Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
جمع بغدوين ملك الفرنج عسكره وقصد مدينة صور وحصرها، وأمر ببناء حصن عندها على تل المعشوقة، وأقام شهرا محاصرا لها فصانعه واليها على سبعة آلاف دينار، فأخذها ورحل عن المدينة، وقصد مدينة صيدا، فحصرها برا وبحرا ونصب عليها البرج الخشب، فوصل الأسطول من مصر للدفع عنها، والحماية لمن فيها، وقاتلوا الفرنج، فظهر المسلمون عليهم، فبلغهم أن عسكر دمشق خارج في نجدة صيدا، فرحل الأسطول عائدا إلى مصر بغير فائدة.
كان محمد بن عبد الله بن تومرت البربري المصمودي الهرغي، الخارج بالمغرب، المدعي أنه علوي حسني، وأنه الإمام المعصوم- من أهل جبل السوس من بلاد المغرب.
رحل ابن تومرت إلى بلاد المشرق في طلب العلم، وأتقن علم الأصولين والعربية، والفقه والحديث، واجتمع بالغزالي والكيا الهراسي في العراق، واجتمع بأبي بكر الطرطوشي بالإسكندرية، وقيل إنه لم يجتمع بالغزالي.
ثم حج ابن تومرت وعاد إلى المغرب، وكان شجاعا فصيحا في لسان العربي والمغربي، شديد الإنكار على الناس فيما يخالف الشرع، لا يقنع في أمر الله بغير إظهاره.
وكان مطبوعا على الالتذاذ بذلك متحللا للأذى من الناس بسببه، وناله بمكة شيء من المكروه من أجل ذلك، فخرج منها إلى مصر وبالغ في الإنكار، فزادوا في أذاه وطردته الدولة، وكان إذا خاف من بطش وإيقاع الفعل به خلط في كلامه فينتسب إلى الجنون، فخرج من مصر إلى الإسكندرية، وركب البحر متوجها إلى بلاده.
ولما وصل إلى قرية اسمها ملالة بالقرب من بجاية اتصل به عبد المؤمن بن علي الكومي، وتفرس ابن تومرت النجابة في عبد المؤمن وسار معه، وتلقب ابن تومرت بالمهدي.
واستمر المهدي على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووصل إلى مراكش وشدد في النهي عن المنكرات، وكثرت أتباعه وحسنت ظنون الناس به، ولما اشتهر أمره استحضره أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين بحضرة الفقهاء فناظرهم وقطعهم، وأشار بعض وزراء علي بن يوسف بن تاشفين عليه بقتل ابن تومرت المهدي أو حبسه، وقال: والله ما غرضه النهي عن المنكر والأمر بالمعروف، بل غرضه التغلب على البلاد، فلم يقبل علي ذلك.
ذكر ابن خلكان شأن ابن تومرت فقال: "خرج محمد بن تومرت من مصر في زي الفقهاء بعد الطلب بها وبغيرها, ولما وصل إلى المهدية نزل في مسجد معلق، وهو على الطريق، وجلس في طاق شارع إلى المحجة ينظر إلى المارة، فلا يرى منكرا من آلة الملاهي أو أواني الخمر إلا نزل إليها وكسرها، فتسامع به الناس في البلد، فجاؤوا إليه، وقرؤوا عليه كتبا من أصول الدين، وبلغ خبره الأمير يحيى، فاستدعاه مع جماعة من الفقهاء، فلما رأى سمته وسمع كلامه أكرمه وأجله وسأله الدعاء، فقال له: أصلح الله لرعيتك، ولم يقم بعد ذلك بالمهدية إلا أياما يسيرة، ثم انتقل إلى بجاية، وأقام بها مدة وهو على حاله في الإنكار" فسار المهدي إلى أغمات ولحق بالجبل واجتمع عليه الناس وعرفهم أنه هو المهدي الذي وعد النبي صلى الله عليه وسلم بخروجه، فكثرت أتباعه واشتدت شوكته، وقام إليه عبد المؤمن بن علي في عشرة أنفس، وقالوا له: أنت المهدي، وبايعوه على ذلك وتبعهم غيرهم، فأرسل أمير المسلمين علي إليه جيشا فهزمه المهدي وقويت نفوس أصحابه، وأقبلت إليه القبائل يبايعونه، وعظم أمره، وتوجه إلى جبل عند تينمليل واستوطنه، ثم إن المهدي رأى من بعض جموعه قوما خافهم.
قال الذهبي: "قال ابن تومرت لأصحابه: إن الله أعطاني نورا أعرف به أهل الجنة من أهل النار، وجمع الناس إلى رأس جبل، وجعل يقول عن كل من يخافه: هذا من أهل النار، فيلقى من رأس الشاهق ميتا، وكل من لا يخافه: هذا من أهل الجنة ويجعله عن يمينه، حتى قتل خلقا كثيرا واستقام أمره وأمن على نفسه.
وقيل: إن عدة الذين قتلهم سبعون ألفا" وسمى عامة أصحابه الداخلين في طاعته الموحدين، ولم يزل أمر ابن تومرت المهدي يعلو إلى أن توفي سنة 524.
هو السلطان أبو يحيى تميم بن المعز بن باديس بن المنصور بن بلكين بن زيري بن مناد الحميري الصنهاجي، ملك إفريقية بعد أبيه.
كان ملكا جليلا شهما، شجاعا ذكيا، مهيبا فاضلا، شاعرا جوادا فصيحا, حليما كثير العفو عن الجرائم العظيمة، وله معرفة حسنة، وله شعر حسن, كان حسن السيرة، محبا للعلماء، قصده الشعراء من النواحي.
ولد سنة 422، ولم يزل بالمهدية منذ ولاه أبوه إياها من صفر سنة خمس وأربعين إلى أن توفي أبوه, وكان له في البلاد أصحاب أخبار يجري عليهم أرزاقا سنية ليطالعوه بأحوال أصحابه؛ لئلا يظلموا الناس.
ولما توفي كان عمره تسعا وسبعين سنة، وكانت ولايته ستا وأربعين سنة وعشرة أشهر وعشرين يوما، وخلف من الذكور ما يزيد على مائة، ومن البنات ستين بنتا، ولما توفي ملك بعده ابنه يحيى بن تميم.
هو الأمير سيف الدولة صدقة بن بهاء الدولة منصور بن ملك العرب دبيس بن علي بن مزيد الأسدي، الناشري العراقي صاحب الحلة السيفية.
كان يتشيع هو وأهل بيته، ويقال له ملك العرب.
وكان ذا بأس وسطوة، كريما ذا ذمام، عفيفا من الزنا والفواحش، كأن عليه رقيبا من الصيانة، ولم يتزوج على زوجته قط ولا تسرى، وقيل: إنه لم يشرب مسكرا ولا سمع غناء ولا قصد التسوق في طعام، ولا صادر أحدا من أصحابه، وكان تاريخ العرب الأماجد كرما ووفاء، وكانت داره ببغداد حرم الخائفين.
اختط مدينة الحلة في سنة خمس وتسعين وأربع مائة، وسكنها الشيعة، وكان قد عظم شأن صدقة، وعلا قدره، واتسع جاهه، واستجار به صغار الناس وكبارهم، فأجابهم، وكان كثير العناية بأمور السلطان محمد، والتقوية ليده، والشد منه على أخيه بركيارق، حتى إنه جاهر بركيارق بالعداوة، ولم يبرح على مصافاة السلطان محمد، وزاده محمد إقطاعا، من جملته مدينة واسط، وأذن له في أخذ البصرة.
ثم أفسد ما بينهما العميد أبو جعفر محمد بن الحسين البلخي، ثم إنه تعدى ذلك حتى طعن في اعتقاده، ونسبه وأهل بلده إلى مذهب الباطنية، وقيل: إنما كان مذهبه التشيع لا غير، ووافق أرغون السعدي أبا جعفر العميد، وأما سبب قتله فإن السلطان محمدا قد سخط على أبي دلف سرخاب بن كيخسرو، صاحب ساوة وآبة، فهرب منه وقصد صدقة فاستجار به فأجاره، فأرسل السلطان يطلب من صدقة أن يسلمه إلى نوابه، فلم يفعل، وظهر منه أمور أنكرها السلطان, فأنفذ الخليفة المستظهر بالله إلى صدقة ينهاه عن الخروج على السلطان، وترددت الرسل بين الخليفة وصدقة, فما سمع صدقة، واجتمع له عشرون ألف فارس، وثلاثون ألف راجل، فتوجه السلطان إلى العراق ليتلافى هذا الأمر، فالتقى الجمعان عند النعمانية، فرشقتهم عساكر السلطان بالسهام، فجرحت خيولهم، ثم ولوا، وبقي صدقة يجول بنفسه، فجرح فرسه المهلوب، وكان عديم المثل، وهرب وزيره على فرس له، فناداه، فما ألوى عليه، ثم جاءته ضربة سيف في وجهه، وقتل صدقة، وحمل رأسه إلى بغداد.
وقتل من أصحابه ما يزيد على ثلاثة آلاف فارس، فيهم جماعة من أهل بيته، وأسر ابنه دبيس ووزيره وعدة من أهله، وكان عمره تسعا وخمسين سنة، وكانت إمارته إحدى وعشرين سنة، وحمل فدفن في مشهد الحسين عليه السلام, ثم عاد السلطان إلى بغداد، ولم يصل إلى الحلة، وأرسل إلى البطيحة أمانا لزوجة صدقة، وأمرها بالظهور فأصعدت إلى بغداد، فأطلق السلطان ابنها دبيسا، وأنفذ معه جماعة من الأمراء إلى لقائها.