أرشيف المقالات

كلمة معالي الدكتور بكر عبد الله أبو زيد رئيس مجلس المجمع كلمة معالي الدكتور بكر أبو زيد

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
112-2- العرف لغة واصطلاحًا: يطلق العرف لغة على الشيء المعروف المألوف المستحسن، وهناك معانٍ كثيرة للعرف منها: ضد النكر (كل ما تعرفه النفس من الخير وتأنس به وتطمئن إليه) ، كل عالٍ مرتفع (ومن ثم أطلقوا على أوائل الرياح وأعاليها " أعرافًا ") ، الجود، شعر عنق الفرس، عرف الديك، موج البحر، اسم من الاعتراف (يقال: له علي ألف عرفًا أي اعترافًا) يفيد لفظ العرف التتابع أيضا، يقال مثلًا: طار القطا عرفًا أي طار بعضها خلف بعض (1) . أما في اصطلاح الفقهاء فالأمر الملاحظ في هذا الموضوع هو أنهم استعملوا العرف على مدى عصور طويلة دون تحديد مفهومه بتعريف اصطلاحي وأن أول تعريف للعرف، والعادة أمكن التوصل إليه في أدب الفقه الإسلامي هو ما جاء في كتاب المستصفى المتعلق بفروع الفقه للفقيه الحنفي أبي بركات حافظ الدين النسفي (م 710 /1310) ، وذلك على خلاف ما ذكره عدد كبير من الباحثين الأجلاء أمثال المرحوم الشيخ أبي زهرة، والأساتذة محمد سلام مدكور – رحمه الله – ومصطفى أحمد الزرقاء، وعبد العزيز الخياط ووهبة الزحيلي – حفظهم الله – من أن هذا التعريف مقتبس من كتاب المستصفى، للغزالي كما أشرنا إلى ذلك في الباب الأول (2) ، فالتعريف الذي أتى به النسفي للعرف ونقله عنه الكثيرون كما يلي: " ما استقر في النفوس من جهة العقول وتلقته الطباع السليمة بالقبول " (3) ويعثر على نفس التعريف تقريبا عند الجرجاني إذ يقول: " العرف ما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول وتلقته الطبائع بالقبول " (4) هناك ملاحظات حول هذا التعريف مثل كونه ناقصًا لأنه يرد العرف إلى قبول الطباع ويعتمد على شهادة العقول بينما لا يمكن أن يعد كل ما قبلته الطباع عرفًا كما يحتاج إلى جهة تمييز بين السليم منها وغير السليم (5) ولهذا يجب أن يزاد في التعريف عنصر جوهري وهو عدم مخالفته للنص الشرعي (6) . __________ (1) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة " العرف "، 4 /281؛ ابن منظور، لسان العرب، نفس المادة: 9 /237- 241؛ الفيروز آبادى، القاموس المحيط، نفس المادة:3 /173، 174 (2) انظر الهوامش: رقم 13، 14، 15، 16 من الباب الأول، انظر أيضًا: الزحيلي (وهبة) ، الوسيط في أصول الفقه الإسلامي، دمشق، 1981م – 1982م الجزء الأول (المصادر الاجتهادية) ، ص 379 (3) اعتمدنا في بحثنا هذا على تثبيت لأبي سنة من أن أول تعريف وصل إلينا للعرف هو للنسفي، وبنينا تقويماتنا للموضوع على هذا الأساس، علمًا بأننا أشرنا إلى وجود بعض التوضيحات للعرف وتعريف له قريب من تعريف النسفي، في كتب الأقدمين انظر: الباب الأول، الهامش رقم 18. (4) الجرجاني، التعريفات، ص 60. (5) انظر مع الرد عليها: أبو سنه، العرف والعادة: ص 8، 9. (6) الجيدي، العرف والعمل: ص 33، 34.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢