Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
أنشئت هذه المكتبة في القرن الثاني الهجري ( الثامن الميلادي) على يد هارون الرشيد، وذلك بعد أن ضاقت مكتبة القصر بما فيها من كتب, وعجزت عن احتواء القراء المترددين عليها؛ مما جعله يفكر في إخراجها من القصر, وإفرادها بمبنى خاص بها, يصلح لاستيعاب أكبر عدد من الكتب, ويكون مفتوحا أمام كل الدارسين وطلاب العلم.
فاختار لها مكانا مناسبا, وأقام عليه مبنى مكونا من عدة قاعات؛ قاعة للاطلاع, وقاعة للمدارسة, وقاعة لنسخ الكتب الجديدة وتجليدها, وقاعة للترويح عن النفس وللاستراحة.
ومسجدا للصلاة, ومكانا يبيت فيه الغرباء, تتوفر فيه مقومات الحياة من طعام وشراب وغيره, ومخزنا للكتب, نظمت فيه بحيث صار لكل فن من الفنون العلمية مكان خاص به, وتوضع فيه مرتبة في دواليب، ثم زودها بما تحتاج إليه من أثاث ومرافق, وأحبار وأوراق للدارسين, وعين لها المشرفين على إدارتها, والعمال القائمين على خدمة ورعاية زائريها.
وواصل ابنه المأمون بعده الاهتمام بتلك المكتبة، فأحضر مئات النساخ والشراح والمترجمين من شتى اللغات؛ لتعريب ونقل الكتب من لغتها الأصلية, حتى غدت من أعظم المكتبات في العالم, ووضع بها مرصدا؛ ليكون تعليم الفلك فيها تعليما عمليا، يجرب فيها الطلاب ما يدرسونه من نظريات علمية, وبنى بها مستشفى لعلاج المرضى وتعليم الطب؛ إذ كان يؤمن بأن العلم النظري وحده لا جدوى منه.
وكتب إلى ملك الروم يسأله الإذن في إنفاذ ما عنده من العلوم القديمة المخزونة المورثة عن اليونان, واجتمع لدى المأمون بذلك ثروة هائلة من الكتب القديمة, فشكل لها هيئة من المترجمين المهرة والشراح والوراقين؛ للإشراف على ترميمها ونقلها إلى العربية, وعين مسؤولا لكل لغة يشرف على من يترجمون تراثها, وأجرى عليهم الرواتب العظيمة, حيث جعل لبعضهم خمسمائة دينار في الشهر, أي ما يساوي 2كيلو جرام ذهبا تقريبا, بالإضافة إلى الأعطيات الأخرى, إذ أعطى على بعض الكتب المترجمة وزنها ذهبا.
وبعضهم كان يقوم بترجمة الأصل إلى لغته هو, ثم يقوم مترجم آخر بنقله إلى العربية وغيرها, ولم يقتصر دور المترجمين على الترجمة فقط، وإنما قاموا بالتعليق على هذه الكتب، وتفسير ما فيها من نظريات, ونقلها إلى حيز التطبيق, وإكمال ما فيها من نقص, وتصويب ما فيها من خطأ؛ حيث كان عملهم يشبه ما يسمى بالتحقيق الآن, وما إن انتهى عصر المأمون حتى كانت معظم الكتب اليونانية والهندية والفارسية وغيرها من الكتب القديمة في علوم الرياضة والفلك والطب والكيمياء والهندسة موجودة بصورتها العربية الجديدة بمكتبة بيت الحكمة.
كان للترجمة التي عمل عليها المأمون أثر واضح في تطور الحركة العلمية لدى المسلمين إلا أنها نقلت معها بعض معتقدات الأمم السابقة، وأفسدت على بعض المسلمين دينهم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "أظهر الله من نور النبوة شمسا طمست ضوء الكواكب، وعاش السلف فيها برهة طويلة، ثم خفي بعض نور النبوة؛ فعرب بعض كتب الأعاجم الفلاسفة من الروم والفرس والهند في أثناء الدولة العباسية، ثم طلبت كتبهم في دولة المأمون من بلاد الروم فعربت، ودرسها الناس وظهر بسبب ذلك من البدع ما ظهر، وكان أكثر ما ظهر من علومهم الرياضية كالحساب والهيئة، أو الطبيعة كالطب أو المنطقية، فأما الإلهية: فكلامهم فيها نزر، وهو مع نزارته ليس غالبه عندهم يقينا، وعند المسلمين من العلوم الإلهية الموروثة عن خاتم المرسلين ما ملأ العالم نورا وهدى".
وقال أيضا رحمه الله: "إن أمتنا- أهل الإسلام- ما زالوا يزنون بالموازين العقلية, ولم يسمع سلفا بذكر هذا المنطق اليوناني, وإنما ظهر في الإسلام لما عربت الكتب الرومية في عهد دولة المأمون"
سار المأمون بنفسه لغزو الروم؛ لأنه ربما شعر أن الناس قد ركنت للرفاهية وضعفت عندهم روح الجهاد، كما أن الفرقة بدأت تعصف بينهم بريحها المنتنة؛ مما شجع كثيرا من المتمردين على الخروج، فسار من بغداد على طريق الموصل، حتى صار إلى منبج، ثم إلى دابق، ثم إلى أنطاكية، ثم إلى المصيصة وطرسوس، ودخل منها إلى بلاد الروم، ودخل ابنه العباس من ملطية، فأقام المأمون على حصن قرة حتى افتتحه عنوة، وهدمه، وقيل: إن أهله طلبوا الأمان فأمنهم المأمون، وفتح قبله حصن ماجدة بالأمان، ووجه أشناس إلى حصن سندس، فأتاه برئيسه، ووجه عجيفا وجعفرا الخياط إلى صاحب حصن سناذ، فسمع وأطاع، ثم قفل راجعا إلى دمشق.