بِأَي حُدُودٍ حُدَّ مِنْ قَبْلِكَ الشِّعْرُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
بِأَي حُدُودٍ حُدَّ مِنْ قَبْلِكَ الشِّعْرُ | وَأَيِّ قُيُودٍ قُيِّدَ الحِسُّ وَالفِكْرُ |
عَلَى مَا رَأَى الإِغْرِيقُ وَالرَّسْمُ رَسْمُهُمْ | جَرَى الجِيلُ بَعْدَ الجِيلِ وَالعَصْرُ فَالعَصْرُ |
وَظَلَّ مَثالاً لِلبَيَانِ مِثَالُهُمْ | وَأَمْرُهُمُ حَتَّى أَتَيْتَ هُوَ الأَمْرُ |
فَلَمَّا هَدَتْكَ الفِطْرَةُ السَّمْحَةُ الَّتِي | رَأَتْ أَنَّ أَسْراً كَيْفَ كَانَ هُوَ الأَسْرُ |
وَأنَّ افْتِكاكاً مِن هَوىً مُتَمَكنٍ | عَنَاءٌ عَلَى مِقْدَارِهِ يَعْظُمُ الفَخْرُ |
وَأَنَّ العُقُولَ المُسْتَرَقَّةَ حُرِّرَتْ | وَقَدْ آنَ أَنْ يَقْتَادَهَا القَلَمُ الحُرُّ |
أَسَلْتَ يَنَابِيعَ الفَصَاحَةِ كُلَّهَا | وَكَانَ الَّذِي يُمْتَاحُ مِنْهَا هُوَ النَّزْرُ |
فَللّهِ دَرَّ العَبْقَرِيَّةِ إِنَّهُ | لَفَيْضٌ إِذَا مَا غَاضَ مِنْ غَيْرِهَا الدُّرُّ |
لَهُ فِي النُّهَى عَزْمُ الإِتيِّ وَصَوْتُهُ | يُصَاحِبُهُ تَطْريبُهُ الفَخمُ وَالهَدْرُ |
تَسَاقَاهُ أَعْشَابٌ فُتُوِفي نَصِيبَهَا | مِنَ الحُسْنِ فِي الدُّنْيَا وَلاَ يُحْرَمُ الزَّهْرُ |
فَمِن أَيِّ أَوْجٍ بِالحَيَاةِ وَأَهْلِهَا | وَبِالكَوْنِ وَالأَحْدَاثِ أَلْمَمْتَ يَا نَسْرُ |
وَفِي أَيِّ فَنٍّ مِنْ فُنُونِ جَمَالِهَا | تَعَايَى عَلَيْكَ النَّظْمُ أَوْفَاتَكَ النَّثْر |
تُرَى سِيَرُ الأَحْقَابِ فِيمَا خَطَطْتَهُ | موَاثِلَ وَهْيَ الطِّرْسُ بِالعَيْنِ وَالحِبْرُ |
وَتَطَّرِدُ الأَحْقَابُ مِنَّا بِمَشْهَدٍ | وَإِنْ هِيَ إِلاَّ السَّطْرُ يَتْبَعُهُ السَّطْرُ |
لَقَدْ جِئْتَ بِالبِدْعِ الَّذِي آبَ سُنَّةً | لَكَ الفَضْلِ فيهَا خَالِداً وَلَكَ الذِّكْرُ |
وَجَارَاكَ فِي الفَتْحِ الحَدِيثِ فَوَارِسٌ | تَوَازَعَ فِي عُقْبَاهُ بَيْنَكُمُ النَّصْرُ |