0
صحيح ابن خزيمة
[صحيح ابن خزيمة] اسم الكتاب, وسبب تسميته بذلك : اشتهر الكتاب باسم "صحيح ابن خزيمة" بين العلماء مع أن اسمه الحقيقي ليس كذلك، وهذا أمر طبيعي، فشأنه كشأن كثير من الكتب الحديثية التي عناوينها تتسم بالطول ولكنها تختصر مثلما اختصر كتاب ابن خزيمة، فسمى بصحيح ابن خزيمة، فإننا نجد مثلاً أن اسم "صحيح البخاري": "الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور...
صحيح ابن خزيمة
نبذة عن كتاب صحيح ابن خزيمة
- اسم المؤلف: ابن خُزَيْمةَ ، أبو بكر ، محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح ابن بكر .
- تاريخ الوفاة: (223 - 311هـ، 838 - 923م) .
- نبذة عن الكتاب : [صحيح ابن خزيمة]
اسم الكتاب, وسبب تسميته بذلك :
اشتهر الكتاب باسم "صحيح ابن خزيمة" بين العلماء مع أن اسمه الحقيقي ليس كذلك، وهذا أمر طبيعي، فشأنه كشأن كثير من الكتب الحديثية التي عناوينها تتسم بالطول ولكنها تختصر مثلما اختصر كتاب ابن خزيمة، فسمى بصحيح ابن خزيمة، فإننا نجد مثلاً أن اسم "صحيح البخاري": "الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه".
وكذلك "صحيح ابن حبان" اسمه: "المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع".
وكذلك "صحيح ابن خزيمة" اسم كتابه الحقيقي هو: "مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم".
والذي يتضح من هذا العنوان أن هذا الكتاب مختصر من كتاب آخر وهذا هو الواقع، فإن ابن خزيمة - رحمه الله - اختصر هذا الصحيح من كتاب اسمه المسند الكبير.
وقد أشار ابن خزيمة إلى ذلك الأختصار عدة مرات في ثنايا كتابه هذا وفي غيره .
نسبة هذا الكتاب ألى ابن خزيمة , ووجوده : اشتهرت نسبة هذا الكتاب إلى ابن خزيمة ولم يشكك أحد في ذلك , ومما يدل على ذلك كلام العلماء رحمهم الله .
وهذا الصحيح فقد أكثره ولم يوجد منه إلا الربع ومما يدل على ذلك : 1- قول الدمياطي - رحمه الله - المتوفى في سنة سبعمائة وخمس للهجرة: "إن كتاب صحيح ابن خزيمة لم يقع له منه إلا ربعه الأول فقط".
2- قول الحافظ ابن حجر - رحمه الله - لما ذكر الكتب التي اشتمل عليها كتابه "إتحاف المهرة بأطراف العشرة" ذكر من ضمنها صحيح ابن خزيمة، لكن إذا أخذنا نعد هذه الكتب نجدها أحد عشر كتاباً، فبين السبب تلميذه ابن فهد المكي فقال: "إنما زاد العدد واحداً، لأن صحيح ابن خزيمة لم يوجد منه سوى قدر ربعه فقط، بمعنى أنه لم يحتسب هذا الكتاب لنقصه في العدد، وإنما اعتبر العشرة التي وجدها كاملة.
مكانة صحيح ابن خزيمة، ومنزلته عند العلماء: بالنسبة لمكانة كتابه الصحيح، ومنزلته عند العلماء، فتقدم قبل قليل ذكر بعض العلماء لهذا الكتاب، وثناؤهم عليه، واعتباره من الكتب التي يؤخذ منها الصحيح الزائد على ما في الصحيحين، بل قدموه على سائر الكتب التي ألفت في الصحيح المجرد - سوى الصحيحين-، ومن هؤلاء: ابن الصلاح، والعراقي، والسيوطي، وأحمد شاكر - رحمهم الله تعالى -.
وقد ذكر الخطيب البغدادي - رحمه الله - في كتابه "الجامع لأخلاق الراوي وأداب السامع" ذكر في معرض النصيحة لطلبة العلم، ذكر أحق الكتب بالتقديم بالسماع - يعني ما ينبغي لطالب العلم أن يقدمه حينما يريد أن يسمع الحديث-، فقال: "أحقها بالتقديم كتاب الجامع والمسند الصحيحين، لمحمد بن إسماعيل، ومسلم بن الحجاج النيسابوري".
ثم أخذ يذكر بعض الكتب الأخرى، ثم قال: "وكتاب محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري، الذي اشترط فيه على نفسه إخراج ما اتصل سنده بنقل العدل عن العدل إلى النبي صلى الله عليه وسلم".
وذكر السيوطي في مقدمة كتابه "جمع الجوامع" ذكر الكتب التي إذا عزى الحديث إليها، فمجرد عزوه إلى أحد هذا الكتب معلم بالصحة - أي لا يحتاج الأمر إلى التنصيص على هذا الحديث صحيح - هذا عند السيوطي -، يقول: مجرد ما أعزو الحديث لهذه الكتب؛ فإن الحديث صحيح.
من جملة ما قال في مقدمة كتابه "جمع الجوامع" - وهو لايزال مخطوطاً - قال: "وكذا ما في موطأ مالك وصحيح ابن خزيمة وأبي عوانة، فالعزو إليها معلم بالصحة".
ويقول ابن كثير - رحمه الله تعالى -: "قد التزم ابن خزيمة وابن حبان الصحة وهما خير من المستدرك بكثير، وأنظف أسانيد ومتوناً".
.
ويدل على مكانة هذا الكتاب مكانة مؤلفه عند العلماء، وشدة تحريه في الأسانيد، فإنه كما يقول السيوطي: "يتوقف في التصحيح لأدنى كلام في الإسناد"، ويقول ابن خزيمة: "إن صح الخبر، أو إن ثبت، ونحو ذلك".
أهمية صحيح ابن خزيمة وفائدته: لصحيح ابن خزيمة فوائد عديدة جداً، من جملة هذه الفوائد: أنه حفل باستنباطات فقهية دقيقة يعنون بها على كل باب، أي أن فيه شبهاً من صنيع البخاري - رحمه الله - في أبوابه، ويتبع ابن خزيمة هذه الأبواب بالأحاديث.
فكتابه هذا يعد كتاباً فقهياً ذا أهمية بالغة، لأن هذه الاستنباطات من ابن خزيمة مبنية على أدلتها، مستندة إلى نصوص يخرجها في نفس الكتاب.
يضاف إلى ذلك التعليقات المهمة على كثير من الأحاديث، إما يفسر فيها لفظاً غريباً، أو يوضح معنى مستغلقاً، أو يرفع إشكالاً، أو يزيل إبهاماً، أو يجمع بين روايتين ظاهرهما التعارض، أو يذكر اسم رجل بتمامه إذا ذكر في الإسناد بالكنية أو اللقب، أو ذكر اسمه دون نسبه.
ويتكلم في بعض الرجال جرحاً وتعديلاً، ويرد رواية المدلس إذا كانت بالعنعنة ممن لا يحتمل تدليسه عنده، وكذا رواية بعض الضعفاء المختلطين وإن كانت من الاختلاط.
ونصه كذلك على عدم سماع بعض الرواة من شيوخهم، وبيانه لعلل الأحاديث الخفية على اختلاف أنواع هذه العلل، إما لسقط في الإسناد غير ظاهر، أو لقلب في المتن أو السند، أو غير ذلك من أنواع العلل.
ومن فوائد كتابه تضعيفه لرواية بعض الضعفاء والمختلطين، وإن كانت من طريق بعض الثقات الذين سمعوا منهم قديماً باعتبار أن الراوي في أصله ضعيف مثل ابن لهيعة؛ إذ الصواب في حاله أنه ضعيف أصلاً.
وازداد ضعفه بسبب احتراق كتبه، حيث اختلط فساءت حاله، وربما لغير ذلك من الأمور، فرواية الذين سمعوا منه قبل اختلاطه أعدل من غيرها.
ونقول: "أعدل"، ولا نقول: "إنها صحيحة".
فغلط أناس في ذلك وظنوا أنها صحيحة، ومن هؤلاء الذين سمعوا منه قبل اختلاطه العبادلة الأربعة: عبدالله بن وهب، وعبدالله بن المبارك، وعبدالله بن يزيد المقريء، وعبدالله بن مسلمة القعنبي.
فاستفدنا من كتاب ابن خزيمة عدم التفاته - رحمه الله - لرواية ابن لهيعة، وإن كانت من طريق أحد العبادلة.
فمن ذلك أنه أخرج - كما سبق أن ذكرته - حديثاً من طريق عبدالله بن وهب - وهو أحد هؤلاء العبادلة -، قال: أخبرني ابن لهيعة، وجابر بن إسماعيل الحضرمي، عن عقيل بن خالد.
ثم ذكر الحديث.
…قال ابن خزيمة بعد ذلك: "ابن لهيعة ليس ممن أخرج حديثه في هذا الكتاب إذ انفرد برواية، وإنما أخرجت هذا الخبر لأن جابر بن إسماعيل معه في الإسناد".
ومن سمات كتابه ما في كلامه على الأحاديث وتعاليقه عليها من فوائد تنبيء عن عالم متورع ذي منهج أصولي، داع للمنهج السوي ومرغب فيه.
فمن ذلك أنه ذكر أن مسدد بن مسرهد - رحمه الله - سأله عن حدثث عمار ابن ياسر: "أمرنا بصوم عاشوراء قبل ان ينزل رمضان.
.
.
" إلى آخر الحديث، فذكر أنه أجابه - يعني أجاب مسدداً - بقوله: "قلت له مجيباً: إن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمر أمته بأمر.
.
.
" إلى آخر كلامه، ثم قال في آخر كلامه: "ولعلي زدت في الشرح في هذا الموضع على ما أجبت السائل في ذلك الوقت".
فهذا يدل على أنه - رحمه الله - ورع، وهذا الورع دفعه إلى أن يبين للقاريء أنه ذكر هنا معنى ما أجاب به مسدداً فقط، وليس هذا هو نص الكلام الذي أجاب به مسدداً في ذلك الوقت.
ومن أمثلة أصالة منهجه واعتداله :أنه ذكرحديث وصاله صلى الله عليه وسلم للصيام، ثم قال: "باب الدليل على أن الوصال منهي عنه؛ إذ ذلك يشق على المرء، خلاف ما يتأوله بعض المتصوفة ممن يفطر على النقمة أو الجرعة من الماء، فيعذب نفسه ليالي وأياماً".
ومن أمثلة دعوته للخير والفضيلة في كتابه: أنه ذكر حديث المؤذن الذي استمع إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قال: "الله أكبر، الله أكبر"، قال عليه الصلاة والسلام: "على الفطرة".
فلما قال المؤذن: "أشهد أن لا إله إلا الله"، قال صلى الله عليه وسلم: "خرجت من النار".
عند ذلك قال ابن خزيمة بعد هذا الكلام: "فإذا كان المرء يطمع بالشهادة بالتوحيد لله في الأذان وهو أن يخلصه الله من النار بالشهادة بالله في التوحيد في أذانه، فينبغي لكل مؤمن أن يسارع إلى هذه الفضيلة طمعاً في أن يخلصه الله من النار.
.
.
في منزله، أو بادية، أو قرية، أو مدينة، طلباً لهذه الفضيلة".
يقصد فضيلة الأذان.
منهج ابن خزيمة في صحيحه : قال ابن خزيمة - رحمه الله - في صحيحه : "المختصر من المختصر من المسند- عن النبي صلى الله عليه وسلم، على الشرط الذي ذكرنا بنقل العدل عن العدل موصولاً إليه صلى الله عليه وسلم من غير قطع في الإسناد ولا جرح في ناقلي الأخبار، إلا ما نذكر أن في القلب من بعض الأخبار شيئاً، إما لشك في سماع راو ممن فوقه خبراً، أو راو لا نعرفه بعدالة ولا جرح، فنبين أن في القلب من ذلك الخبر، فإنا لا نستحل التمويه على طلبة العلم بذكر خبر غير صحيح لا نبين علته فيغتر به بعض من يسمعه، فالله الموفق للصواب"أهـ.
هذا هو ماذكره رحمه الله ويظهر من خلال كتابه مايلي : 1- اختصاره للأحاديث، وبخاصة الأحاديث الطويلة، وهذا يدل على أنه أراد الاختصار في كتابه هذا ولم يرد التطويل، فنجده يقتصر على موضع الشاهد، ثم يقول: "وذكر الحديث"، فلا يتم الحديث.
2- تعهده كتابه بالزيادة والتنقيح كعادة كثير من العلماء حينما يصنف الواحد منهم الكتاب نجده لايزال يتعهد كتابه هذا بالزيادة والحذف، والتنسيق، وما إلى ذلك، فنجد ابن خزيمة - رحمه الله - يصنع هذا الصنيع.
يدل عليه ما يظهر من كلامه عن "المسند الكبير" حينما يقول مرة - كما سبق منذ قليل -: "قد خرجت هذا الباب بتمامه في كتاب الصلاة في كتاب الكبير"، وهذا يدل على أنه صنفه قبل ذلك، ثم يعود مرة أخرى فيقول: "سأبين هذه المسئلة بتمامها في كتاب الصلاة في "المسند الكبير" لا "المختصر".
وهذا يدل على أنه استدرك وسيلحق ذلك.
3- إملاؤه لكتابه كعادة كثير من علماء تلك العصور حينما يصنف الواحد منهم المصنف، ثم يمليه على تلاميذه إملاء، يدل على ذلك كثير من عباراته في ثنايا كتابه الصحيح ,من ذلك قوله : "وقد أمليت هذا الباب من كتاب الأيمان والنذور"، فيدل على أنه يملي الحديث إملاء.
4- دقته - رحمه الله - في تعقبه للأحاديث بما يزيل اللبس على المطلع على كتابه، فمثلاً حين أخذ في ذكر الأدلة التي تتعلق بالحجامة للصائم، وحتى لا يقال: إنه ذكر الحديث في كتابه فهو صحيح إذا على شرطه - نبه على ذلك فقال: "فكل ما لم أقل إلى آخر هذا الباب: إن هذا صحيح؛ فليس من شرطنا في هذا الكتاب".
وقد يورد ابن خزيمة إسناداً فيه راو يعلم هو أنه ثقة، ولكنه يخشى أن يقف عليه من لا يعرف ثقته فيتهمه بالتساهل، فنجده - رحمه الله - يورد بإسناده عن بعض الأئمة ما يفيد ثقة ذلك الراوي.
[التعريف بالكتاب ، نقلا عن موقع : منتديات ملتقى النخب]