بِرغْمِ المُنَى ذَاكَ الخِتَامُ المُحَيِّرُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
بِرغْمِ المُنَى ذَاكَ الخِتَامُ المُحَيِّرُ | كِتَابُكَ تطْوِيهِ وَمَنْعَاكَ يُنْشَرُ |
دَهَاكَ الرَّدَى فِي الرائِحِينَ فَرَاعَنا | كَأَنَّكَ غَادٍ فِي الصِّبَا فَمُبَكِّرُ |
يَرَاعُكَ فِي الْيُمْنَى وَذِهْنُكَ حَاضِرٌ | وَعَزْمُكَ ذَاكَ الْعَزْمُ وَالْعُودُ أَنْضَرُ |
أَعَنْ سَبْقِ إِحْسَاسٍ بِمَا كَانَ مُضْمِراً | زَمَانُكَ آثَرْتَ النَّوَى حِين تُؤْثِرُ |
فَبِنْتَ وَلَمَّا يُرْهِقِ النَّاس دَهْرُهُمْ | بِنَكْبَاءَ لاَ يُحْصِي أَذَاهَا التَّصَوُّرُ |
أَمِ اْلأَجَلُ الْمَحْتومُ حَلَّ وَلمْ تكن | بِماطِلِ حَقٍ يُقْتَضَى فَتُؤَخِّرُ |
فَوَلَّيْتَ لَمْ يَعْصِمْكَ مُدَّخَرُ الْقُوَى | ولمْ يَتَمَالَكْ حِلمُكَ المُتَوقِّرُ |
وَلَمْ يغْنِ مِنْكَ الْعِلْمُ وَالفَضْلُ سَاعَةً | فَيَا عُذْرَ منْ بِالعِلْمِ وَالفَضْلِ يكْفُرُ |
أَلاَ إِنَّنِي غالَيْتُ فِيمَا شَكَوْتُهُ | ولَكِنَّ فِي نَفْسِي أَسىً يَتَفَجَّرُ |
لَقَدْ أَرْخَصَ الْغَالِينَ مَوْتُ جُمُوعِهِمْ | وفقْدُكَ مَهْمَا يَعْمُمِ الْخَطْبُ يَكْبُرُ |
قِفِ الآنَ وَانْظُرْ مَا بِإِثْرِكَ مِنَ سَنىً | كَذَاكَ تَشِعُّ الشُّهْبُ إِذْ تَتكَوَّرُ |
قِفِ الآنَ وَاسْمَع وَقْعَ منْعَاكَ شَائِعاً | كَرَجْعِ الصَّدَى عَنْ شَامخٍ يَتَهوَّرُ |
لقَدْ عَثَرَ البَنَّاءُ عَن أَوْجِ صَرْحِهِ | لَدُنْ كَادَ مِنْ أَعْلاَهُ بِالنجْمِ يَظْفَرُ |
فَوَارَاهُ قَبْرٌ لاَ بَعِيدٌ قَرَارُهُ | وَلاَ سَقْفُهُ فَوْقَ الثَّرَى مُتكَبِّرُ |
وَكَان أَبَرَّ النَّاسِ بِالأَهْلِ وَالْحِمى | وَبِالْقَوْمِ لاَ يَجْفُوا وَلاَ يَتَغَيَّرُ |
ونِعْمَ الأَخُ الْوَافِي إِذَا مَا تَنَكَّرَتْ | لِصاحِبِهِ الأَيَّامُ لاَ يَتَنَكَّرُ |
لَحِقتَ بِمَنْ أَرَّخْتَهُمْ فكَأَنَّهُمْ | لِدَاتٌ لِعَهْدٍ لَمْ تُفَرِّقْهُ أَدهُرُ |
عَلَى الْحَيِّ دُونَ الميْتِ تُحسَب أَحْقُبٌ | تَوَالَتْ وتُحْصَى في التَّعَاقُبِ أَعْصُرُ |
وَرُبَّ عَلِيمٍ لَمْ يجِيءْ مُتَقَدِّماً | أَتمَّ عُلاَهُ أَنَّهُ مُتأَخِّرُ |
إِذَا عَاقَهُمْ عَنْ شُكْرِكَ اليَوْمَ عائِقٌ | وَتَدرِيهِ فَالأَعْقَابُ لِلْفَضْلِ تَشْكُرُ |
لَقَدْ بِتَّ مِنْهُمْ فِي المقَامِ الَّذِي بِهِ | إِذَا ذُكِرَ الأَفْذاذُ فِي الخَلْقِ تُذْكَرُ |
أَلاَ فِي سَبِيلِ اللّهِ حِكْمَتُكَ الَّتي | جَلاَهَا هِلاَلٌ مَالِيءُ الكَوْنِ مُقَمِرُ |
وجِدٌّ بِهِ رُضْتَ الصِّعَابَ فَمَا كبَا | إِلى أَنْ دَهَاهُ جَدُّكَ المُتعَثِّرُ |
وآدَابُ نفسٍ لوْ توَزَّعَ حسْنُهَا | عَرَاءٌ لأَضْحَى وَهْوَ كالرَّوْضِ مُزهِرُ |
وَأَخْلاَقُ إِحْسَانٍ وَعفْوٍ وَرِقَّةٍ | رَوَائِعُ يُخْفِيها اتّضاعٌ وَتظهَرُ |
وأَشْتَاتُ تخِريجٍ تُحَارُ بِهَا النُّهَى | وَآياتُ تدْبِيجٍ تَرُوعُ وتَبْهَرُ |
عَليْكَ سَلاَمُ اللّهِ قَدْ بِتَّ هَانِئاً | وَأَكْبَادُنا مِنْ حَسْرَةٍ تَتَسَعَّرُ |