هو عبد الله بن أبي بن ابن سلول، رأس المنافقين، مرض في ليال بقين من شوال بعد أن رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك, ولما مات استغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى عليه بعد أن حاول عمر منعه عن الصلاة عليه، وقد نزل القرآن بعد ذلك بموافقة عمر رضي الله عنه، وإنما صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إجراء له على حكم الظاهر وهو الإسلام؛ ولما فيه من مصلحة شرعية؛ وهو تأليف قلوب قومه وتابعيه، فقد كان يدين له بالولاء فئة كبيرة من المنافقين، فعسى أن يتأثروا ويرجعوا عن نفاقهم ويعتبروا ويخلصوا لله ولرسوله.


بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أميرا على الحج بعد انسلاخ ذي القعدة ليقيم للمسلمين حجهم -والناس من أهل الشرك على منازلهم من حجهم- فخرج أبو بكر رضي الله عنه ومن معه من المسلمين، وقد بعث عليه الصلاة والسلام عليا رضي الله عنه بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليكون معه، ويتولى علي بنفسه إبلاغ البراءة إلى المشركين نيابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكونه ابن عمه، من عصبته، قال أبو هريرة: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين يوم النحر، نؤذن بمنى: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.

قال حميد بن عبد الرحمن: ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا، فأمره أن يؤذن ببراءة.

قال أبو هريرة: فأذن معنا علي في أهل منى يوم النحر: لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.

قال حميد بن عبد الرحمن: ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا، فأمره أن يؤذن ببراءة.


بقيت الوفود تتابع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بينها وفد نصارى نجران، ومصالحتهم وصالحهم على الجزية، وجعل لهم ذمة.


إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، وأمه مارية القبطية، وقد كان جميع أولاد النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها، ما عدا إبراهيم فمن مارية القبطية المصرية رضي الله عنها، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: «ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: كان إبراهيم مسترضعا له في عوالي المدينة، فكان ينطلق ونحن معه فيدخل البيت وإنه ليدخن، وكان ظئره قينا، فيأخذه فيقبله، ثم يرجع.

قال عمرو: فلما توفي إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن إبراهيم ابني، وإنه مات في الثدي، وإن له لظئرين تكملان رضاعه في الجنة».

عن المغيرة بن شعبة قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم فصلوا، وادعوا الله».

عن أبي بكرة قال: خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج يجر رداءه حتى انتهى إلى المسجد، وثاب الناس إليه، فصلى بهم ركعتين، فانجلت الشمس، فقال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا يخسفان لموت أحد، وإذا كان ذاك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم».

وذاك أن ابنا للنبي صلى الله عليه وسلم مات يقال له: إبراهيم.

فقال الناس في ذاك.

ولد له إبراهيم بالمدينة من سريته مارية القبطية، سنة ثمان من الهجرة، وبشره به أبو رافع مولاه، فوهب له عبدا، ومات طفلا قبل الفطام، واختلف هل صلى عليه أم لا؟ على قولين.


سميت حجة الوداع؛ لأنه عليه الصلاة والسلام ودع الناس فيها، ولم يحج بعدها، وسميت حجة الإسلام؛ لأنه عليه السلام لم يحج من المدينة غيرها، وسميت حجة البلاغ؛ لأنه عليه السلام بلغ الناس شرع الله في الحج قولا وفعلا، ولم يكن بقي من دعائم الإسلام وقواعده شيء إلا وقد بينه عليه السلام، فلما بين لهم شريعة الحج ووضحه وشرحه أنزل الله عز وجل عليه وهو واقف بعرفة: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة: 3].

وعندما أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم عزمه على الحج في هذا العام قدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعمل مثل عمله.

وخرج من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة.

وقد وقعت للنبي صلى الله عليه وسلم في مسيره هذا ورجوعه أحداث كثيرة.