لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة سنة أو خمس عشرة سنة هاجت حرب الفجار بين قريش ومن معها من كنانة وبين قيس عيلان، وهو من أعظم أيام العرب، وكان الذي أهاجها: أن عروة الرحال بن عتبة بن ربيعة أجار لطيمة للنعمان بن المنذر، فقال له البراض بن قيس -أحد بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة-: أتجيرها على كنانة؟! قال: نعم، وعلى الخلق.

فخرج عروة الرحال وخرج البراض يطلب غفلته حتى إذا كان بتيمن ذي ظلال بالعالية غفل عروة؛ فوثب عليه البراض فقتله في الشهر الحرام؛ فلذلك سمي الفجار؛ فأتى آت قريشا فقال: إن البراض قد قتل عروة وهو في الشهر الحرام بعكاظ، فارتحلوا وهوازن لا تشعر، ثم بلغهم الخبر فاتبعوهم فأدركوهم قبل أن يدخلوا الحرم، فاقتتلوا حتى جاء الليل ودخلوا الحرم فأمسكت عنهم هوازن ثم التقوا بعد هذا اليوم أياما عديدة والقوم يتساندون، وعلى كل قبيل من قريش وكنانة رئيس منهم، وعلى كل قبيل من قيس رئيس منهم.

وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أيامهم، وهو يوم النخلة، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أربع عشرة سنة.

ويقال: عشرون سنة.

وبعد منصرفهم منه في ذي القعدة كان حلف الفضول، وسببه: أن رجلا من زبيد من أهل اليمن باع سلعة من العاص بن وائل السهمي فمطله بالثمن؛ فصعد أبا قبيس وصاح وذكر ظلامته.

فعقدت قريش حلف الفضول لنصرة المظلوم، وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحلف معهم.