أرشيف المقالات

في رمال التيه

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
8 للأستاذ إبراهيم الوائلي أيّ حُلم طاف بلامس على جفن الزمان ورحيق عاطر النفحة من كرْم الجنان خَضَّلَ الانسامَ واشتفَّ نداه المشرقان غير أن الحُلمَ الزفاف ولىّ غير وان والرحيق العذب قد جف على ثغر الأماني أترى يرجع بعد اليوم طيف قد توارى؟ وملاك من بني الإنسان ما أعظم قَدرَهُ مسح الأرض جناحاه وأصفاها بنَظْرَهْ وسقاها من معين الكوثر السلسل خمره فإذا الصخرةُ ماء وإذا الشوكة زهره وإذا الصحراء ظلٌ وينابيعُ وخضرة غير أن الزهر قد ألوى وماء النبع غارا جاء والأمةُ في ليل من التيهِ معمّى لا ترى نوراً ولا تبصر في الظلماء نجماً تَجبلُ الطين وتبني منه معبوداً أصما وتخال الرمل درّا وترى العوسج كرْما فأشاع النور فيها وأحال الجهل علْما ثم أغفى بعد ما أيقظ شعباً وأنارا مشت النسمةُ بالأمس على الآفاق تمرحْ وسرى النور كطيف ناعم المسرى مُجنَّحْ فانتشى الأيك على الواحة والظلُّ ترنح وأفاق الحجر الغافي ورملُ البيد سبح ثم عادت فإذا الصحراء للذؤبان مسرح وإذا الواحة لا تندى ظلالاً وثمارا مشرق التاريخ بوركت نبياً وإماما وتقدّست كتاباً وجهاداً وسلاما من تُرى صيّر دنياك ضباباً وقتاما؟ والينابيع سراباً والندى العذب جهاما فإذا بالركب يطوي منك قفراً وظلاما لا يرى في السفح ومضاً أو على القمة نارا حُلُمٌ مرَّ وعادت خطرات الحُلْم ذكرى نتملاّها خيالاً شاحب اللون وفكرا هوَّم الشرق فكانت فترة التهويم شرّا وأفاق الجيل حيث الوحش قد بيَّت غدرا فمضى يخبط في التيه ولا يبصر فجرا ووحوش الغاب تستشري لُهاثاً وسُعارا رب رحماك فإن الجيل لا يدرك غايه تائه ضل ولم تبد من الليل نهايه يعبد الأوثان لكن في محاريب العماية ونعوتاً حاكها الزيف على غير هدايه وكساها كل نفاج من الناس نفاية ثم حلاّه كما شاء رياحين وغارا! رب رحماك لجيل في مطاوي البيد حائر وملايين من الناس تردت في المخاطر من سجون.
وحديد، وسياط ومجازر وعهود مظلمات عميت فيها المصائر وهمود قد ألفناه كسكان المقابر وأفانين من الذل تخذناها شعارا محنة الشرق وما أفضع ما يشكو ويلقى من خطوب كالحات لم تذر عدلاً ورفقا يرقص الغرب على الأشلاء مزهواً ونشقى مثلما يندفع الموج على أجساد غرقى قد مللنا العيش ذلاًّ يتغشانا ورقا رب رحماك فإن الراكب قد ضل وحارا أترى يشرق بعد اليوم فجر قد توارى؟ القاهرة إبراهيم الوائلي

شارك الخبر

المرئيات-١