Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


هو السلطان أبو يحيى تميم بن المعز بن باديس بن المنصور بن بلكين بن زيري بن مناد الحميري الصنهاجي، ملك إفريقية بعد أبيه.

كان ملكا جليلا شهما، شجاعا ذكيا، مهيبا فاضلا، شاعرا جوادا فصيحا, حليما كثير العفو عن الجرائم العظيمة، وله معرفة حسنة، وله شعر حسن, كان حسن السيرة، محبا للعلماء، قصده الشعراء من النواحي.

ولد سنة 422، ولم يزل بالمهدية منذ ولاه أبوه إياها من صفر سنة خمس وأربعين إلى أن توفي أبوه, وكان له في البلاد أصحاب أخبار يجري عليهم أرزاقا سنية ليطالعوه بأحوال أصحابه؛ لئلا يظلموا الناس.

ولما توفي كان عمره تسعا وسبعين سنة، وكانت ولايته ستا وأربعين سنة وعشرة أشهر وعشرين يوما، وخلف من الذكور ما يزيد على مائة، ومن البنات ستين بنتا، ولما توفي ملك بعده ابنه يحيى بن تميم.


هو الأمير سيف الدولة صدقة بن بهاء الدولة منصور بن ملك العرب دبيس بن علي بن مزيد الأسدي، الناشري العراقي صاحب الحلة السيفية.

كان يتشيع هو وأهل بيته، ويقال له ملك العرب.

وكان ذا بأس وسطوة، كريما ذا ذمام، عفيفا من الزنا والفواحش، كأن عليه رقيبا من الصيانة، ولم يتزوج على زوجته قط ولا تسرى، وقيل: إنه لم يشرب مسكرا ولا سمع غناء ولا قصد التسوق في طعام، ولا صادر أحدا من أصحابه، وكان تاريخ العرب الأماجد كرما ووفاء، وكانت داره ببغداد حرم الخائفين.

اختط مدينة الحلة في سنة خمس وتسعين وأربع مائة، وسكنها الشيعة، وكان قد عظم شأن صدقة، وعلا قدره، واتسع جاهه، واستجار به صغار الناس وكبارهم، فأجابهم، وكان كثير العناية بأمور السلطان محمد، والتقوية ليده، والشد منه على أخيه بركيارق، حتى إنه جاهر بركيارق بالعداوة، ولم يبرح على مصافاة السلطان محمد، وزاده محمد إقطاعا، من جملته مدينة واسط، وأذن له في أخذ البصرة.

ثم أفسد ما بينهما العميد أبو جعفر محمد بن الحسين البلخي، ثم إنه تعدى ذلك حتى طعن في اعتقاده، ونسبه وأهل بلده إلى مذهب الباطنية، وقيل: إنما كان مذهبه التشيع لا غير، ووافق أرغون السعدي أبا جعفر العميد، وأما سبب قتله فإن السلطان محمدا قد سخط على أبي دلف سرخاب بن كيخسرو، صاحب ساوة وآبة، فهرب منه وقصد صدقة فاستجار به فأجاره، فأرسل السلطان يطلب من صدقة أن يسلمه إلى نوابه، فلم يفعل، وظهر منه أمور أنكرها السلطان, فأنفذ الخليفة المستظهر بالله إلى صدقة ينهاه عن الخروج على السلطان، وترددت الرسل بين الخليفة وصدقة, فما سمع صدقة، واجتمع له عشرون ألف فارس، وثلاثون ألف راجل، فتوجه السلطان إلى العراق ليتلافى هذا الأمر، فالتقى الجمعان عند النعمانية، فرشقتهم عساكر السلطان بالسهام، فجرحت خيولهم، ثم ولوا، وبقي صدقة يجول بنفسه، فجرح فرسه المهلوب، وكان عديم المثل، وهرب وزيره على فرس له، فناداه، فما ألوى عليه، ثم جاءته ضربة سيف في وجهه، وقتل صدقة، وحمل رأسه إلى بغداد.

وقتل من أصحابه ما يزيد على ثلاثة آلاف فارس، فيهم جماعة من أهل بيته، وأسر ابنه دبيس ووزيره وعدة من أهله، وكان عمره تسعا وخمسين سنة، وكانت إمارته إحدى وعشرين سنة، وحمل فدفن في مشهد الحسين عليه السلام, ثم عاد السلطان إلى بغداد، ولم يصل إلى الحلة، وأرسل إلى البطيحة أمانا لزوجة صدقة، وأمرها بالظهور فأصعدت إلى بغداد، فأطلق السلطان ابنها دبيسا، وأنفذ معه جماعة من الأمراء إلى لقائها.


كان حصن عرقة، وهو من أعمال طرابلس، بيد غلام للقاضي فخر الملك أبي علي بن علي بن عمار، صاحب طرابلس، وهو من الحصون المنيعة، فعجز غلام ابن عمار عن حمايته، فضاق به القوت وانقطعت عنه الميرة؛ لطول مكث الفرنج في نواحيه، فأرسل إلى أتابك طغتكين، صاحب دمشق، وقال له: أرسل من يتسلم هذا الحصن مني؛ قد عجزت عن حفظه، ولأن يأخذه المسلمون خير لي دنيا وآخرة من أن يأخذه الفرنج.

فبعث إليه طغتكين صاحبا له اسمه إسرائيل في ثلاثمائة رجل، فتسلم الحصن، فلما نزل غلام ابن عمار منه رماه إسرائيل في الأخلاط بسهم فقتله، وكان قصده بذلك ألا يطلع أتابك طغتكين على ما خلفه بالقلعة من المال، وأراد طغتكين قصد الحصن للاطلاع عليه، وتقويته بالعساكر والأقوات وآلات الحرب، فنزل الغيث والثلج مدة شهرين ليلا ونهارا فمنعه، فلما زال ذلك سار في أربعة آلاف فارس ففتح حصونا للفرنج، منها حصن الأكمة.

فلما سمع السرداني الفرنجي ابن أخت صنجيل بمجيء طغتكين، وهو على حصار طرابلس، توجه في ثلاثمائة فارس، فلما أشرف أوائل أصحابه على عسكر طغتكين انهزموا، وخلوا ثقلهم ورحلهم ودوابهم للفرنج، فغنموا وقووا به، وزاد في تجملهم، ووصل المسلمون إلى حمص على أقبح حال من التقطع، ولم يقتل منهم أحد لأنه لم تجر حرب، وقصد السرداني إلى عرقة، فلما نازلها طلب من كان بها الأمان، فأمنهم على نفوسهم، وتسلم الحصن، فلما خرج من فيه قبض على إسرائيل، وقال: لا أطلقه إلا بإطلاق فلان، وهو أسير كان بدمشق من الفرنج منذ سبع سنين، ففودي به وأطلقا معا، ولما وصل طغتكين إلى دمشق بعد الهزيمة أرسل إليه ملك القدس يقول له: لا تظن أنني أنقض الهدنة للذي تم عليك من الهزيمة، فالملوك ينالهم أكثر مما نالك، ثم تعود أمورهم إلى الانتظام والاستقامة، وكان طغتكين خائفا أن يقصده بعد هذه الكسرة فينال من بلده كل ما أراد.


حدثت حرب شديدة بين طغتكين أتابك دمشق -أتابك يعني الأمير الوالد- والفرنج، وسببها أن طغتكين سار إلى طبرية، وقد وصل إليها ابن أخت بغدوين الفرنجي، ملك القدس، فتحاربا واقتتلا، وكان طغتكين في ألفي فارس وكثير من الرجالة، وكان ابن أخت ملك الفرنج في أربعمائة فارس وألفي راجل، فلما اشتد القتال انهزم المسلمون، فترجل طغتكين ونادى بالمسلمين وشجعهم، فعاودوا الحرب وكسروا الفرنج، وأسروا ابن أخت الملك، وحمل إلى طغتكين، فعرض طغتكين عليه الإسلام فامتنع منه، وبذل في فداء نفسه ثلاثين ألف دينار، وإطلاق خمسمائة أسير، فلم يقنع طغتكين منه بغير الإسلام، فلما لم يجب قتله بيده، وأرسل إلى الخليفة والسلطان الأسرى، ثم اصطلح طغتكين وبغدوين ملك الفرنج على وضع الحرب أربع سنين.


تطلع علي بن يوسف بن تاشفين إلى القضاء على مقاومة النصارى وخاصة ألفونسو السادس صاحب طليطلة الذي أصبح يغير على أطراف بلاد المسلمين في الأندلس بعد وفاة يوسف بن تاشفين، فولى أخاه تميما على غرناطة وجعله قائد جيش المرابطين في الأندلس، ثم قام تميم بمحاربة ألفونسو في معركة أقليش التي تعتبر من أكبر المعارك بعد الزلاقة، واستطاع تميم أن ينتصر على ألفونسو الذي قتل ابنه في هذه المعركة، كما قتل قائد جيشه ومعظم من كان معه من الأمراء ونحو عشرة آلاف من الجنود، وهذا الانتصار قوى من عزيمة علي للمسير إلى الأندلس للقضاء على شأفة النصارى فيها، حتى سار في السنة التالية وافتتح ثمانية وعشرين حصنا.


كان الصليبيون هاجموا دمشق من جهة الشمال عام 497 ولكنهم هزموا، وأسر أمير الرها الصليبي، غير أنهم استطاعوا في العام نفسه أن يدخلوا حصن أفاميا.

بدعم من العبيديين في أول الأمر لما وجدوا في الصليبيين حلفاء طبيعيين ضد السلاجقة خصومهم، واتفقوا معهم على أن يحكموا شمالي بلاد الشام ويتركوا لهم حكم جنوبها، ولما دخل الصليبيون بيت المقدس أحسوا بشيء من النصر فتابعوا تقدمهم واصطدموا بالعبيديين، وبدأت الخلافات بينهما؛ فالعبيديون قاتلوا الصليبيين دفاعا عن مناطقهم في جنوب الشام وخوفا على أنفسهم، ولم يقاتلوهم دفاعا عن الإسلام وحماية لأبنائه، ولو استمر الصليبيون في اتفاقهم مع العبيديين لكان من الممكن أن يتقاسموا وإياهم ديار الإسلام.

لقد استقبل سكان البلاد من النصارى والأرمن الصليبيين استقبالا حارا ورحبوا بهم ترحيبا كبيرا، وقد ظهر هذا في أثناء دخولهم أنطاكية وبيت المقدس،كما قد دعموهم في أثناء وجودهم في البلاد وقدموا لهم كل المساعدات، وقاتلوا المسلمين، وكانوا عيونا عليهم للصليبيين, وتشكلت إمارات صليبية في بلاد الشام، وهي: إمارة في الرها، إمارة بيت المقدس، إمارة أنطاكية، ولم يجد الصليبيون الأمن والاستقرار في بلاد الشام في المناطق التي سيطروا عليها وشكلوا فيها إمارات رغم انتصارهم؛ إذ كان السكان المسلمون ينالون منهم كلما سنحت لهم الفرصة، كما يغير عليهم الحكام المسلمون في سبيل إخراجهم من البلاد، ودفاعا عن عقائدهم ومقدساتهم التي كان الصليبيون ينتهكونها.


لما استولى جاولي سقاوو على الموصل وعلى الأموال الكثيرة منها، لم يحمل إلى السلطان منها شيئا، فلما وصل السلطان إلى بغداد لقصد بلاد سيف الدولة صدقة، أرسل إلى جاولي يستدعيه إليه بالعساكر، وكرر الرسل إليه، فلم يحضر، وغالط في الانحدار إليه، وأظهر أنه يخاف أن يجتمع به، ولم يقنع بذلك حتى كاتب صدقة، وأظهر له أنه معه، فلما فرغ السلطان من أمر صدقة وقتله، أرسل مجموعة من أمرائه الكبار على رأسهم مودود بن طغتكين إلى الموصل، وبلاد جاولي، وأخذها منه، فتوجهوا نحو الموصل فوجدوا جاولي عاصيا قد استعد للحصار وحبس الأعيان وخرج عن البلد ونهب السواد.

فطال الحصار على أهلها من خارج، والظلم من داخل إلى آخر المحرم، والجند بها يمنعون القرب من السور.

فلما طال الأمر على الناس خرج بعض الحامية من فرجة من السور وأدخلوا منها مودودا وعساكره، فملكوا البلد, فلما دخله الأمير مودود نودي بالسكون والأمن، وأن يعود الناس إلى دورهم وأملاكهم، وولي مودود الموصل وما ينضاف إليها.


كان المصاف بين جاولي سقاوو التركماني وبين طنكري الفرنجي، صاحب أنطاكية، وسبب ذلك أن الملك رضوانا كتب إلى طنكري صاحب أنطاكية يعرفه ما عليه جاولي من الغدر والمكر والخداع، ويحذره منه ويعلمه أنه قصد حلب وأنه إن ملكها لا يبقى للفرنج معه بالشام مقام، وطلب منه النصرة والاتفاق على منعه.

فأجابه طنكري إلى منعه، وبرز من أنطاكية، فأرسل إليه رضوان ستمائة فارس، فلما سمع جاولي الخبر أرسل إلى القمص -كبير القساوسة- صاحب الرها، يستدعيه إلى مساعدته، وأطلق له ما بقي عليه من مال المفاداة، فسار إلى جاولي فلحق به، وهو على منبج، فوصل الخبر إليه، وهو على هذه الحال، بأن الموصل قد استولى عليها عسكر السلطان، وملكوا خزائنه وأمواله، فاشتد ذلك عليه وفارقه كثير من أصحابه، منهم أتابك زنكي بن آقسنقر، وبكتاش النهاوندي، وبقي جاولي في ألف فارس، وانضم إليه خلق من المطوعة، فنزل بتل باشر، وقاربهم طنكري، وهو في ألف وخمسمائة فارس من الفرنج، وستمائة من أصحاب الملك رضوان، سوى الرجالة، فجعل جاولي في ميمنته الأمير أقسيان، والأمير التونتاش الأبري وغيرهما، وفي الميسرة الأمير بدران بن صدقة، وأصبهبذ صباوة، وسنقر دراز، وفي القلب القمص، صاحب الرها، واشتد القتال، فأزاح طنكري القلب عن موضعه، وحملت ميسرة جاولي على رجالة صاحب أنطاكية، فقتلت منهم خلقا كثيرا، ولم يبق غير هزيمة صاحب أنطاكية، فحينئذ عمد أصحاب جاولي إلى جنائب القمص وجوسلين وغيرهما من الفرنج، فركبوها وانهزموا، فمضى جاولي وراءهم ليردهم، فلم يرجعوا، وكانت طاعته قد زالت عنهم حين أخذت الموصل منه، فلما رأى أنهم لا يعودون معه أهمته نفسه، وخاف من المقام، فانهزم، وانهزم باقي عسكره، فأما أصبهبذ صباوة فسار نحو الشام، وأما بدران بن صدقة فسار إلى قلعة جعبر، وأما ابن جكرمش فقصد جزيرة ابن عمر، وأما جاولي فقصد الرحبة، وقتل من المسلمين خلق كثير، ونهب صاحب أنطاكية أموالهم وأثقالهم، وعظم البلاء عليهم من الفرنج، وهرب القمص وجوسلين إلى تل باشر والتجأ إليهما خلق كثير من المسلمين، ففعلا معهم الجميل، وداويا الجرحى، وكسوا العراة، وسيراهم إلى بلادهم.