ابحث في الأعلام
طبيعة فلسطين الخلابة
طبيعة فلسطين الخلابة
إذا تحدثنا عن الهلال الخصيب، كانت فلسطين بوابته، وإذا حولنا مجرى الحديث إلى الطبيعة الجغرافية كانت فلسطين في الصدارة، وإذا كان الحديث عن المواقع؛ ستتعبك الشواهد ويضيق صدرك لكثرة البقاع.
ففلسطين من أجمل الأراضي العربية والإسلامية، وأرضها الخصبة، وترتبها النقية، وعوامل الطبيعة والمناخ فيها، وشموخ جبالها، وانبساط مروجها، وحدودها، يضفون صفة جمالية أخاذة على هذه الأرض الرائعة، التي أبدعها الله سبحانه وتعالى وبارك فيها بعد أن وضع الأقصى تاجاً لها، ومن مظاهر البركة: تلك المناظر المدهشة، والتي يقف الحليم أمامها حيراناً لا ينبس ببنت شفة.
إضافة إلى ذلك؛ فإن فلسطين تمتد حدودها التاريخية شرقاً لتصل إلى الأردن والبحر الميت، وغرباً إلى البحر المتوسط، وتجري خلالها العديد من الأنهار، وتحت سمائها من المجمعات المائية والبحيرات ما يأخذ الألباب، كبحيرة طبرية والحولة، وغيرهما.
.
الأمر الذي يثري التربة ويسقي الحرث، وينبت الثمر بإذن الله خالقه العظيم.
فسهولها الخضراء الممتدة لوحة فنان مبدع، وسواحلها وموانئها وبحيراتها وأنهارها، تهديك الجمال هدية، وتضعك على بوابة حلم لا تريد أن تصحو منه، ففي كل شبر آية، وفوق كل بقعة حكاية، وفي وجه جبالها وقسمات وهادها وصفحة بحارها تقرأ التاريخ والجمال والروعة، في سفر واحد اسمه فلسطين.
وجد الشعراء في هذه الصور المبدعة محاور تجذبهم إليها، وتأسر ألبابهم وأقلامهم، فصاروا إذا كتبوا ذكروها، وإذا نظموا حاكوها، وإذا سئموا استطابوها، وإذا اشتد عليهم الكرب واليأس حطموه بسويعة في أحضان طبيعة لا تُملّ بتاتاً.
تجمع الروافد:
الإسهاب لن يفيدنا، ففلسطين كتب على جبينها: هذه الأرض التي تتصارع فيها الحضارات والمطامع والأدمغة والقلوب، فأوغل فيها برفق.
لكن مجموع الروافد التي أسلفناها تتجمع جميعاً في موقع واحد، وتصب كلها في بقعة واحدة، هي فلسطين الدم والشهداء، فلسطين الحضارة والرونق، فلسطين التضحية والفداء، فلسطين الأسرى والجرحى والثكالى واليتامى والأرامل، فلسطين الجرح النازف، أو الموت الناسف، فلسطين التاريخ والحاضر والمستقبل، فلسطين الطبيعة والخيال والآثار والقداسة، فلسطين القدس والأقصى، فلسطين العروبة والإسلام والنصر المبين.
أيتها الأرض المباركة.
.
يا من رفضت أن تغرس فيك بذار التهويد، وقذارة الأرجاس، يا من صبرت على مر الجفا من الناس، يا من ناديت فتخاذل عن نصرة لوائك الحراس، لن نبرح هذه الأرض، ولن نترك هذه الديار، وأعلمي أيتها القاهرة أننا فيك وُلدنا، وعلى ترابك نشأنا وترعرعنا، وعلى ثراك تدرجنا ولعبنا، وفي محاربيك نشأنا وصنعنا، وتحت التراب الذي عشقناه حتى الثمالة وحد الخرافة سندفن، حتى إذا بعثنا يوم النشور قلنا وبكل عنفوان.
.
نحن سفراء أرض فلسطين.
اسمحوا لي أن أسجل استغرابي، كيف لمن عرف هذا وشاهد كل هذه الروائع، ومسّه ظلم الوقائع أن لا يلتهب قلمه، أو يجود يراعه؟.
.
يا سادتي، نحن نتعامل مع عقيدة، مع واقع، مع تراث، مع مجد مسلوب، وأمة مغتصبة، وعروبة تائهة، وقيادات خاطئة، وشعب فلسطيني عزم على الخلاص، فاستسهل درب الرصاص، ألا يستحق ذلك منّا وقفة متأمل، وثورة شاعر، وانتفاضة أديب مغامر؟ بلى والله!!
وما بين هذه الأمال والتطلعات، وتلك العقبات والعقابيل، يقف الشاعر الفلسطيني شعلة متوثبة للعطاء، ينقّب في دروس الماضي عن صلاح الواقع، ويرسل إشعاعات الأمل برغم المحن، ويدوس على شوك الشعاب ليصل قمم الشوامخ الرواسي، فيكفيه الأدب عبادة، وإبداعه وسيلة يتقرب بها إلى الله قبل أن ينمي الموهبة ويبدع بين أقرانه، يحمل عبء المسؤولية والتكليف بكل جَلد وعزيمة، ويقارع خطوب البلاد كصخرة صماء لا تجدي معها الأمواج حيلة ولا وسيلة.