أرشيف المقالات

التعصب ـ 1

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
10الكاتب: محمد رشيد رضا __________ سعي مشكور تألفت لجنة للسعي في جمع إعانة لجرحى الجيش المصري وعائلات قتلاه، وقد بعث لنا كاتب سر اللجنة الفاضل برَقِيم يذكر فيه تأليف اللجنة مصحوباً بمنشور الدعوة إلى هذا العمل المبرور، فنشرناهما بحروفهما وهما: حضرة الفاضل المحترم صاحب جريدة المنار: في يوم الثلاثاء 26 أبريل سنة 1898 اجتمع بمنزل صاحب السعادة أحمد سيوفي باشا بالعباسية حضرات أمين فكري باشا ناظر الدائرة السنية، ومحمد ماهر باشا محافظ مصر، والأستاذ الشيخ محمد عبده القاضي بمحكمة الاستئناف، ويوسف سليمان بك رئيس نيابة مصر والشيخ عبد الرحيم الدمرداش، وسيدي الحاج محمد الحلو وكيل دولة المغرب الأقصى، وأحمد بك أرناود، وعبد الرحيم بك حجازى من أعيان العاصمة والخواجه شمعون أربيب وأحمد فتحي زغلول بك رئيس محكمة مصر، وشكلوا منهم لجنة للقيام بفتح اكتتاب عام لمساعدة جرحى الجيش وعائلات قتلاه وأيتامهم في الوقائع الأخيرة تحت رعاية الجناب العالي الخديوي، وانتخبوا حضرة الأستاذ الشيخ محمد عبده رئيساً، وسعادة أحمد سيوفي باشا أمينًا للصندوق، وحضرة أحمد فتحي زغلول بك كاتب سر اللجنة، وقرروا إرسال منشور لأهل الخير وأولي البر والإحسان. وفي يوم الخميس تشرف وفد من اللجنة بمقابلة سمو الأمير المعظم، عرضوا ما قرروه على مسامعه الشريفة، فلقوا من جنابه العالي كل رعاية وتلطف، فكان أول المكتتبين، وجرى على ذلك أيضًا صاحب العطوفة مصطفَى فهمي باشا رئيس مجلس النظار وحضرات النظار، واجتمعت اللجنة بعد ذلك بمنزل سعادة أمين الصندوق بالغورية وبعد تحرير المنشور والإقرار عليه كلف كاتب السر بإرساله إلى الجرائد. فقيامًا بما تقرر أبعث لحضرتكم بصورة المنشور رجاء نشره في جريدتكم لتعليم العلم به، واقبلوا مزيد تحياتي. ...
...
...
...
...
...
...
...
كاتب سر اللجنة 7 مايو سنة 1898 ...
...
...
...
...
...
أحمد فتحي زغلول ... 16 ذي الحجة سنة 1315 (المنشور) قد عرف الكافة ما جاء به الجند المصري الذي سِيقَ على البلاد السودانية، مما يخلّد له ولبلده المجد والفخار، ولم يَخْفَ على أحد ما أصاب تلك الجنود في الأيام الأخيرة، من قَتْل بعض ضباطهم وأفراد عساكرهم، وجَرْح عدد كثير منهم وإن كان ما أصابهم قليلاً في جانب الظفر الذي نالوه بمعونة الله وثباتهم وشجاعتهم. ومن المعلوم أن من قتل منهم ترك أيتامًا وأهلاً فيهم الضعفاء وذَوُو البأساء، ومن جرح قد يعجز عن الكسب لو شفي ويحتاج إلى ما يقيم أوده ولو إلى أجل، ومكان هؤلاء الشجعان من أهالي البلاد هو مكان الأخ الكريم من أخيه، أو العضو الشريف من البدن السليم، ولا يسمح أخٌ ذو مروءة أن يدع أخاه في مثل هذا المصاب يذهب فريسة الحاجة، والبدن السليم لا بد أن يألم لما يصيب أعضاءه، ولهذا كان لأنباء ذلك المصاب هزة في قلوب الكثير من أهل الإحساس الطاهر في جميع الطبقات، وأفاض كثير من الجرائد في استنهاض الهمم لمساعدة أولئك الرجال أو أهليهم، وكان لكل واحد من سكان القطر المصري أن يبتدئ بدعوة باقيهم إلى هذا العمل المجيد، والبادئ في الخير الداعي إليه هو في الحقيقة خادم لمن يستنهضه، فإنه إنما يفتح سبيلاً لظهور كرم السجية، وسطوع ضوء الحَمِيّة، وقد قام بعض الأعيان من أهل العاصمة بتأليف لجنة للسعي في جمع إعانة لمساعدة أولئك الجرحى وأهالي القتلى، وعرضوا ما أرادوا الشروع فيه على الجناب الخديوي الفخيم؛ ليكون العمل تحت رعايته، فتفضّل جنابه السامي بقبول ذلك على جاري سننه الشريفة في تعضيد الأعمال الخيرية، فاجتمعوا في يوم الثلاثاء 5 ذي الحجة سنة 1315 الموافق 26 أبريل سنة 1898 بمنزل صاحب السعادة أحمد سيوفي باشا، وانتخبوا الداعي رئيسًا، وسعادة أحمد سيوفي باشا أمين صندوق للإعانة، وحضرة أحمد فتحي زغلول بك كاتب سر اللجنة، ثم عرض الأمر على الجناب السامي فسُرَّ به، وكان أول من شرّف العمل بالاكتتاب وتفضّل به، وكذلك اكتتب صاحب العطوفة رئيس مجلس النظار وبقية حضرات النظار، ثم أخذت اللجنة تتابع أعمالها في دعوة أهل الخير للاشتراك في مساعدة إخوانهم، وحيث إن حضراتكم من أهل الفضل وذوي الهمة والمروءة رأيت أن أبعث إليكم بهذا رجاء أن يرى لهمتكم الأثر الجليل في هذا العمل الجميل، مع العلم بأن من يتفضل بدفع شيء من المعونة لإخوانه المصابين، فإنما يفعل ذلك لمحض الشفقة والمرحمة، وصدوراً عن الهمة والمروءة، ومن المعلوم أنه لا ينقُص مال من صدقة، ولن تُخذل أمة كان التعاون من سجاياها، فأرجو أن تساعدوا بما استطعتم، وأن تقبلوا المساعدة ممن يليكم ويقرُب منكم، وما يجتمع لديكم تتفضلون بإرساله إلى سعادة أمين الصندوق أحمد سيوفي باشا بمصر، ويرسل لكم الإيصال حسْب العادة، والله لا يضيع أجر المحسنين. رئيس اللجنة محمد عبده (اهـ من العدد الثامن) . __________

شارك الخبر

مشكاة أسفل ١