Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


أمر الخليفة المستنجد بالله بإهلاك بني أسد أهل الحلة المزيدية الشيعة؛ لما ظهر من فسادهم، ولما كان في نفس الخليفة منهم من مساعدتهم السلطان محمدا لما حصر بغداد، فأمر يزدن بن قماج بقتالهم وإجلائهم عن البلاد، وكانوا منبسطين في البطائح، فلا يقدر عليهم، فتوجه يزدن إليهم، وجمع عساكر كثيرة من راجل وفارس، وأرسل إلى ابن معروف مقدم المنتفق، وهو بأرض البصرة، فجاء في خلق كثير فحصرهم وسد عليهم الماء، وصابرهم مدة، فأرسل الخليفة إلى يزدن يعتب عليه ويعجزه وينسبه إلى موافقتهم في التشيع، وكان يزدن يتشيع، فجد هو وابن معروف في قتالهم والتضييق عليهم، وسد مسالكهم في الماء، فاستسلموا حينئذ، فقتل منهم أربعة آلاف قتيل، ونادى فيمن بقي: من وجد بعد هذا في المزيدية فقد حل دمه، فتفرقوا في البلاد، ولم يبق منهم في العراق من يعرف، وسلمت بطائحهم وبلادهم إلى ابن معروف.


انهزم نور الدين محمود بن زنكي من الفرنج، تحت حصن الأكراد، وهي الوقعة المعروفة بالبقيعة، وسببها أن نور الدين جمع عساكره ودخل بلاد الفرنج، ونزل في البقيعة تحت حصن الأكراد، محاصرا له عازما على قصد طرابلس ومحاصرتها، فبينما الناس يوما في خيامهم وسط النهار، لم يرعهم إلا ظهور صلبان الفرنج من وراء الجبل الذي عليه حصن الأكراد، وذلك أن الفرنج اجتمعوا واتفق رأيهم على كبسة المسلمين نهارا، فإنهم يكونون آمنين، فركبوا من وقتهم، ولم يتوقفوا حتى يجمعوا عساكرهم، وساروا مجدين، فلم يشعر بذلك المسلمون إلا وقد قربوا منهم، فأرادوا منعهم، فلم يطيقوا ذلك، فأرسلوا إلى نور الدين يعرفونه الحال، فرهقهم الفرنج بالحملة، فلم يثبت المسلمون، وعادوا يطلبون معسكر المسلمين، والفرنج في ظهورهم، فوصلوا معا إلى العسكر النوري، فلم يتمكن المسلمون من ركوب الخيل وأخذ السلاح، إلا وقد خالطوهم، فأكثروا القتل والأسر، وكان أشدهم على المسلمين الدوقس الرومي؛ فإنه كان قد خرج من بلاده إلى الساحل في جمع كثير من الروم، فقاتلوا محتسبين في زعمهم، فلم يبقوا على أحد، وقصدوا خيمة نور الدين وقد ركب فيها فرسه ونجا بنفسه، ونزل نور الدين على بحيرة قدس بالقرب من حمص، وبينه وبين المعركة أربعة فراسخ، وتلاحق به من سلم من العسكر، وقال له بعضهم: ليس من الرأي أن تقيم هاهنا؛ فإن الفرنج ربما حملهم الطمع على المجيء إلينا، فنؤخذ ونحن على هذه الحال؛ فوبخه وأسكته، وقال: إذا كان معي ألف فارس لقيتهم ولا أبالي بهم، ووالله لا أستظل بسقف حتى آخذ بثأري وثأر الإسلام، ثم أرسل إلى حلب ودمشق، وأحضر الأموال والثياب والخيام، والسلاح والخيل، فأعطى اللباس عوض ما أخذ منهم جميعه، فعاد العسكر كأن لم تصبه هزيمة، وكل من قتل أعطى أقطاعه لأولاده، وأما الفرنج فإنهم كانوا عازمين على قصد حمص بعد الهزيمة لأنها أقرب البلاد إليهم، فلما بلغهم نزول نور الدين بينها وبينهم قالوا: لم يفعل هذا إلا وعنده قوة يمنعنا بها، ثم إن الفرنج راسلوا نور الدين يطلبون منه الصلح، فلم يجبهم، وتركوا عند حصن الأكراد من يحميه وعادوا إلى بلادهم.


هو سلطان المغرب الملقب بأمير المؤمنين، عبد المؤمن بن علي بن علوي الكومي، القيسي، المغربي التلمساني.

ولد بأعمال تلمسان، سنة 487, وكان أبوه يصنع الفخار.

كان أبيض جميلا، تعلوه حمرة، أسود الشعر، معتدل القامة، جهوري الصوت، فصيحا جزل المنطق، لا يراه أحد إلا أحبه بديهة، وكان في كبره شيخا وقورا، أبيض الشعر، كث اللحية، واضح بياض الأسنان، وكان عظيم الهامة، طويل القعدة، غليظ الكف، أشهل العين، على خده الأيمن خال, وكان كامل السؤدد، عالي الهمة، خليقا للإمارة، وكان شديد السطوة،  كان في جوده بالمال كالسيل، وفي محبته لحسن الثناء كالعاشق.

مجلسه مجلس وقار وهيبة، مع طلاقة الوجه.

انعمرت البلاد في أيامه، وما لبس قط إلا الصوف طول عمره.

وما كان في مجلسه حصر، بل مفروش بالحصباء، وله سجادة من الخوص تحته خاصة.

ظهر أمر عبد المؤمن بعد أن التقى بابن تومرت مدعي المهدية والانتساب لآل البيت, وهو في طريق رجعته من المشرق إلى إفريقية، حيث صادفه عبد المؤمن، فحدثه ووانسه، وقال: "إلى أين تسافر؟ قال: أطلب العلم.

قال: قد وجدت طلبتك.

ففقهه وصحبه، وأحبه، وأفضى إليه بأسراره لما رأى فيه من سمات النبل، فوجد همته كما في النفس.

قال ابن تومرت يوما لخواصه: هذا غلاب الدول" قال ابن خلكان: "وجد ابن تومرت عبد المؤمن- وهو إذ ذاك غلام- فأكرمه وقدمه على أصحابه، وأفضى إليه بسره، وانتهى به إلى مراكش، وصاحبها يومئذ علي بن يوسف بن تاشفين ملك الملثمين، فأخرجه منها، ثم توجه إلى الجبال وحشد واستمال المصامدة، وبالجملة فإن ابن تومرت لم يملك شيئا من البلاد، بل عبد المؤمن ملك بعد وفاته بالجيوش التي جهزها ابن تومرت والترتيب الذي رتبه، وكان ابن تومرت يتفرس فيه النجابة وينشد إذا أبصره: تكاملت فيك أوصاف خصصت بها فكلنا بك مسرور ومغتبط السن ضاحكة والكف مانحة والنفس واسعة والوجه منبسط" لما توفي ابن تومرت سنة 524، كتم أصحابه خبر موته، وجعلوا يخرجون من البيت، ويقولون: قال المهدي كذا، وأمر بكذا، وبقي عبد المؤمن يغير في عسكره على القرى، ويعيشون من النهب، وبعد خمسة أعوام أفصحوا بموت ابن تومرت، وبايعوا عبد المؤمن ولقبوه بأمير المؤمنين.

وأول ما أخذ عبد المؤمن من البلاد وهران، ثم تلمسان، ثم فاس، ثم سلا، ثم سبتة.

ثم حاصر مراكش أحد عشر شهرا، فأخذها في أوائل سنة اثنتين وأربعين.

وامتد ملكه إلى أقصى المغرب وأدناه، وبلاد إفريقية، وكثير من الأندلس، وسمى نفسه: أمير المؤمنين، وقصدته الشعراء وامتدحوه, ولما قال فيه الفقيه محمد بن أبي العباس التيفاشي هذه القصيدة، وأنشده إياها: ما هز عطفيه بين البيض والأسل مثل الخليفة عبد المؤمن بن علي فلما أنشده هذا المطلع أشار إليه أن يقتصر عليه، وأجازه بألف دينار".

لم يزل عبد المؤمن بعد موت ابن تومرت يقوى، ويظهر على النواحي، ويدوخ البلاد.

استولى على مراكش كرسي ملك أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين.

قال سبط ابن الجوزي: "لما استولى عبد المؤمن على مراكش، قطع الدعوة لبني العباس ثم قتل المقاتلة، ولم يتعرض للرعية، وأحضر أهل الذمة وقال: "إن المهدي أمرني ألا أقر الناس إلا على ملة الإسلام، وأنا مخيركم بين ثلاث: إما أن تسلموا، وإما أن تلحقوا بدار الحرب، وإما القتل.

فأسلم طائفة، ولحق بدار الحرب آخرون، وخرب الكنائس وردها مساجد، وأبطل الجزية، وفعل ذلك في جميع مملكته، ثم فرق في الناس بيت المال وكنسه، وأمر الناس بالصلاة فيه اقتداء بعلي رضي الله عنه، وليعلم الناس أنه لا يؤثر جمع المال, وقال: من ترك الصلاة ثلاثة أيام فاقتلوه.

وكان يصلي بالناس الصلوات، ويقرأ كل يوم سبعا، ويلبس الصوف، ويصوم الاثنين والخميس، ويقسم الفيء على الوجه الشرعي، فأحبه الناس", ثم تملك بجاية وأعمالها وأما الأندلس فاختلت أحوالها اختلالا بينا أوجب تخاذل المرابطين وميلهم إلى الراحة، فهانوا على الناس، واجترأ عليهم الفرنج، وقام بكل مدينة بالأندلس رئيس منهم فاستبد بالأمر، وأخرج من عنده من المرابطين.

وكادت الأندلس تعود إلى مثل سيرتها بعد الأربعمائة عند زوال دولة بني أمية, فجهز عبد المؤمن الشيخ أبا حفص عمر إينتي، فعدى البحر إلى الأندلس، فافتتح الجزيرة الخضراء، رندة، ثم افتتح إشبيلية، وغرناطة، وقرطبة.

وسار عبد المؤمن في جيوشه وعبر من زقاق سبتة، فنزل جبل طارق، وسماه: جبل الفتح.

فأقام هناك شهرا، وابتنى هناك قصرا عظيما ومدينة، فوفد إليه رؤساء الأندلس، ومدحه شعراؤها، فمن ذلك: ما للعدى جنة أوفى من الهرب أين المفر وخيل الله في الطلب فأين يذهب من في رأس شاهقة وقد رمته سهام الله بالشهب حدث عن الروم في أقطار أندلس والبحر قد ملأ البرين بالعرب فلما أتم القصيدة قال عبد المؤمن: بمثل هذا تمدح الخلفاء.

عبد المؤمن هو خليفة ابن تومرت وعلى طريقته ودعوته، فكان يمتحن الناس في عصمة ابن تومرت ودعواه أنه المهدي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأصحاب ابن تومرت الذي ادعى أنه المهدي يقولون: إنه معصوم، ويقولون في خطبة الجمعة: الإمام المعصوم والمهدي المعلوم، ويقال: إنهم قتلوا بعض من أنكر أن يكون معصوما".

كما اشتهر عن عبد المؤمن تساهله في استباحة دماء خصومه من المسلمين، وسبي نسائهم وذراريهم إذا انتصر عليهم.

كما فعل في مراكش؛ قال ابن الأثير"فدخلت عساكره بالسيف، وملكوا المدينة عنوة، وقتلوا من وجدوا، ووصلوا إلى دار أمير المسلمين، فأخرجوا الأمير إسحاق وجميع من معه من أمراء المرابطين فقتلوا، وجعل إسحاق يرتعد رغبة في البقاء، ويدعو لعبد المؤمن ويبكي، فقام إليه سير بن الحاج، وكان إلى جانبه مكتوفا فبزق في وجهه، وقال: تبكي على أبيك وأمك؟! اصبر صبر الرجال؛ فهذا رجل لا يخاف الله ولا يدين بدين.

فقام الموحدون إلى ابن الحاج بالخشب فضربوه حتى قتلوه، وكان من الشجعان المعروفين بالشجاعة، وقدم إسحاق على صغر سنه، فضربت عنقه" وأما في دكالة، فقال ابن الأثير عن عبد المؤمن "فأخذ الملثمين السيف، فدخلوا البحر، فقتل أكثرهم، وغنمت إبلهم وأغنامهم وأموالهم، وسبيت نساؤهم وذراريهم، فبيعت الجارية الحسناء بدراهم يسيرة، وعاد عبد المؤمن إلى مراكش منتصرا، وثبت ملكه، وخافه الناس في جميع المغرب، وأذعنوا له بالطاعة".

وغيرهما من بلاد المسلمين في المغرب والأندلس.

وفي تلمسان قال ابن الأثير: "وأما العسكر الذي كان على تلمسان، فإنهم قاتلوا أهلها، ونصبوا المجانيق، وأبراج الخشب، وزحفوا بالدبابات، وكان المقدم على أهلها الفقيه عثمان، فدام الحصار نحو سنة، فلما اشتد الأمر على أهل البلد اجتمع جماعة منهم وراسلوا الموحدين أصحاب عبد المؤمن، بغير علم الفقيه عثمان، وأدخلوهم البلد، فلم يشعر أهله إلا والسيف يأخذهم، فقتل أكثر أهله، وسبيت الذرية والحريم، ونهب من الأموال ما لا يحصى، ومن الجواهر ما لا تحد قيمته، ومن لم يقتل بيع بأوكس الأثمان، وكان عدة القتلى مائة ألف قتيل، وقيل: إن عبد المؤمن هو الذي حصر تلمسان"  في العشرين من جمادى الآخرة من هذه السنة، توفي عبد المؤمن.

كان قد أمر الجيش بالجهاز لجهاد الروم، واستنفر الناس عامة، ثم سار حتى نزل بسلا، فمرض، وجاءه الأجل بها، في السابع والعشرين من جمادى الآخرة، وارتجت المغرب لموته، وكان قد جعل ولي عهده ابنه محمدا، وكان لا يصلح لطيشه وجذام به ولشربه الخمر، فتملك أياما، ثم خلعوه، واتفقوا على تولية أخيه أبي يعقوب يوسف، فبقي في الملك اثنتين وعشرين سنة، وخلف عبد المؤمن ستة عشر ولدا ذكرا.