هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي، أمير المؤمنين، أمه أم عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، ويقال له: أشج بني مروان.

وكان يقال: الأشج والناقص أعدلا بني مروان.

فهذا هو الأشج، بويع له بالخلافة بعد ابن عمه سليمان بن عبد الملك عن عهد منه له بذلك.

ويقال: كان مولده في سنة إحدى وستين.

دخل عمر بن عبد العزيز إلى إصطبل أبيه وهو غلام، فضربه فرس فشجه، فجعل أبوه يمسح عنه الدم، ويقول: إن كنت أشج بني أمية إنك إذا لسعيد.

أول ما استبين من عمر بن عبد العزيز حرصه على العلم ورغبته في الأدب -أن أباه ولي مصر وهو حديث السن، يشك في بلوغه، فأراد إخراجه معه، فقال: يا أبه، أو غير ذلك لعله يكون أنفع لي ولك؟ ترحلني إلى المدينة فأقعد إلى فقهاء أهلها وأتأدب بآدابهم.

فوجهه إلى المدينة، فقعد مع مشايخ قريش، وتجنب شبابهم، وما زال ذلك دأبه حتى اشتهر ذكره، فلما مات أبوه أخذه عمه أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان فخلطه بولده، وقدمه على كثير منهم، وزوجه بابنته فاطمة.

ولاه الوليد ولاية المدينة، ثم جعله على الحجاز من 86 – 93هـ، ثم بويع بالخلافة بعد سليمان بوصية منه له, انتشر في عهده العدل والمساواة، ورد المظالم التي كان أسلافه من بني أمية قد ارتكبوها، وعزل جميع الولاة الظالمين ومعاقبتهم، كما أعاد العمل بالشورى، كما اهتم بالعلوم الشرعية، وأمر بتدوين الحديث النبوي.

استمرت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام سار فيها بسيرة الخلفاء الراشدين, توفي عمر عن تسع وثلاثين، وقيل أربعين سنة، وكان سبب وفاته أنه سقي السم، وذلك أن بني أمية قد تبرموا وضاقوا ذرعا من سياسة عمر التي قامت على العدل، وحرمتهم من ملذاتهم وتمتعهم بميزات لا ينالها غيرهم، ورد المظالم التي كانت في أيديهم، وحال بينهم وبين ما يشتهون، فكاد له بعض بني أمية بوضع السم في شرابه، فوضع مولى له سما في شرابه، وأعطي على ذلك ألف دينار، فأخبر أنه مسموم، فقال: لقد علمت يوم سقيت السم.

ثم استدعى مولاه الذي سقاه، فقال له ويحك، ما حملك على ما صنعت؟ فقال: ألف دينار أعطيتها.

فقال: هاتها.

فأحضرها فوضعها في بيت المال، ثم قال له: اذهب حيث لا يراك أحد فتهلك.


دامت خلافة عمر بن عبد العزيز سنتين وخمسة أشهر، فلما توفي صارت الخلافة إلى يزيد بن عبد الملك بناء على الكتاب الذي كتبه سليمان أن يلي الأمر بعد عمر يزيد فصار بذلك الخليفة.


غزا السمح بن مالك الخولاني فرنسا فاخترق جبال البرانس وزحف على مقاطعتي سبتمانيا وبروفانس، ثم أغار على اكيتانيا، وحاصر طلوشة (طولوز) فخرج له دوق اكيتانيا بجيش كبير ونشبت معركة عظيمة بين الطرفين، استشهد فيها السمح، وتولى إمرة الجند عبد الرحمن الغافقي فانسحب بفلول الجيش إلى أربونه.