Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73


عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه -يعني ظئره-فقالوا: إن محمدا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون".

قال أنس: «وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره».


 لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة سنة أو خمس عشرة سنة هاجت حرب الفجار بين قريش ومن معها من كنانة وبين قيس عيلان، وهو من أعظم أيام العرب، وكان الذي أهاجها: أن عروة الرحال بن عتبة بن ربيعة أجار لطيمة للنعمان بن المنذر، فقال له البراض بن قيس -أحد بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة-: أتجيرها على كنانة؟! قال: نعم، وعلى الخلق.

فخرج عروة الرحال وخرج البراض يطلب غفلته حتى إذا كان بتيمن ذي ظلال بالعالية غفل عروة؛ فوثب عليه البراض فقتله في الشهر الحرام؛ فلذلك سمي الفجار؛ فأتى آت قريشا فقال: إن البراض قد قتل عروة وهو في الشهر الحرام بعكاظ، فارتحلوا وهوازن لا تشعر، ثم بلغهم الخبر فاتبعوهم فأدركوهم قبل أن يدخلوا الحرم، فاقتتلوا حتى جاء الليل ودخلوا الحرم فأمسكت عنهم هوازن ثم التقوا بعد هذا اليوم أياما عديدة والقوم يتساندون، وعلى كل قبيل من قريش وكنانة رئيس منهم، وعلى كل قبيل من قيس رئيس منهم.

وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أيامهم، وهو يوم النخلة، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أربع عشرة سنة.

ويقال: عشرون سنة.

وبعد منصرفهم منه في ذي القعدة كان حلف الفضول، وسببه: أن رجلا من زبيد من أهل اليمن باع سلعة من العاص بن وائل السهمي فمطله بالثمن؛ فصعد أبا قبيس وصاح وذكر ظلامته.

فعقدت قريش حلف الفضول لنصرة المظلوم، وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحلف معهم.


كان أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر فمنعه بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم في الشمس، فما منهم إلا من واتاهم فيما أرادوا وأوهمهم بذلك إلا بلالا، فإنه هانت عليه نفسه في الله عز وجل، وهان على قومه فأخذوه، وأعطوه الولدان، فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة، وهو يقول: أحد، أحد.

فجعلوا في عنقه حبلا، ودفعوه إلى الصبيان يلعبون به، حتى أثر في عنقه، وكان بلال لبعض بني جمح، وكان الذي يتولى كبر تعذيبه أمية بن خلف، فكان يخرجه إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره.

ثم يقول له: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزي.

فيقول وهو في هذا العذاب والبلاء: أحد أحد.

وكأنما كان يزيده عذابه وبلاؤه إيمانا فوق إيمان، ورق له أبو بكر حين رآه يوما في هذا الهوان الشديد، فاشتراه وأعتقه، وأعتق معه ستا ممن كانوا يعذبون على الإسلام.


كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله تعالى في كل أحواله؛ ليلا ونهارا، وسرا وجهرا، لا يصرفه عن ذلك صارف ولا يرده عن ذلك راد، ولا يصده عن ذلك صاد، يتبع الناس في أنديتهم، ومجامعهم ومحافلهم وفي المواسم، ومواقف الحج؛ يدعو من لقيه من حر وعبد، وضعيف وقوي، وغني وفقير.

وتسلط عليه وعلى من اتبعه كفار قومه من مشركي قريش، بل كان من أشد الناس عليه عمه أبو لهب وامرأته أم جميل حمالة الحطب -أروى بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان-، وكان عمه أبو طالب بن عبد المطلب يحنو عليه، ويحسن إليه، ويدافع عنه ويحامي، ويخالف قومه في ذلك؛ مع أنه على دينهم، وكان استمراره على دين قومه من حكمة الله تعالى، ومما صنعه لرسوله من الحماية؛ إذ لو كان أسلم أبو طالب لما كان له عند مشركي قريش وجاهة ولا كلمة، ولا كانوا يهابونه ويحترمونه.

روى أصحاب السير أن قريشا جاءت إلى أبي طالب فقالوا: "إن ابن أخيك هذا قد آذانا في نادينا ومسجدنا فانهه عنا".

فقال: "يا عقيل، انطلق فأتني بمحمد"، فجاء به في الظهيرة في شدة الحر.

فلما أتاهم قال: "إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم؛ فانته عن أذاهم"، فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء؛ فقال: "ترون هذه الشمس؟" قالوا: "نعم"، قال: "فما أنا بأقدر أن أدع ذلك منكم على أن تشتعلوا منها بشعلة".

فقال أبو طالب: "والله ما كذب ابن أخي قط فارجعوا".


هي أم كلثوم بنت رسول الله بنت صلى الله عليه وسلم- البضعة الرابعة النبوية النبوية الرابعة، أمها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، يقال تزوجها عتيبة بن أبي لهب ثم فارقها، وأسلمت وهاجرت بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فلما توفيت أختها رقية تزوج بها عثمان في ربيع الأول سنة ثلاث فلم تلد له.


كان من أبرز نتائج فتح مكة أن أخذت قبائل العرب وأفرادها يبادرون بإسلامهم؛ لأنهم كانوا ينتظرون نتيجة الصراع بين المسلمين وقريش، فعن عمرو بن سلمة قال: كنا بماء ممر الناس، وكان يمر بنا الركبان فنسألهم: ما للناس، ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسله، أوحى إليه -أو: أوحى الله بكذا- فكنت أحفظ ذلك الكلام، وكأنما يقر في صدري، وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق.

فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم.


كان الحج معروفا قبل البعثة، فإبراهيم أذن في الناس بالحج، وحج موسى وغيره من الأنبياء، وبقي الحج معروفا ولكن بدل فيه المشركون ما بدلوا، وأول من بدل عمرو بن لحي، ثم فرض الله تعالى الحج على المسلمين لمن استطاع إليه سبيلا، {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} [آل عمران: 97]، وبين الرسول صلى الله عليه وسلم مناسكه بتمامها في حجة الوداع في سنة 10هـ، واختلف في أي عام فرض الحج، قيل: فرض في سنة ست.

وقيل: سنة سبع.

وقيل: سنة ثمان.

وقيل غير ذلك.


هو أصحمة بن أبجر ملك الحبشة، والنجاشي لقب له ولملوك الحبشة، ومعنى: أصحمة: عطية، وقيل: عطية الله، وقيل: عطاء.

تولى الحكم بعد موت عمه، وبعد سنوات من حكمه وانتشر وانتشار عدله أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأحسن إلى المسلمين الذين هاجروا إلى أرضه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه عن النجاشي: لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجا.

ولما مات صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة صلاة الغائب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى لهم النجاشي صاحب الحبشة، في اليوم الذي مات فيه، وقال: «استغفروا لأخيكم».

وعن جابر رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم حين مات النجاشي: «مات اليوم رجل صالح، فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة».


تبوك موضع بين وادي القرى والشام، قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: (أرسلني أصحابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله الحملان لهم إذ هم معه في جيش العسرة، وهي غزوة تبوك.
.
)
.

وحديث أبي موسى رضي الله عنه فيه دلالة على ما كان عليه الصحابة من العسر الشديد في المال والزاد والركائب، كما روى مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه ما وقع للمسلمين في طريق هذه الغزوة من نقص في الزاد حتى مصوا النوى وشربوا عليه الماء، وفي رواية أخرى لمسلم: أنهم استأذنوا الرسول صلى الله عليه وسلم في نحر مطاياهم ليأكلوا.

وقد قال الله تعالى: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة} [التوبة: 117].

قال ابن كثير: فعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتال الروم؛ لأنهم أقرب الناس إليه؛ وأولى الناس بالدعوة إلى الحق لقربهم إلى الإسلام وأهله، وقد قال الله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين} [التوبة: 123].

وقد بين صلى الله عليه وسلم وجهة هذه الغزوة، فعن معاذ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يضحى النهار، فمن جاءها منكم فلا يمس من مائها شيئا حتى آتي).

والمشهور والراجح أن جيش تبوك كان ثلاثين ألفا، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يلق حربا من الأعداء، فرجع إلى المدينة منتصرا بعد أن أقام بتبوك عشرين ليلة.


هو عبد الله بن أبي بن ابن سلول، رأس المنافقين، مرض في ليال بقين من شوال بعد أن رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك, ولما مات استغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى عليه بعد أن حاول عمر منعه عن الصلاة عليه، وقد نزل القرآن بعد ذلك بموافقة عمر رضي الله عنه، وإنما صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إجراء له على حكم الظاهر وهو الإسلام؛ ولما فيه من مصلحة شرعية؛ وهو تأليف قلوب قومه وتابعيه، فقد كان يدين له بالولاء فئة كبيرة من المنافقين، فعسى أن يتأثروا ويرجعوا عن نفاقهم ويعتبروا ويخلصوا لله ولرسوله.


بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أميرا على الحج بعد انسلاخ ذي القعدة ليقيم للمسلمين حجهم -والناس من أهل الشرك على منازلهم من حجهم- فخرج أبو بكر رضي الله عنه ومن معه من المسلمين، وقد بعث عليه الصلاة والسلام عليا رضي الله عنه بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليكون معه، ويتولى علي بنفسه إبلاغ البراءة إلى المشركين نيابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكونه ابن عمه، من عصبته، قال أبو هريرة: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين يوم النحر، نؤذن بمنى: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.

قال حميد بن عبد الرحمن: ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا، فأمره أن يؤذن ببراءة.

قال أبو هريرة: فأذن معنا علي في أهل منى يوم النحر: لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.

قال حميد بن عبد الرحمن: ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا، فأمره أن يؤذن ببراءة.


حاصر المسلمون عين شمس وارتقى الزبير بن العوام السور، فلما أحس أهلها بذلك انطلقوا باتجاه الباب الآخر الذي عليه عمرو بن العاص؛ ولكن الزبير كان قد اخترق الباب عنوة ووصل إلى الباب الذي عليه عمرو؛ ولكن أهل عين شمس كانوا قد سبقوه وصالحوا عمرا, وكتب لهم عمرو كتاب أمان: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم، وملتهم، وأموالهم، وكنائسهم، وصلبهم، وبرهم، وبحرهم، لا يدخل عليهم شيء من ذلك، ولا ينتقص، ولا يساكنهم النوبة، وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذا الصلح، وانتهت زيادة نهرهم فعليهم خمسين ألف ألف، فإن أبى أحد منهم أن يجيب رفع عنهم من الجزاء بقدرهم، وذمتنا ممن أبى بريئة، وإن نقص نهرهم من غايته رفع عنهم بقدر ذلك، ومن دخل في صلحهم من الروم والنوبة فله مثل ما لهم، وعليه مثل ما عليهم، ومن أبى واختار الذهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه، أو يخرج من سلطاننا، على ما في هذا الكتاب عهد الله، وذمة رسوله، وذمة الخليفة أمير المؤمنين، وذمم المؤمنين، وعلى النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رأسا، وكذا وكذا فرسا، على أن لا يغزوا ولا يمنعوا من تجارة صادرة ولا واردة.


بعد أن فتحت نهاوند أمر عمر بن الخطاب بالانسياح في فارس كلها، وأعطيت الأوامر لسبعة أمراء بالتوغل في أعماق فارس، فسار النعمان بن مقرن إلى همدان ففتحها، ثم إلى الري "طهران اليوم" ففتحها ثم قوس فأخذها سلما أخوه سويد، ثم جاء هو إلى جرجان وطبرستان وصالحوه، ثم بعض بلاد أذربيجان، وأما سراقة بن عمرو فذهب إلى باب الأبواب على سواحل بحر الخزر، وسار الأحنف بن قيس إلى خراسان ففتح هراة عنوة، ثم إلى مرو، ثم بلخ حتى أصبح الأحنف سيد خراسان، واتجه عثمان بن أبي العاص إلى إصطخر وفتح جزيرة بركاوان وإصطخر وشيراز، واتجه سارية بن زنيم وقاتل بعض حشود الفرس، وفيها الحادثة المشهورة التي قال فيها عمر من المدينة: يا سارية، الجبل.

أما عاصم بن عمرو سار إلى سجستان ففتحها ودخل زرنج فصالحوه بعد حصار طويل، وأما سهيل بن عدي ففتح كرمان، وانطلق الحكيم بن عمير إلى مكران وفتحها، واتجه عتبة بن فرقد إلى شمال غرب فارس فافتتحها.


كان بناء المسجد النبوي بالمدينة باللبن والجريد وأعمدة الخشب، فزاد فيه عثمان زيادة كبيرة فجعله بطول مائة وستين ذراعا، وعرض مائة وخمسين ذراعا، وجعل بناءه من الحجارة المنقوشة التي كسرت بطريقة مناسبة للبناء، وجعل الأعمدة من حجارة مع الرصاص لزيادة القوة والتحمل، وسقفه بالساج، وجعل له ستة أبواب كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.


عزل معاوية بن أبي سفيان معاوية بن خديج عن أفريقيا، واستعمل عليها عقبة بن نافع الفهري، وكان مقيما ببرقة وزويلة مذ فتحها أيام عمرو بن العاص، وله في تلك البلاد جهاد وفتوح.

فلما استعمله معاوية سير إليه عشرة آلاف فارس، فدخل أفريقيا وانضاف إليه من أسلم من البربر، فكثر جمعه، ووضع السيف في أهل البلاد لأنهم كانوا إذا دخل إليهم أمير أطاعوا وأظهر بعضهم الإسلام، فإذا عاد الأمير عنهم نكثوا وارتد من أسلم، ثم رأى أن يتخذ مدينة يكون بها عسكر المسلمين وأهلهم وأموالهم ليأمنوا من ثورة تكون من أهل البلاد، فقصد موضع القيروان، وبنى المسجد الجامع، وبنى الناس مساجدهم ومساكنهم, فأمنوا واطمأنوا على المقام فثبت الإسلام في تلك البلاد المفتوحة.

ثم إن معاوية بن أبي سفيان استعمل على مصر وأفريقيا مسلمة بن مخلد الأنصاري، فاستعمل مسلمة على أفريقيا مولى له يقال له: أبو المهاجر، فقدم أفريقيا وعزل عقبة واستخف به، وسار عقبة إلى الشام وعاتب معاوية على ما فعله به أبو المهاجر، فاعتذر إليه ووعده بإعادته إلى عمله، فتوفي معاوية وولي بعده ابنه يزيد، فاستعمل عقبة بن نافع على البلاد سنة اثنتين وستين، فسار إليها.


جهز معاوية بن أبي سفيان جيشا عظيما برا وبحرا لغزو القسطنطينية، وكان قائد الجيش سفيان بن عوف الأزدي، وقاد الأسطول بسر بن أرطاة, وكان في الجيش ابن عباس، وابن عمر، وأبو أيوب، وابن الزبير، والحسين بن علي رضي الله عنهم، انضموا إلى هذه الحملة متمثلين أمام أعينهم قول الرسول: (لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش).

آملين أن يتحقق فيهم قول الرسول، فقد ثبت عن رسول الله: (أول جيش يغزون مدينة قيصر مغفور لهم).

وقام الجيش بحصار القسطنطينية، وجرت اشتباكات عديدة بين الطرفين خسر فيها المسلمون الكثير، وقد جاءهم مدد من الشام بقيادة يزيد بن معاوية مما قوى أمرهم، وتوفي هناك أبو أيوب ودفن عند سورها؛ ولكن لم يتم فتحها مع شدة الحصار وقوته؛ وذلك لمنعة المدينة، وقوة أسوارها، ومكانها في البر والبحر، وأحرقت كثير من سفن المسلمين.


هو أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، المدني الشهيد، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته من الدنيا, وكان أكثرهم شبها بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو سيد شباب أهل الجنة، ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبوه أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.

ولد الحسن رضي الله عنه في نصف رمضان سنة 3هـ، حظي برعاية المصطفى صلى الله عليه وسلم ما يقرب من ثماني سنوات، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه حبا جما، وقد تولى النبي صلى الله عليه وسلم تربيته منذ اليوم الأول لولادته؛ فسماه الحسن، وكان صلى الله عليه وسلم يداعبه كثيرا، ويقبله ويعانقه حبا له وعطفا عليه.

قال عنه صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: (ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين).

وقد تحققت هذه النبوءة بتنازل الحسن رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنه حقنا لدماء المسلمين، وأبرم الصلح معه بعد بضعة أشهر من مبايعته للخلافة، فكان ذلك فاتحة خير على المسلمين؛ إذ توحدت جهودهم، وسمي عام 41هـ "عام الجماعة".

وقيل: كانت وفاته في الثامن من محرم عام 50هـ.


أسلم أبو هريرة سنة خيبر، ولزم النبي صلى الله عليه وسلم حتى وفاته، فكان ذلك ذخرا له، فلا ضير أن يكون أكثر الصحابة رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من حفاظهم، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالحفظ فقاربت الأحاديث التي من روايته إلى خمسة آلاف حديث، وقد اختلف في اسمه، وكان يدعو الله ألا تدركه سنة ستين فتوفي قبلها، وصلى عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان نائب المدينة، وفي القوم ابن عمر، وأبو سعيد الخدري، وخلق من الصحابة غيرهم، وكان ذلك عند صلاة العصر، وكانت وفاته في داره بالعقيق، فحمل إلى المدينة فصلي عليه، ثم دفن بالبقيع رحمه الله ورضي عنه وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرا.


هي هند بنت أبي أمية سهيل بن المغيرة بن عبد الله، وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة، كانت تحت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال، كانت أول من هاجر إلى الحبشة هي وزوجها، ويقال أيضا: إن أم سلمة أول ظعينة هاجرت إلى المدينة، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد بدر، وقيل: بعد أحد.

وقصتها يوم الحديبية حيث أشارت على النبي صلى الله عليه وسلم بأن يحلق هو وينحر دون أن يكلم أحدا، فلما فعل تسارع الصحابة إلى فعل ما كانوا قد أحجموا قبل عن فعله لما أمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم، توفيت في المدينة، وقيل كانت وفاتها عام 61 للهجرة.


لما امتنع عمرو بن سعيد بن العاص على عبد الملك خرج أيضا قائد من قواد الضواحي في جبل اللكام وتبعه خلق كثير من الجراجمة، والأنباط، وآباق عبيد المسلمين، وغيرهم، ثم سار إلى لبنان، فلما فرغ عبد الملك من عمرو بن سعيد أرسل إلى هذا الخارج فبذل له كل جمعة ألف دينار، فركن إلى ذلك ولم يفسد في البلاد، ثم وضع عليه عبد الملك سحيم بن المهاجر، فتلطف حتى وصل إليه متنكرا فأظهر له ممالأته وذم عبد الملك وشتمه ووعده أن يدله على عوراته، وما هو خير له من الصلح.

فوثق به.

ثم إن سحيما عطف عليه وعلى أصحابه وهم غارون غافلون بجيش مع موالي عبد الملك وبني أمية وجند من ثقات جنده وشجعانهم كان أعدهم بمكان خفي قريب وأمر فنودي: من أتانا من العبيد -يعني الذين كانوا معه- فقتل الخارج ومن أعانه من الروم، وقتل نفر من الجراجمة والأنباط، ونادى المنادي بالأمان فيمن لقي منهم، فتفرقوا في قراهم، وسد الخلل، وعاد سحيم بن المهاجر إلى عبد الملك، ووفى للعبيد.