أرشيف المقالات

البريد الأدبي

مدة قراءة المادة : 9 دقائق .
8 مولانا محمد علي: قرأت ما كتبه الأستاذ سرطاوي في عدد الرسالة 938 و939 عن مولانا محمد علي، وقد أرتفع به إلى القمة الشامخة التي لم يبلغها غيره من رجالات الإسلام، وأظهره في مظهر المدافع عن الإسلام، الذاب عن حوزته والذائد عن حوضه، فهو يقول بعد كلام طويل ترجم به لحياته: (لقد بلغ مولانا محمد علي من النجاح شأواً بعيداً قلما بلغه إنسان مثله، بسبب إيمانه العميق بالله، وذلك الإيمان الذي لم تكن لتقوى أعاصير الحياة على زعزعته، والذي كان يزيد في رسوخه ومتانته إدمانه قراءة القرآن والأحاديث المأثورة عن الرسول، والذكريات القومية العميقة الجذور في عواطفه عن مؤسس الحركة الأحمدية، وخشوعه في صلواته التي لا تنقطع لله تعالى.
ثم يقول ولعل بساطته التي نسبته إلى حد بعيد، إلى بساطة الأطفال ترجع إلى عمق اتصاله بالأبد وعالم الروح وهو على الأرض.
وعلى الرغم من أن مولانا محمد علي يعيش في عالم يضطرب بالخداع والنفاق والغرور والنميمة والأذى، فإنه في أخلاقه كالكتاب المفتوح، يستطيع كل إنسان أن يقرأ فيه من النظر إلى قسمات وجهه كل ما يجيش في عواطفه من شعور السخط والغبطة، وهو كالمرآة الصافية الأديم، يرى الناظر فيها كل ما في تلك النفس العظيمة من استحسان واستنكار، تلك النفس التي لا تعرف الخداع والتضليل والأباطيل.
ثم يقول: وبعد فهذه شخصية إسلامية جليلة القدر بعيدة الأثر في خدمة الدين، تعمل أعمال الجبابرة وراء صمت التواضع ليكون العمل خالصاً لوجه الله العظيم. وسيمر الزمن وتتلفت الأجيال المقبلة من أبناء المسلمين إلى التراث الخالد الذي صنعه مولانا محمد علي لنشر الدين، فتعطيه ما يستحقه من تقدير وتنصفه من الحياة التي لا تسدد النظر في مواكبها إلى الدجالين والمشعوذين، فيخلد مع الخالدين. والآن وبعد مرور نصف قرن من جهاد مولانا محمد علي على ذلك الجهاد الذي فتح الآفاق الموصدة في وجه رسالة الإسلام الخالدة؛ يقف فوق الحياة بعد أن أشاع في ظلامها النو الإلهي الذي يبعث الرحمة إلى القلوب المعذبة فيه). وفي نفس المقال يصف ميرزا غلام أحمد مؤسس الحركة الأحمدية بأنه مجدد في الإسلام.
ذا شخصية جبارة تعمل على خير الإسلام والمسلمين في بقاع الأرض. وقرأت ما جاء في عدد شهر أغسطس من سلسلة اقرأ عن المهدي والمهدوية للدكتور أحمد أمين حين يتكلم عن الحركة الأحمدية وعن مؤسسها.
فيقول في ص76: (وهذه الفرقة تسمى أحياناً القاديانية وأحياناً تسمى الأحمدية نسبة إلى غلام أحمد.
وأكثر المسلمين ينفرون منهم، ويعتقدون أنهم مارقون عن الإسلام خارجون على أهله؛ وقد صرح مصطفى كمال باشا وشيخ الإسلام ومفتي الإسلام بخروج القاديانية عن الإسلام، ويزعم محمد علي وأتباعه أنهم مسلمون، وأن غلام أحمد ليس إلا مسلماً ومجدداً؛ ولكن في كتبهم الأساسية ما يثبت غير ذلك؛ فقد نشر في مجلة الديانات مجلد 6 ص299: أن محمد علي رئيس القاديانية كتب أن الصاحب (ميرزا) نبي آخر الزمان؛ ويعنون بميرزا هذا غلام أحمد، وجاء في الخطبة الإلهامية لميرزا هذا قال: رأيت في المنام أني إله فأنا في اعتقادي كذلك (ع كمالات ص 565) ويقول إني أعتقد أن الإيحاءات التي أتلقاها معصومة من الخطأ كتلك التي كان ينزل بها القرآن (الدار الثمين) وقال: إن إيماني بما يوحي إلي ليس أقل على حال من إيماني بالقرآن وجاء في كتاب الأخبار: (أن الله يقول له أي ميرزا: أني أخبر الناس كافة أنك الرسول المقدس إليهم جميعاً) وجاء في كتاب آخر أن الله الحق هو الذي أرسل نجيه في قاديان؛ وإن مدينة قاديان ستظل في مأمن من الوباء إذا كانت محل إقامته.
ثم تدلى فزعم أنه أعظم من الحسين بن علي، وأنه المهدي المنتظر. هذان رأيان متناقضان كل التناقض، فعلى الرغم من أن الدكتور أحمد أمين بك لم يذكر شيئاً عن حياة محمد علي وصفاته؛ ولم يخصه إلا بإشارة عابرة فإننا نشتم منها أن محمد علي هذا خارج على الدين.
وكيف يكون متصفاً بتلك الصفات التي ذكرها الأستاذ سرطاوي من يؤمن بأن هناك نبياً بعد محمد ﷺ، ويتبع رجلاً يدعى أنه إله وأنه نبي، ويعلن أن من لا يصدق به لا يدخل الجنة أبداً. أما نحن من جانبنا فلا نستطيع أن نؤيد أحد الرأيين الآن حتى نقف على بعض جوانب هذه الشخصية وأعمالها ليكون حكمنا صحيحاً. وإني أتقدم إلى قراء الرسالة الكرام بأن يدلني كل من يعرف شيئاً يخص هذا الموضوع إليه، وله مني خالص الشكر، ومن الباحثين عن الحقائق أجزل الثواب. أسيوط عبد الموجود عبد الحافظ 1 - تعقيب على نفر: ينتقد الأديب كيلاني حسن سند قولي (سمراء مثل الكروم) إذ لا لون للكروم في حدود نظره إلا تلك الخضرة الورقية الداكنة.
ولو تصفح حضرته أحد كتب البلاغة لعلم أن (المجاز المرسل) يبيح لقائل أن يقول (شربت الكروم) وهو يريد عصيرها.
وعصيرها هذا كما لا يجهل الأديب ذو ألوان مختلفات أحدها السمرة المرادة في التشبيه.

وينتقد وصفي للضياء بالنعومة لأنه مما لا يلمس باليد؛ وأنا أسأله: وهل لنا أن نصفه بالخشونة؟ وإذا كان الجواب الطبيعي بالنفي، فلماذا تحرمون على شاعر أن يتخيل إيجابية شيء لم تستطيعوا للآن تقرير سلبيته.

وأنا لم أقل (خمرية كالماء) ولكن (خمرية كالمساء) والتحريف مطبعي فلا محل لنقده؛ ومن ثم للرد عليه. 2 - غموض: ثم ننتقل إلى غموض - إلى البيت الثامن: أرنو إلى الفجر الجميل كساحر ...
حملت يداه ريشة عذراء يقول الأديب النابه إن الساحر لا يحمل الريشة.
وإنما هو الرسام، وهذا من البديهة بحيث نخجل عن ذكره - ولو شئنا لقلنا (كراسم) ولن يختل الوزن الشعري.

ولو أتيحت للأديب رؤية الفجر وهو يوزع الألوان والأضواء على لوحة الأفق لوقف مثلي مشدوه الفكر ملتهب الشعور منجذب الروح.
نحو هذه المعجزة السماوية المتجددة.

تماماً كما يقف المسحور تحت تأثير الساحر القدير.

أما عن الشمس (شعت ماسة زرقاء) فهناك وجه الشبه البياني يرخص للشاعر والكاتب أيضاً أن ينظر للشيء من زاوية معينة ليشبهه بآخر لا يطابقه إلا من هذه الزاوية نفسها.
والشمس إذ تبعث بأشعتها النفاذة في كل اتجاه إنما هي ماسة مكبرة ولو لم ترها البصائر الرمداء.
.
كذلك هذا، ولم يكن القمر يشبه العرجون في كل حالاته عندما قال الله تعالى (والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم). ولو رزق الأديب الكيلاني شيئاً من النفاذ أو الإنصاف لساقته تنقلات القصيدة الفكرية من مشاهدة (الفجر) إلى (الظهيرة) إلى (الأصيل).

لساقته هذه التنقلات الزمنية المتعاقبة إلى المشهد الأخير يشهد المساء الجديد. والى السماء وقد تدفق جدولا ...
أزرق أمواهاً وشف نقاء وبعد فعلى الأديب سلام الشعر محمد مفتاح الفيتوري ملاحظتان: ذكر الأستاذ محمد سيد كيلاني بالعدد (949) من الرسالة أن شاعرات العرب لم يقلن بيتاً واحداً في الغزل قبل عائشة التيمورية!! وهو كلام عجيب غريب.
وأحب أن ألفت الكاتب إلى بحث ممتع عن (الغزل في شعر المرأة) قد نشر بمجلة الرسالة منذ ثلاثة أعوام بقلم الأستاذ محمد رجب البيومي، ففيه الرد البليغ. جاء بالعدد (950) من الرسالة بقلم الأستاذ أحمد عبد الغفور العطار أن فعولن في أول المتقارب لا تصير (عولن) كما في قول الشاعر: باتت تلوم على ثادق ...
لبشرى فقد جد عصيانها وختم الكاتب زيادة الفعل الأول ليصبح البيت في رأيه، والحقيقة أن (الخرم) وهو حذف المتحرك الأول من فعولن يدخل المتقارب والطويل، كما في حاشية الدمنهوري على الكافي، وعليه فالزيادة لا معنى لها على الإطلاق، وفقنا الله للصواب. عبد المنصف ناصف

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣