عَفَا الْعَلَمُ الرَّاسِي كَمَا يَقْشَعُ الظِّلُّ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
عَفَا الْعَلَمُ الرَّاسِي كَمَا يَقْشَعُ الظِّلُّ | فَمَا يُوسُفٌ إِلاَّ حَدِيثٌ لمَنْ يَتْلو |
لَئِنْ كَانَ حَتْفَ الأَنْفِ عَاجِلُ مَوْتِهِ | لَمَصْرَعُهُ فِي مِيلِ مَوْقِفِهِ قَتْلُ |
قَضَى يُوسُفُ الْجِنْدِيُّ جُنْدِي قَوْمِهِ | بِحَيْثُ قِوَامُ العِزَّةِ الرَّأْيُ لاَ النَّصْلُ |
بِحَيْثُ الْقَنَا وَالمَشْرَقِيَّةُ خُضَّعٌ | لِمَا تَزَعُ الشَّورَى وَمَا يَشْرَعُ الْعَدْلُ |
فَرَاحَ شَهِيدَ البَذِل مِنْ ذَاتِ نَفسِهِ | وَمِنْ خَيْرِ مَا يَقْنِي وَذَاكَ هُوَ الْبَذْلُ |
يُنَهْنَهُ عَنْ إِسْرَافِهِ غَيْرَ مُنْتَهٍ | كَأَنَّ بِهِ جَهْلاً وَلَيْسَ بِهِ جَهلُ |
إِذَا مَا سَبِيلُ اللهِ كَانَتْ سَبِيلَهُ | فَمَا فِي سَبِيلِ اللهِ حِرْصٌ وَلاَ بُخْلُ |
وإِنْ يَكُ حُبَّ النَّفْسِ وَالوُلْدِ شِرْعَةً | فَحُبِّ البِلاَدِ الفَرْضُ وَالآخَرُ النَّفْلُ |
وَلَيْسَ امْرُوءٌ لَمْ يَمْنحِ الْمَجْدَ نَفْسَهُ | بِبَالِغِهِ أَو يَبْلُغَ الجَبَلَ السَّهلُ |
عَذِيرَ الأُولَى يَبْكونَ يُوسُفَ إِنَّهُ | مَضَنةُ وَادِيهِ فَمَا رُزؤُهُ سَهْلُ |
طَوَتْهُ المَنايَا وَهْوَ أَوْحَدُ أُمَّةٍ | فَلاَ تُنْكِرُوا أَنْ شَاعَ فِي الأْمَّةِ الثكْلُ |
لَقَدْ جَمَعَ الشَّمْلَ الشَّتِيتَ بِبَيْنِهِ | أَلَيْسَ بِغَيْرِ البَيْنِ يَلْتَئِمُ الشَّمْلُ |
عِتَابٌ أَجَازَتْهُ خُطوبٌ مُغِيرَةٌ | عَلَيْنَا وَعَنْ إِنْذَارهِنَّ بِنَا شُغْلُ |
بِأَيِّ مُحَامٍ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُمْ | أُصِيبُوا وَأَعْزِزْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ |
مَكَانُ الْمُحَامِي غَايَةٌ فِي سُمُوِّهِ | إِذَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ النَّزَاهَةُ وَالنُّبْلُ |
وَلَمْ يَكُ سَوَّاماً ولَمْ يَكُ مُتَجِراً | متى أَعْضَلَ المَوْضُوعُ أَوْ أَشْكَل الشَّكْلُ |
يُهَيِّءُ فَصْلَ القَوْلِ فِي كُلِّ مَوْقِفٍ | بِحُجِّتِهِ المُثْلَى لِمَنْ قَوْلُهُ الفَصْلُّ |
وَيَدْفَعُ تَضْلِيلَ الَّذِينَ افْتِرَاؤُهُمْ | عَلَى اللهِ حَقٌّ وَالحَرَامُ لَهُمْ حِلُّ |
فَذَاكَ مُلاَذٌ يُرْتَجَى وَمَنَارَةٌ | لأُمْنِ الأُولَى رِيعُوا هَدْيِ الأُولَى ضَلُّوا |
تَعَاطَى المُحَامَاةَ الشَّرِيفَةَ يُوسُفٌ | فَأُّحْمِدَ فِيهَا قَوْلُهُ الحُرُّ وَالْفِعْلُ |
وَكَانَ الَّذِي يَبْلُوهُ فِي كُلَّ حَالَةٍ | شَكُوراً لِمَا يَلْقَى فَخُوراً بِمَنْ يَبْلُو |
وَفِي الوَفْدِ إِنْ تُوصَفْ مَوَاقِفُ يُوسُفِ | أَكَانَ لَهُ فِي الذَّودِ عَنْ حَوْضِهِ كِفْلُ |
فَدَاهُ بِأَغْلَى مَا يُسَامُ أَخُو الْفِدَى | وَلَمْ يَثْنِهِ ضَيْمٌ وَلَمْ يُغْرِهِ جُعْلُ |
عَقِيدَةُ نَفْسٍ أَوْرَدَتْهُ مَهَالِكاً | وَلَمْ تَأْبَ أَنْ يُرْعَى الخُصُومُ وَإِنْ زَلُّوا |
وَفِي مَجْلِسِ النُوُّابِ هَلْ سَارَ سَيْرَهُ | أَخُو مِرَّةٍ جَلْدٌ عَنِ الجَهْدِ لاَ يَأْلُوا |
بِيُوسُفَ وَالْمَشْهُورِ مِنْ وَثَبَاتِهِ | إِلَى كُلِّ إِصْلاَحٍ تَمَهَّدَتِ السُّبْلُ |
هُنَاكَ مَجَالُ الْعَبْقَرِيَّةِ وَاسِعٌ | لِمُسْتَبِقٍ يَشْأُو وَمَنْطَلِقٍ يَعْلُو |
هُنَاكَ رَمَى جَيْشَ الأبَاطِيلِ نَاثِلٌ | كِنَانَةَ صِدْقٍ لاَ يَطِيشُ لَهَا نَبْلُ |
فَآبَ بِفَتْحٍ بَعْدَ فَتحٍ وَلَم يُثِرْ | حُقُوداً وَلَمْ يَعْدُ الصَّوَابَ وَلَمْ يغْلُ |
وَمَنْ جَدَّ فِي التَّصْرِيفِ لِلأمْرِ جِدَّهُ | وَقَدْ بَاتَ فِي تَصْرِيفِهِ العَقْدُ وَالْحَلُ |
فَقَامَ بِأَعْبَاءٍ تَنُوءَ بِهَا الْقُوَى | وَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ رُقِيَّ الْحِمَى سُؤْلُ |
وَمَنْ فِي الشُّيُوخِ الْمُنْتَدِينَ كَيُوسُفٍ | بِهِ حِلْمُ شَيْخٍ وَهْوَ فِي سِنِّهِ كَهْلُ |
يُعِيدُ وَيُبْدِي رَابِطَ الجَأْشِ مُنْصِفاً | وَلَيْسَ بِهَدَّارٍ كَمَا يَهْدِرُ الفَحْلُ |
وَما يَمْلِك الأَسْمَاعَ إِذْ يَنْطِقُ الهَوَى | كَمَا يَمْلِكُ الأَسْمَاعَ إِذْ يَنْطقُ الْعَقْلُ |
قُصَارَاكَ مِنْهُ أَنَّهُ فِي كِفَاحِهِ | جَريءٌ صَرِيحٌ لا اقْتِحَامٌ وَلاَ خَتْلُ |
وَلَيْسَ يُدَاجِي فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ | يَصِيدُ بِهَا سُحْتاً وَمَعْبُودُهُ الْعِجْلُ |
فَمَاتَ وَمَا مِنْ ثَرْوَةٍ غَيْرُ عَيْلَةٍ | ثَوَى رَبُّ نُعْمَاهَا وَحَاقَ بِهَا الأزَلُ |
تَرَى مَا اعْتِذَارُ الكَاذِبِينَ الأُولَى سَعَوْا | سِعَايَاتِهِمْ فِيهِ وَقَدْ زَهَقَ البُطْلُ |
حُكُومَةُ خَصْمٍ أَنْصَفَتْهُ فَوُفِّقَتْ | إِلَى الْخَيْرِ لاَ يَعْرُوهُ رَيْبٌ وَلاَ دَخل |
وَمنْ مِثْلهُ فِي أَهْلِهِ وَرِفَاقِهِ | لَهُ شِيِمٌ كَالرَّوْضِ بَاكَرَهُ الطَّلُّ |
فَحَلَّ مَحَلاًّ مِنْهُمُ لَمْ يَفُزْ بِهِ | أَبٌ أَوْ أَخٌ حُلْوُ الشَّمَائِلِ أَوْخِل |
وَمَنْ مِثْلهُ وَافِي الرجُولَةِ كُلُّمَا | دَعَا الْحَقُّ لاَ يَأْبَى عَلَيْهِ وَيَعْتَل |
كَرِهْتُ وَحَاشَاهُ أَنَاساً وجَدْتُهُمْ | رِثَاتَ الأوَاخِي لاَ ذِمَامٌ وَلاَ إِل |
لَقَدْ كَثُرُوا وَالأَكْرَمُون خَلاَقهُمْ | قَلِيلٌ مِنَ الدُّنْيَا فَلاَ بِدْعَ إِنْ قَلوا |
فَهَلاَّ هَدَاهُمْ ذَلِكَ النَّورُ فَاهْتَدَوا | أَلاَ إِنَّ مَحْلاً فِي النُّفُوسِ هُوَ الْمَحْلُ |
أَيُوسُفُ إِنِّي قَبْلَ مَنْعَاك لَمْ أَثُرْ | وَلَمْ يَتَيقَّظْ لِلْمُلِمَّاتِ بِي قَبْلُ |
وَكُنْتُ امْرَءًا لا يَعْرِفُ الْغِلُّ قَلْبَهُ | فَأضْحَى بِهِ حُزْنٌ يُخَامِرُهُ الْغِلُّ |
بِرَغْمِ وَفَائِي إِنَّهُ الْيَوْمَ خَاذِلِي | وَمَاذَا يَرُد البَث وَالْمَدْمَعُ الجَزْلُ |
كَفَى سَلْوَةً أَنْ شيَّعَتْ مِصْرُ كُلُّهَا | فَتَاهَا بِمَا لَمْ يَشْهَدِ النَّاسُ مِنْ قَبْلُ |
مِثَالُكَ مِلْءُ الدَّهْرِ وَاسْمُكَ خَالِدٌ | وَفَضْلُكَ بَاقِي الذَّكْرِ مَا ذُكِرَ الفَضْلُ |
إِذَا نَحْنُ عَزَّيْنَا الرَّئِيسَ وَلَمْ نَزِدْ | فَقَدْ عُزِّيَتْ فِيكَ الكِنَانَةُ وَالأهْلُ |