Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73


لما تولى الوليد بن يزيد بن عبد الملك الخلافة سار في أول أمره سيرة حسنة مع أنه كان قد اشتهر عنه أنه صاحب شراب، ولكن الذي ولد النقمة عليه أنه عقد لولديه بالخلافة من بعده الحكم وعثمان، وهما لم يبلغا سن الرشد بعد، كما أسرف في شرابه وانتهاك المحرمات فثقل ذلك على الناس ونقموا عليه مما حداهم إلى أن بايعوا سرا لابن عمه يزيد بن الوليد، فنادى يزيد بخلع الوليد الذي كان غائبا في عمان الأردن، وكان قد وضع نائبا له على دمشق ففر منها وأرسل يزيد جماعة من أصحابه بقيادة عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك إلى الوليد بن يزيد فقتلوه في قصره البخراء الذي كان للنعمان بن بشير، فكانت مدة خلافته سنة وثلاثة أشهر تقريبا.


بويع ليزيد بن الوليد الذي يقال له: الناقص، وإنما سمي الناقص لأنه نقص الزيادة التي كان الوليد زادها في عطيات الناس، وهي عشرة عشرة، ورد العطاء إلى ما كان أيام هشام، لما قتل الوليد بن يزيد خطب يزيد بن وليد الناس فذم الوليد بن يزيد وأنه قتله لفعله الخبيث.

قال: (.
.
.

ظهر الجبار العنيد، المستحل الحرمة، والراكب البدعة، والمغير السنة، فلما رأيت ذلك أشفقت إذ غشيتكم ظلمة لا تقلع عنكم على كثرة من ذنوبكم، وقسوة من قلوبكم، وأشفقت أن يدعو كثير من الناس إلى ما هو عليه، فيجيبه من أجابه منكم، فاستخرت الله في أمري، وسألته ألا يكلني إلى نفسي، ودعوت إلى ذلك من أجابني من أهلي وأهل ولايتي، وهو ابن عمي في نسبي وكفئي في حسبي، فأراح الله منه العباد، وطهر منه البلاد، ولاية من الله، وعونا بلا حول منا ولا قوة، ولكن بحول الله وقوته وولايته وعونه.

ثم قال: أيها الناس إن لكم علي أن لا أضع حجرا على حجر ولا لبنة، ولا أكتري نهرا، ولا أكثر مالا، ولا أعطيه زوجة وولدا، ولا أنقل مالا عن بلد حتى أسد ثغره وخصاصة أهله بما يغنيهم، فما فضل نقلته إلى البلد الذي يليه، ولا أجمركم في ثغوركم فأفتنكم، ولا أغلق بابي دونكم، ولا أحمل على أهل جزيتكم، ولكم أعطياتكم كل سنة، وأرزاقكم في كل شهر حتى يكون أقصاكم كأدناكم، فإن وفيت لكم بما قلت فعليكم السمع والطاعة وحسن الوزارة، وإن لم أف فلكم أن تخلعوني إلا أن أتوب، وإن علمتم أحدا ممن يعرف بالصلاح يعطيكم من نفسه مثل ما أعطيكم وأردتم أن تبايعوه فأنا أول من يبايعه.

أيها الناس لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)
.


لما استلم يزيد بن الوليد الخلافة بعد أن قتل ابن عمه الوليد بن يزيد اضطربت الأمور عليه واختلفت كلمة بني مروان، وخرج سليمان بن هشام من السجن واستولى على الأموال، وكان في سجن الوليد بن يزيد في عمان ثم حضر دمشق، وثار أهل حمص يطالبون بدم الوليد بن يزيد وخلعوا أميرهم، وثار أهل فلسطين وبايعوا يزيد بن سليمان، وأهل الأردن كذلك ثاروا وبايعوا محمد بن عبد الملك، وكان مروان بن محمد في أرمينية يحرض على الأخذ بدم الوليد بن يزيد، ثم إن يزيد بن الوليد بايع لأخيه إبراهيم من بعده ومن بعده لعبد العزيز بن الحجاج؛ ولكن لم يلبث أن توفي يزيد بالطاعون في 7 ذي الحجة من العام نفسه فلم تدم خلافته أكثر من ستة أشهر.


لما توفي يزيد بن الوليد وكان قد عهد لأخيه إبراهيم، فلما سمع مروان بن محمد بن عبد الملك بذلك، واستلام إبراهيم بن الوليد، قفل من خرسان بالجزيرة وسار إلى دمشق وأخذ البيعة لنفسه، فمال إليه من قنسرين ومن حمص الكثير، ثم جرت معركة بينه وبين جند إبراهيم انتصر فيها مروان، ثم لما وصل لدمشق هرب إبراهيم وقتله عبد العزيز بن الحجاج، فلم تدم خلافة إبراهيم سوى سبعين يوما، ثم بويع بالخلافة لمروان بعد أن قتل ولدا الوليد: الحكم وعثمان، ثم استقرت له الأمور شيئا فشيئا.


في هذه السنة ثار بعض اليمانية على مروان بن محمد في حمص وتدمر وكذلك في فلسطين، فقام بإرسال من يقمعهم مستعينا بالقيسية، كما خرج في الكوفة عبد الله بن معاوية الطالبي على بني أمية وبايعه بعض أصحابه ثم هرب معهم إلى حلوان وغلب على الري وأصبهان وهمدان، وفي الأندلس ثار بعض القيسية بقيادة ثوابة بن سلامة الذي تولى بعد إمارة الأندلس.


هو عاصم بن بهدلة أبي النجود، أحد القراء السبعة، وهو من صغار التابعين، لقي عاصم بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ عنهم، كالحارث بن حسان البكري الذهلي رضي الله عنه، ورفاعة بن يثربي التميمي رضي الله عنه، انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد أبي عبد الرحمن السلمي في موضعه، جمع بين الفصاحة والإتقان والتحرير والتجويد، وكان أحسن الناس صوتا بالقرآن، والقراءة المشهورة اليوم في أكثر الأمصار هي عن حفص عن عاصم هذا، توفي في الكوفة.


كان سبب ذلك أنه لما قدم الأندلس أميرا أظهر العصبية لليمانية على المضرية، فاتفق في بعض الأيام أنه اختصم رجل من كنانة ورجل من غسان، فاستعان الكناني بالصميل بن حاتم بن ذي الجوشن الضبابي، فكلم فيه أبا الخطار، فاستغلظ له أبو الخطار، فأجابه الصميل، فأمر به فأقيم وضرب قفاه، فمالت عمامته، فلما خرج قيل له: نرى عمامتك مالت! فقال: إن كان لي قوم فسيقيمونها.

وكان الصميل من أشراف مضر، فلما جرى له ذلك جمع قومه وأعلمهم، فقالوا له: نحن تبع لك.

قال: أريد أن أخرج أبا الخطار من الأندلس.

فقال له بعض أصحابه: افعل واستعن بمن شئت ولا تستعن بأبي عطاء القيسي.

وكان من أشراف قيس، وكان ينظر الصميل في الرياسة ويحسده.

وقال له غيره: الرأي أنك تأتي أبا عطاء وتشد أمرك به فإنه تحركه الحمية وينصرك، وإن تركته مال إلى أبي الخطار وأعانه عليك ليبلغ فيك ما يريد، والرأي أيضا أن تستعين عليه بأهل اليمن فضلا عن معد.

ففعل ذلك وسار من ليلته إلى أبي عطاء، وكان يسكن مدينة إستجة، فعظمه أبو عطاء وسأله عن سبب قدومه، فأعلمه، حتى قام فركب فرسه ولبس سلاحه وقال له: انهض الآن حيث شئت فأنا معك.

وأمر أهله وأصحابه باتباعه، فساروا إلى مرو، وبها ثوابة بن سلامة الحداني، وكان مطاعا في قومه، وكان أبو الخطار قد استعمله على إشبيلية وغيرها، ثم عزله ففسد عليه، فدعاه الصميل إلى نصره ووعده أنه إذا أخرجوا أبا الخطار صار أميرا، فأجاب إلى نصره ودعا قومه فأجابوه فساروا إلى شدونة، وسار إليهم أبو الخطار من قرطبة، فالتقوا واقتتلوا في رجب من هذه السنة، وصبر الفريقان ثم وقعت الهزيمة على أبي الخطار وقتل أصحابه أشد قتل وأسر أبو الخطار.

ولما انهزم أبو الخطار سار ثوابة بن سلامة والصميل إلى قرطبة فملكاها، واستقر ثوابة في الإمارة فثار به عبد الرحمن بن حسان الكلبي وأخرج أبا الخطار من السجن، فاستجاش اليمانية فاجتمع له خلق كثير، وأقبل بهم إلى قرطبة، وخرج إليه ثوابة فيمن معه من اليمانية والمضرية مع الصميل.

فلما تقاتل الطائفتان نادى رجل من مضر: يا معشر اليمانية، ما بالكم تتعرضون للحرب على أبي الخطار وقد جعلنا الأمير منكم؟ يعني ثوابة، فإنه من اليمن.
.
.

فلما سمع الناس كلامه قالا: صدق والله، الأمير منا فما بالنا نقاتل قومنا؟ فتركوا القتال وافترق الناس، فهرب أبو الخطار فلحق باجة، ورجع ثوابة إلى قرطبة، فسمي ذلك العسكر عسكر العافية.


بعد أن طلب أمير الأحساء وزعيم بني خالد: سليمان بن محمد بن غرير آل حميد الخالدي من حاكم العيينة التخلص من الشيخ محمد بن عبد الوهاب, فكتب إلى عثمان يتوعده ويأمره أن يقتل هذا المطوع الذي عنده في العيينة, وقال: إن المطوع الذي عندكم بلغنا عنه كذا وكذا، فإما أن تقتله، وإما أن نقطع عنك خراجك الذي عندنا!! وكان عنده للأمير عثمان خراج من الذهب، فعظم على عثمان أمر هذا الأمير، وخاف إن عصاه أن يقطع عنه خراجه أو يحاربه، فقال للشيخ: إن هذا الأمير كتب إلينا كذا وكذا، وإنه لا يحسن منا أن نقتلك، وإنا نخاف هذا الأمير ولا نستطيع محاربته، فإذا رأيت أن تخرج عنا فعلت، فقال له الشيخ: إن الذي أدعو إليه هو دين الله وتحقيق كلمة لا إله إلا الله، وتحقيق شهادة أن محمدا رسول الله، فمن تمسك بهذا الدين ونصره وصدق في ذلك نصره الله وأيده وولاه على بلاد أعدائه، فإن صبرت واستقمت وقبلت هذا الخير، فأبشر فسينصرك الله ويحميك من هذا البدوي وغيره، وسوف يوليك الله بلاده وعشيرته, فقال: أيها الشيخ، إنا لا نستطيع محاربته، ولا صبر لنا على مخالفته، فخرج الشيخ عند ذلك وتحول من العيينة إلى بلاد الدرعية، جاء إليها ماشيا- فيما ذكروا- حتى وصل إليها في آخر النهار، وقد خرج من العيينة في أول النهار ماشيا على الأقدام لم يرحله عثمان، فدخل على شخص من خيارها في أعلى البلد يقال له محمد بن سويلم العريني، فنزل عليه.


خرج الإمام محمد بن عبد الوهاب من العيينة بنجد يدعو إلى دين الله القويم، وقد كانت منطقة نجد في هذه الفترة انتشر فيها الشرك والبدع، فلقي الشيخ صعوبات كثيرة إلى أن يسر الله له الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية، فتم بينهما اتفاق تاريخي في هذا العام عرف "باتفاق الدرعية" لما وصل الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الدرعية دخل على شخص من خيارها في أعلى البلد يقال له: محمد بن سويلم العريني، فنزل عليه, ويقال إن هذا الرجل خاف من نزوله عليه وضاقت به الأرض بما رحبت، وخاف من أمير الدرعية محمد بن سعود، فطمأنه الشيخ وقال له: أبشر بخير، وهذا الذي أدعو الناس إليه دين الله، وسوف يظهره الله، فبلغ محمد بن سعود خبر الشيخ محمد، ويقال: إن الذي أخبره به زوجته، جاء إليها بعض الصالحين وقال لها: أخبري زوجك الأمير محمدا بهذا الرجل، وشجعيه على قبول دعوته، وحرضيه على مؤازرته ومساعدته، وكانت امرأة صالحة طيبة، فلما دخل عليها محمد بن سعود أمير الدرعية وملحقاتها قالت له: أبشر بهذه الغنيمة العظيمة! هذه غنيمة ساقها الله إليك، رجل داعية يدعو إلى دين الله، ويدعو إلى كتاب الله، يدعو إلى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، يا لها من غنيمة! بادر بقبوله وبادر بنصرته، ولا تقف في ذلك أبدا، فقبل الأمير مشورتها، ثم تردد هل يذهب إليه أو يدعوه إليه؟! فأشير عليه، ويقال: إن المرأة أيضا هي التي أشارت عليه مع جماعة من الصالحين، وقالوا له: لا ينبغي أن تدعوه إليك، بل ينبغي أن تقصده في منزله، وأن تقصده أنت وأن تعظم العلم والداعي إلى الخير، فأجاب إلى ذلك لما كتب الله له من السعادة والخير- رحمة الله عليه، وأكرم الله مثواه- فذهب إلى الشيخ في بيت محمد بن سويلم العريني، ورحب به قائلا: "أبشر ببلاد خير من بلادك، وأبشر بالعز والمنعة، فقال الشيخ محمد: وأنا أبشرك بالعز والتمكين، وهذه كلمة لا إله إلا الله، من تمسك بها وعمل بها ونصرها، ملك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل، من أولهم إلى آخرهم, ثم بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب للأمير محمد بن سعود حقيقة الإسلام والإيمان، وأخبره ببطلان ما عليه أهل نجد من عبادة الأوثان والأصنام والأشجار، فقال الأمير له: يا شيخ، لاشك عندي أن ما دعوت إليه أنه دين الله الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه، وأن ما عليه اليوم أهل نجد من هذه العبادات الباطلة هو كما ذكرت نفس ما كان عليه المشركون الأولون من الكفر بالله والإشراك، فأبشر بنصرتك وحمايتك والقيام بدعوتك، ولكن أريد أن أشترط عليك شرطين: نحن إذا قمنا بنصرتك وجاهدنا معك ودان أهل نجد بالإسلام وقبلوا دعوة التوحيد، أخاف أن ترتحل عنا وتستبدل بنا غيرنا، والثاني: أن لي على أهل الدرعية قانونا آخذه منهم وقت حصاد الثمار، وأخاف أن تقول: لا تأخذ منهم شيئا، فقال الشيخ: أما الشرط الأول فابسط يدك أعاهدك: الدم بالدم، والهدم بالهدم، وأما الثاني فلعل الله أن يفتح عليك الفتوحات فيعوضك من الغنائم والزكوات ما هو خير منه.

فتم التعاهد والاتفاق بينهما"، فقام الأمير محمد بن سعود بمؤازرة الشيخ ودعمه وحمايته؛ ليقوم بتبليغ الدعوة، فانطلق الشيخ محمد يصحح الأوضاع الدينية المتردية، فقويت الدرعية سياسيا ودينيا, ثم انطلقت منها الجيوش لتوحيد الأجزاء المتفرقة من نجد وما حولها ونشر الدعوة فيها.