مضَى رَيبُ المَنُونِ بِهِمْ جمِيعا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
مضَى رَيبُ المَنُونِ بِهِمْ جمِيعا | وَقَوَّضَ ذَلِك الْبَيْتَ الرَّذِفيعَا |
أَلَمَّ بِهِمْ مُدَارَكَةً فَأَفْنَى | أُصُولَهُمُ الزَّكِيَّةَ وَالْفروعا |
وكُنْتُ صَبِرْتُ بَعْضَ الصبْرِ عَنْهُمْ | بِبَاقٍ مِنْهُمُ جَبَرَ الصُّدُوعَا |
فَلَمَّا بَانَ جَدَّتْ فِي أَناتِي | مَآتِمُهُمْ وَأَقْلَقتِ الضُّلُوعَا |
وَبِتُّ إِذا تَذَكَّرَهُمْ فُؤادِي | رَأَيْتُ خَوَاطِرِي تَجْرِي دُمُوعَا |
فَيَا قَلْبِي وَشِيمَتُك التَّأَسِّي | نَهَيْتُكَ عَنْ نُهَاكَ فَكُنْ جَزُوعَا |
عَذَرْتُكَ أَنْ تُرَاعَ فَبَعدْ هَذَا | يَشُقُّ عَلَى الْحَوَادِثِ أَنْ تَرُوعَا |
أَمينُ إِذَا سَكَتَّ فَمَنْ نَدِيمٌ | تَهُزُّ شُجُونُهُ الْفَطِنَ السَّمِيعَا |
وَإِنْ تُلْقِ الْيَرَاعَ فَمَنْ أَدِيبٌ | مَتَى يَدْعُ الْخيَالَ يُجِبْ مُطِيعَا |
عِصَامِيُّ الْبَيَانِ عَنِ ابْتِدَاعٍ | وَإِنْ لَمْ ينْسَ إِلْفَتَهُ رَضِيعَا |
تَضُوعُ خِلاَلُهُ أَدَباً وَظَرْفاً | كَمَا تَهْوَى الأَزَاهِرُ أَنْ تَضُوعَا |
إِذا نَثَرَ الطَّرَائِفَ مُرسَلاَتٍ | أَعَزَّ السهْلَ وَافْتَتَحَ المَنِيعَا |
وَإِنْ نَظَمَ الْعِرَابَ مِنَ الْقَوَافِي | أَبَتْ فِي النَّابِغِينَ لَهُ قَرِيعَا |
شوَارِدَ تَسْتَضِيقُ الأَرْضَ حَدّاً | أَوَابِدَ تَرتَمِي الأَمَدَ الْوَسِيعَا |
أَوَانِسَ رَاقِصَاتٍ مُرْقِصَاتٍ | يَكَادُ الحِلْمُ يَشْهَدُهَا خَلِيعَا |
مَعَانِيهَا سَبَتْ لُبَّ المَعَانِي | وَسِحْرُ بَدِيعِهَا فَتَنَ الْبَدِيعَا |
غَلَتْ عَنْ سَائِمٍ وَالْعَصْرُ عَصْرٌ | إِذَا مَا سِيمَ فِيهِ الْعِرْضُ بِيعَا |
وَتَأْخُذُهَا النُّهَى نَهْباً مُبَاحاً | فَتَسْتَكْفِي بِهَا ظَمأً وَجُوعَا |
وَمَا يُزْهَى مُدَبِّجُهَا بِسَامِي | مَكانَتِهِ فَتحْسُبُهُ وَضِيعَا |
إِذا مَا رُمْتَ غَايَاتِ المَعَالِي | وَمَوْطِنهَا الْقُلُوبُ فَكُنْ وَدِيعَا |
أَمٍينُ طَوَاكَ لَيْلٌ خِفْتُ أَلاَّ | يَكُونَ ظَلاَمُهُ الدَّاجِي هزِيعَا |
وَأَنْ يَفْنَى بِفَخْرٍ مِنْكَ فِيهِ | فَيَأْبَى فَجْرُهُ الثَّانِي طُلُوعَا |
عَلَى أَنِّي إِخالُك غَيْرَ قالٍ | سَكِينَتَهُ وَلاَ بَاغٍ رجُوعَا |
وَكُنْتَ المَرْءَ شَارَفَ مِنْ يَفَاعٍ | فَجَالَ الْعُمْرَ وَاجْتَنَبَ الْوُقُوعَا |
فَلَمْ تَسْمَعْ وَأَنْتَ هُنَاكَ لَغْواً | وَلَمْ تَكُ رائِياً إِلاَّ رَبِيعَا |
وَلَمْ تَكُ حَاقِداً وَالْحِقْدُ دَاءٌ | يُحَلِّبُ فِي الحَشَا سُمّاً نَقِيعَاً |
وَتُنْضِي واضِحَ الْحَدَّيْنِ رَأْياً | فَيَمْلأُ كُلَّ غَامِضَةٍ سُطُوعَا |
وَتَرْثِي لِلأَنَامِ مِنَ اللَّيَالِي | وَلاَ يَلْقَاكَ حَادِثُهَا هَلُوعَا |
وَتَأْنَفُ أَنْ تَبِيتَ عَلَى رَجاءٍ | وَلَسْتَ لِمَا تُرَجِّي مُسْتَطِيعَا |
يُضِيعُ المَرْءُ ما كَسَبَتْ يَدَاهُ | بِمَطْمَعِهِ وَيَملكهُ قَنُوعَا |
فَضَائِلُ أَعْطَتِ الدُّنْيَا جَمَالاً | وَلَكِنْ لَمْ تَدَعْكَ بِهَا وَلُوعَا |
فَيَا أَسَفِي عَلَى تِلْكَ المَزَايَا | وحَاشَا طِيبَ ذِكْرِكَ أَنْ تَضِيعَا |
أُحَاشِي الذِّكْرَ وَهْوَ بِغَيْرِ جَدْوَى | بَطِيئاً مَا تُنُوسِيَ أَوْ سَرِيعَا |
وَهَلْ هُوَ غَيْرُ أَفْعَالٍ مَوَاضٍ | تَذِيعُ وَفَضْلُهَا أَلاَّ تَذِيعَا |
وَهَلْ فِي الشُّهْرَةِ الْيَقْظَى خُلودٌ | يُرَامُ لِخَالِدٍ عَنْهَا هجُوعَا |
أَلاَ إِنِّي وَمَرْثِيَتِي أَمِيناً | لَسَاقٍ صَخْرَةَ الْوَادِي نَجِيعَا |
وَأَعْلَمُ أَنَّ أَبْلَغَ كُلِّ مَدْحٍ | لِمَيْتٍ مَجْدُهُ وَسِعَ الرُّبُوعَا |
غرُور بَاطِلٌ كَغُرُورِ يَوْمٍ | رَثَى فِيهِ الضحى نَسْراً صَرِيعَا |
فَصاغَ مِنَ الشُّعَاعِ لَهُ خَيَالاً | وَأَلْقَاهُ بِجَانِبِهِ ضَجِيعا |
سَموْتَ إِلى الْحَقِيقَةِ وَهْيَ شَأْوٌ | فَدَعْنَا ظَالِعاً يَتْلُو ظَلِيعَا |