هو هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، أبو الوليد القرشي الأموي الدمشقي، أمير المؤمنين، بويع له بالخلافة بعد أخيه يزيد بن عبد الملك بعهد منه إليه، وذلك يوم الجمعة لأربع بقين من شعبان سنة خمس ومائة، وكان له من العمر يومئذ أربع وثلاثون سنة، وكان جميلا أبيض أحول، يخضب بالسواد، وهو الرابع من ولد عبد الملك لصلبه الذين ولوا الخلافة، فكان هشام آخرهم، وكان في خلافته حازم الرأي، وكان ذكيا مدبرا للأمور، له بصر بها جليلها وحقيرها، اشتهر هشام في خلافته بالحلم والعفة، وكان قد نظم الدواوين وزاد في موارد الدولة، لم يكن أحد من بني مروان أشد نظرا في أمر أصحابه ودواوينه، ولا أشد مبالغة في الفحص عنهم من هشام.

أمر بقتل غيلان القدري.

يؤخذ عليه تغافله عن دعاة بني العباس الذين نشطوا في عهده، ولعل كراهية هشام للعنف وسفك الدماء كانت سببا في تغاضيه عنهم حتى استفحل أمرهم قبيل وفاته، بحيث لم يستطع خلفاؤه وقف مد الدعوة العباسية؛ لذا لما مات هشام اضطرب ملك بني أمية، بقي في الخلافة عشرين سنة إلا شهرين، وصلى عليه ابنه مسلمة، ودفن في الرصافة.


كان يزيد بن عبد الملك قد عهد الأمر من بعده لأخيه هشام ثم لابنه الوليد من بعده، وكان الوليد بن يزيد ماجنا غارقا في شرب الخمر، حاول عمه هشام أكثر من مرة عزلة من الخلافة لكنه لم يفعل, فلما توفي هشام بويع بالخلافة للوليد بن يزيد وعمره خمس وثلاثون سنة.

أكثر الوليد بن يزيد العطاء للناس, وسار في الناس سيرة حسنة في بداية خلافته فاستوثقت له الأقاليم بالبيعة, لكن غلب عليه مجونه ومعاقرته للخمرة.


كان أبو الخطار لما بايع ولاة الأندلس من قيس قد قال شعرا وعرض فيه بيوم مرج راهط، وما كان من بلاء كلب فيها مع مروان بن الحكم، وقيام القيسيين مع الضحاك بن قيس الفهري على مروان, فلما بلغ شعره هشام بن عبد الملك علم أنه رجل من كلب، وكان هشام قد استعمل على أفريقيا حنضلة بن صفوان الكلبي سنة أربع وعشرين ومائة، فكتب إليه هشام أن يولي الخطار الأندلس، فولاه وسيره إليها.