يؤيدها الحس والتجربة، ولا يذعن إلا لأحكام العدد والأرقام في تفكيره.
وأنه مفكر من طراز أعظم مفكري العصر في الرياضيات والطبيعيات.
وينحو من بعض الوجوه منحى الرياضيين الأوربيين في محاولة إخضاع قوى الطبيعة واستخدامها لرفاه الإنسان ورفع مستواه في سلم الحضارة، هذا ونحوه (البلاد البغدادية) للحق والتاريخ قرأت في الرسالة السابعة والثمانين نبأ (عيد الربيع القومي في سورية) وأن (فريقاً كبيراً من طلبة الجامعة السورية والمدرسة التجارية والمدارس الثانوية العالية عقدوا اجتماعاً بحثوا فيه مشروع إقامة عيد قومي في الربيع وأطلقوا عليه اسم عيد الربيع القومي).
فعجبت من نفسي! كيف أكون في صلب دمشق، وأكون أشد الناس صلة بمثل هذه المشروعات، ثم لا أسمع بهذا الخبر إلا من مصر.

وإني لأصفح (الجزيرة) كل يوم يتفضل منشئها الفاضل فيبعث بها إلى.
ولكن من طبعي أني لا آكل الجوز بقشره.

وأني أتخير اللباب من كل شيء، ولذلك لم أقرأ هذا الخبر في الجزيرة).
أما وقد نشر في (الرسالة) والرسالة ديوان العرب، وكتاب الشرق، فلم يبق من قراءته والتعليق عليه بد، كيلا يعلق منه شيء في نفوس القراء، ويبقى مخزاة خالدة لدمشق والحق أن شيئاً مما قالوا لم يكن، وأن هذا الاجتماع لم يعقد إلا في رأس كاتب هذا الخبر، وأن لطلبة الجامعة السورية لجنة تنطق بلسانهم، وتنوب عنهم، ولم يدع واحد من أفرادها إلى اجتماع، ولم تدع هي أحداً إلى اجتماع لمثل هذا.

ولها مشاغل وأعمال هي خير لهذه الأمة وأجدى عليها من تأليف مواكب (تمثل أزاهير دمشق).

ورئيسها الشاب العالم الفاضل الشيخ معروف الدوالي رجل مسلم يكره أن يدخل بإخوانه (جحر الضب)! (أما المدرسة التجارية (العليا) (؟) التي يقوم أحد طلابها برحلة إلى شمال سورية من أجل هذا المشروع!).
فجماع أمرها أنها دار في طريق الصالحية استأجرها قنصل إيطاليا منذ شهور، وكتب على بابها (المدرسة التجارية) واشترى لها مدرساً أديباً كبيراً معروفاً.

وذهب هذا وذاك ومن والاهما، يخطبون في الناس بلغة (الذهب الإيطالي.

وفي الناس أناس عقولهم في جيوبهم، وبطون أكفهم، فاستجابوا لهم، وبعثوا بأبنائهم إلى المدرسة، فكان فيها أربعون طالباً، من أصل أربعمائة ألف، هم سكان دمشق وضواحيها! وأما المدارس الثانوية في دمشق، فإن كبراها المدرسة التجهيزية، وأنا أعلم علم اليقين أنه ليس بين الألف من طلابها، طالب واحد يعلم من أمر هذا المشروع أكثر مما يعلم أي قارئ من قراء الرسالة ودمشق أعقل بحمد الله من أن تسفل في التقليد إلى هذه الدركة، وإن دمشق لتعلم - إذا لم يكن من التقليد بد - أن في باريس شيئاً غير مواكب الزهر، هو الجيش الذي تستعرض مواكبه يوم 14 يوليه.
وأن فيها غير الشباب الذين يحملون الأزهار شباباً يحملون البنادق والسيوف.
وحسب دمشق عاراً المؤتمر النسائي! أفلا تمشي المصيبة إلا على ساقين؟ دمشق علي الطنطاوي مأدبة تكريمية كان مطعم (سان جمس) في مساء الثلاثاء الماضي مجمعاً حافلاً بصدور العلماء وأعلام الأدب وأئمة وأعيان الصحافة؛ اجتمعوا لتكريم صديقنا الأستاذ أحمد أمين رئيس لجنة التأليف والترجمة والنشر، وصاحب فجر الإسلام وضحى الإسلام، وأستاذ الأدب العربي بكلية الآداب.
وكانت هذه المأدبة منذ طويل حاجة ملحة في نفوس أصدقائه وزملائه الذين راقبوا عن كثب جهاده الدائب المضني في خدمة العلم والتأليف عشرين سنة، فلما تهيأت الفرصة بانقضاء عشرين عاماً على رياسته للجنة التأليف والترجمة والنشر، وإخراجه الجزء الثاني من ضحى الإسلام تلاقت رغبات الأعضاء والأصدقاء على إقامة هذه الحفلة، فأقيمت برياسة الأستاذ الجليل أحمد لطفي السيد بك زعيم النهضة الفكرية الحديثة، وساهم فيها أولياء الثقافة من رجالات وزارة المعارف والجامعة المصرية ومجمع اللغة العربية الملكي ولجنة التأليف والترجمة والنشر، فجلس المحتفلون عشرة عشرة إلى الموائد الفخمة يتبادلون شهى الأحاديث في وقار العلماء واحتشام السادة، حتى إذا فرغوا من الطعام نهض معالي رئيس المأدبة فافتتح الكلام بالثناء على جهود الدكتور طه حسين في تعرف الأديب العربي على ضوء المناهج العلمية، وذكر كيف تعاون (الثالوث الأدبي) طه حسين وأحمد أمين والعبادي على خدمة الثقافة العربية بتأليف فجر الإسلام وضحاه، ثم لمح بسبق الأستاذ صديقه إلى أداء نصيبه، ونوه بأثر كتبه في الحياة الأدبية الحديثة، وتساءل لماذا لا يتوج مجمع اللغة العربية الملكي هذه الكتب القيمة أسوة بالمجامع الأخرى.
ثم قام من بعده صاحب الفضيلة الأستاذ المراغي فذكر في منطق عذب وبيان هادئ، أن الدراسة في الأزهر تروض العقل على مصابرة البحث ومتابعة الدرس ورغبة الاستقصاء، فإذا صادفت عقلاً خصيباً وخلقاً قويماً وطبعاً سليماً أنتجت أمثال (الشيخ أحمد أمين)؛ ثم تكلم الدكتور أحمد زكي وكيل كلية العلوم فبين فضل الأستاذ على لجنة التأليف والترجمة والنشر بقوة إرادته ودقة إداراته وكرم أخلاقه، وجودة تأليفه برياسته لها عشرين سنة متوالية.
ثم تلاه الدكتور عبد الوهاب عزام فلخص الصفات الثلاث التي يمتاز بها الأستاذ أحمد أمين حب النظام والدأب والتثبت وجماعها صفة واحدة هي حب الحق ثم قام على أثره الدكتور أحمد عبد السلام الكرداني فافاض في وصف الجاذبية الروحية التي يؤثر بها الأستاذ أحمد أمين في مناظريه ومعارضيه فيبلغ بسحرها من نفوسهم ما يريد؛ ثم تكلم الأستاذ محمد كرد علي عن البلاد العربية، والأستاذ نللينو عنالمستشرقين فأجاد التعبير عما تشعر به النفوس الفاضلة من إجلال العلم وأهله.
ثم كان خاتمة المتكلمين الدكتور طه حسين فأشاد بفضل الأستاذ الكبير نللينو على دراسة الأدب العربي في مصر، ثم وفى صديقه الأستاذ الأمين ما هو أهله من التقدير والحمد؛ ثم نهض الأستاذ المكرم فشكر الداعين والمدعوين في عبارة أخاذة الأسلوب شديدة الروعة والرسالة ترجو أن تؤدي واجبها لصديقها الأستاذ في عدد مقبل

شارك الخبر

المرئيات-١