Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


عظم شأن ابن ردمير الفرنجي بالأندلس، واستطال على المسلمين، فخرج في عساكر كثيرة من الفرنج، وجاس في بلاد الإسلام، وخاضها، حتى وصل قرب قرطبة، وأكثر النهب والسبي والقتل، فاجتمع المسلمون في جيش عظيم زائد الحد في الكثرة، وقصدوه، فلم يكن له بهم طاقة، فتحصن منهم في حصن منيع له اسمه أرنيسول، فحصروه، وكبسهم ليلا، فانهزم المسلمون، وكثر القتل فيهم، وعاد إلى بلاده.


في هذه السنة عظم أمر الإسماعيلية بالشام، وقويت شوكتهم، وملكوا بانياس في ذي القعدة منها، وسبب ذلك أن بهرام بن أخت الأسداباذي، داعي الباطنية بحلب والشام، لما قتل خاله ببغداد هرب إلى الشام، وصار داعي الإسماعيلية فيه، وكان يتردد في البلاد، ويدعو أوباش الناس وطغامهم إلى مذهبه، فاستجاب له منهم من لا عقل له، فكثر جمعه، إلا أنه يخفي شخصه فلا يعرف، وأقام بحلب مدة، ونفر إلى إيلغازي صاحبها، وأراد إيلغازي أن يعتضد به لاتقاء الناس شره وشر أصحابه؛ لأنهم كانوا يقتلون كل من خالفهم، وقصد من يتمسك بهم، وأشار إيلغازي على طغتكين، صاحب دمشق، بأن يجعله عنده لهذا السبب، فقبل رأيه، وأخذه إليه، فأظهر حينئذ شخصه -بهرام داعية الباطنية الإسماعيلية- وأعلن دعوته، فكثر أتباعه من كل من يريد الشر والفساد، ووافقه الوزير طاهر بن سعد المزدقاني، وإن لم يكن على عقيدته؛ قصدا للاعتضاد به على ما يريد، فعظم شره واستفحل أمره، وصار أتباعه أضعاف ما كانوا، فلولا أن عامة دمشق يغلب عليهم مذهب أهل السنة، وأنهم يشددون عليه فيما ذهب إليه، لملك البلد، ثم إن بهرام رأى من أهل دمشق فظاظة وغلظة عليه، فخاف عاديتهم، قال الذهبي: "كان طغتكين سيفا مسلولا على الفرنج، ولكن له خرمة كان قد استفحل البلاء بداعي الإسماعيلية بهرام بالشام، وكان يطوف المدائن والقلاع متخفيا، ويغوي الأغتام والشطار، وينقاد له الجهال، إلى أن ظهر بدمشق بتقرير قرره صاحب ماردين إيلغازي مع طغتكين، فأخذ يكرمه، ويبالغ اتقاء لشره، فتبعه الغوغاء والسفهاء والفلاحون، وكثروا، ووافقه الوزير طاهر المزدقاني، وبث إليه سره، ثم التمس من الملك طغتكين قلعة يحتمي بها، فأعطاه بانياس سنة 520، فعظم الخطب، وتوجع أهل الخير، وتستروا من سبهم، وكانوا قد قتلوا عدة من الكبار، فتصدى لهم تاج الملوك بوري بن طغتكين، فقتل الوزير كمال الدين طاهر بن سعد المزدقاني، ونصب رأسه، وركب جنده، فوضعوا السيف بدمشق في الملاحدة الإسماعيلية، فكبسوا منهم في الحال نحوا من ستة آلاف نفس في الطرقات، وكانوا قد تظاهروا، وتفاقم أمرهم، وراح في هذه الكائنة الصالح بالطالح.

وأما بهرام فتمرد وعتا وقتل شابا من أهل وادي التيم اسمه برق، فقام عشيرته، وتحالفوا على أخذ الثأر، فحاربهم بهرام، فكبسوه وذبحوه، وسلمت الملاحدة بانياس للفرنج، وذلوا.

وقيل: إن المزدقاني كان قد كاتب الفرنج ليسلم إليهم دمشق، ويعطوه صور، وأن يهجموا البلد يوم جمعة، ووكل الملاحدة تغلق أبواب الجامع على الناس، فقتله لهذا تاج الملوك، وقد التقى الفرنج وهزمهم، وكانت وقعة مشهودة.

وفي سنة 520 أقبلت جموع الفرنج لأخذ دمشق، ونزلوا بشقحب، فجمع طغتكين التركمانيين وشطار دمشق، والتقاهم في آخر العام، وحمي القتال، ثم فر طغتكين وفرسانه عجزا، فعطفت الرجالة على خيام العدو، وقتلوا في الفرنج، وحازوا الأموال والغنائم، فوقعت الهزيمة على الفرنج، ونزل النصر".


لما توفي أبو حمير سبأ بن أحمد بن المظفر بن علي الصليحي سنة 495، وهو آخر الملوك الصليحيين الباطنية، أرسل المأمون البطائحي الرافضي وزير الفاطميين بمصر علي بن إبراهيم بن نجيب الدولة، فوصل إلى جبال اليمن سنة 513، وقام بأمر الدعوة والمملكة التي كانت بيد سبأ، وبقي ابن نجيب الدولة حتى أرسل الآمر الفاطمي وقبض عليه بعد سنة 520، فانتقل الملك والدعوة باليمن إلى آل الزريع بن العباس بن المكرم.

وآل الزريع هم أهل عدن، وهم شيعة إسماعيلية من همذان بن جشم، وهؤلاء بنو المكرم يعرفون بآل الذيب، وكانت عدن لزريع بن العباس بن المكرم، ولعمه مسعود بن المكرم، فقتلا على زبيد مع الملك المفضل، فولي بعدهما ولداهما، وهما أبو السعود بن زريع، وأبو الغارات ابن مسعود، وبقيا حتى ماتا، وولي بعدهما محمد بن أبي الغارات، ثم ولي بعده ابنه علي بن محمد بن أبي الغارات مقام علي بالدملوة، فمات بالسل، وملك بعده أخوه المعظم محمد بن سبأ، ثم ملك بعده ابنه عمران بن محمد بن سبأ، وكانت وفاة محمد بن سبأ سنه 548، ووفاة عمران بن محمد بن سبأ في شعبان سنة 560، وخلف عمران ولدين طفلين هما محمد وأبو السعود ابنا عمران.

سنة 557 ظهر ابن مهدي واستولى على زبيد وأعمالها، ثم قويت شوكة ولده مهدي، وأغار على الجند وبواديها، وقتل من قتل في تلك النواحي، ثم أخذ جبال اليمن وقتل فيها قتلا ذريعا، وفي سنة 562 استولى على مخلاف الجند، وزالت على يد المهدي دولة آل زريع من المخلاف، ثم زال بقية ملك آل زريع في اليمن على يد الأيوبيين.


أمر الوزير المختص أبو نصر أحمد بن الفضل، وزير السلطان سنجر، بغزو الباطنية، وقتلهم أين كانوا، وحيثما ظفر بهم، ونهب أموالهم، وسبي حريمهم، وجهز جيشا إلى طريثيت، وهي لهم، وجيشا إلى بيهق من أعمال نيسابور، وكان في هذه الأعمال قرية مخصوصة بهم اسمها طرز، ومقدمهم بها إنسان اسمه الحسن بن سمين، وسير إلى كل طرف من أعمالهم جمعا من الجند، ووصاهم أن يقتلوا من لقوه منهم، فقصد كل طائفة إلى الجهة التي سيرت إليها؛ فأما القرية التي بأعمال بيهق فقصدها العسكر، فقتلوا كل من بها، وهرب مقدمهم، وصعد منارة المسجد وألقى نفسه منها فهلك، وكذلك العسكر المنفذ إلى طريثيت قتلوا من أهلها فأكثروا، وغنموا من أموالهم وعادوا.


تراسل السلطان محمود والخليفة بشأن السلطان سنجر، وأن يكونا عليه، فلما علم بذلك سنجر كتب إلى ابن أخيه محمود ينهاه ويستميله إليه، ويحذره من الخليفة، وأنه لا تؤمن غائلته، وأنه متى فرغ مني دار إليك فأخذك، فأصغى إلى قول عمه ورجع عن عزمه، وأقبل ليدخل بغداد عامه ذلك، فكتب إليه الخليفة ينهاه عن ذلك لقلة الأقوات بها، فلم يقبل منه، وأقبل إليه، فلما أزف قدومه خرج الخليفة من داره وتجهز إلى الجانب الغربي فشق عليه ذلك وعلى الناس، ودخل عيد الأضحى فخطب الخليفة الناس بنفسه خطبة عظيمة بليغة فصيحة جدا، وكبر وراءه خطباء الجوامع، وكان يوما مشهودا، ولما نزل الخليفة عن المنبر ذبح البدنة بيده، ودخل السرادق وتباكى الناس ودعوا للخليفة بالتوفيق والنصر، ثم دخل السلطان محمود إلى بغداد يوم الثلاثاء الثامن عشر من ذي الحجة، فنزلوا في بيوت الناس وحصل للناس منهم أذى كثير في حريمهم، ثم إن السلطان راسل الخليفة في الصلح فأبى ذلك الخليفة، وركب في جيشه وقاتل الأتراك ومعه شرذمة قليلة من المقاتلة، ولكن العامة كلهم معه، وقتل من الأتراك خلقا، ثم جاء عماد الدين زنكي في جيش كثيف من واسط في سفن إلى السلطان نجدة، فلما استشعر الخليفة ذلك دعا إلى الصلح، فوقع الصلح بين السلطان والخليفة، وأخذ السلطان محمود يستبشر بذلك جدا، ويعتذر إلى الخليفة المسترشد بالله مما وقع، ثم خرج في أول السنة الآتية إلى همذان لمرض حصل له.


لما وصل السلطان إلى بغداد في العشرين من ذي الحجة، ونزل بباب الشماسية، ودخل بعض عسكره إلى بغداد، ونزلوا في دور الناس، شكا الناس ذلك إلى السلطان، فأمر بإخراجهم، وبقي فيها من له دار، وبقي السلطان يراسل الخليفة بالعود، ويطلب الصلح، وهو يمتنع، وكان يجري بين العسكرين مناوشة، والعامة من الجانب الغربي يسبون السلطان أفحش سب.

ثم إن جماعة من عسكر السلطان دخلوا دار الخلافة، ونهبوا التاج، وحجر الخليفة، أول المحرم، وضج أهل بغداد من ذلك، فاجتمعوا ونادوا الغزاة، فأقبلوا من كل ناحية، ولما رآهم الخليفة خرج من السرادق والشمسة على رأسه، والوزير بين يديه، وأمر بضرب الكوسات والبوقات، ونادى بأعلى صوته: يا آل هاشم! وأمر بتقديم السفن، ونصب الجسر وعبر الناس دفعة واحدة، وكان له في الدار ألف رجل مختفين في السراديب، فظهروا، وعسكر السلطان مشتغلون بالنهب، فأسر منهم جماعة من الأمراء، ثم عبر الخليفة إلى الجانب الشرقي، ومعه ثلاثون ألف مقاتل من أهل بغداد والسواد، وأمر بحفر الخنادق، فحفرت بالليل، وحفظوا بغداد من عسكر السلطان، ووقع الغلاء عند العسكر، واشتد الأمر عليهم، وكان القتال كل يوم عليهم عند أبواب البلد وعلى شاطئ دجلة، وعزم عسكر الخليفة على أن يكبسوا عسكر السلطان، فغدر بهم الأمير أبو الهيجاء الكردي، صاحب إربل، وخرج كأنه يريد القتال، فالتحق هو وعسكره بالسلطان.

وقدم عماد الدين زنكي بقوات ضخمة نجدة للسلطان فأجاب المسترشد بالله للصلح.


اجتمعت الفرنج وملوكها وقمامصتها وجنودها وساروا إلى نواحي دمشق فنزلوا بمرج الصفر عند قرية يقال لها سقحبا بالقرب من دمشق، فعظم الأمر على المسلمين واشتد خوفهم، وكاتب طغتكين أتابك دمشق أمراء التركمان من ديار بكر وغيرها وجمعهم، وكان هو قد سار عن دمشق إلى جهة الفرنج، واستخلف بها ابنه تاج الملوك بوري فكان بها، كلما جاءت طائفة أحسن ضيافتهم وسيرهم إلى أبيه، فلما اجتمعوا سار بهم طغتكين إلى الفرنج فالتقوا أواخر ذي الحجة واقتتلوا، واشتد القتال، فسقط طغتكين على فرسه، فظن أصحابه أنه قتل، فانهزموا وركب طغتكين فرسه ولحقهم وتبعهم الفرنج وبقي التركمان لم يقدروا أن يلحقوا بالمسلمين في الهزيمة، فتخلفوا، فلما رأوا فرسان الفرنج قد تبعوا المنهزمين وأن معسكرهم وراجلهم ليس له منع ولا حام، حملوا على الرجالة فقتلوهم، ولم يسلم منهم إلا الشريد، ونهبوا معسكر الفرنج وخيامهم وأموالهم وجميع ما معهم، وفي جملته كنيسة وفيها من الذهب والجواهر ما لا يحصى كثرة، فنهبوا ذلك جميعه وعادوا إلى دمشق سالمين لم يعدم منهم أحد.

ولما رجع الفرنج من أثر المنهزمين ورأوا رجالتهم قتلى وأموالهم منهوبة تموا منهزمين لا يلوي الأخ على أخيه، وكان هذا من الغريب أن طائفتين تنهزمان كل واحدة منهما من صاحبتها.