وفاء كهذا العهد فليكن العهد
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
وفاء كهذا العهد فليكن العهد | وعدلاً كهذا العقد فليكن العقد |
قرانكما ما ساءه لكما الهوى | وبيتكما ما شاده لكما السعد |
هناءً وطيباً فالمنى مارضيتما | ودهركما صفوٌ وعيشكما رغد |
وما جمع اللَه النظيرين مرةً | كجمعكما والند أولى به الند |
تضاهيتما قدراً وحسناً وشيمةً | كما يتضاهى في تقابله الورد |
أعز أعزاء الحمى أبواكما | وأسطع جدٍّ في العلى لكما جد |
كفى بحبيبٍ في أساطين عصره | هماماً على الأقران قدمه الجد |
إذا ما بدا دلت جلالة شخصه | على أنه في قوم العلم الفرد |
قضى في جهاد الدهر أطول حقبةٍ | فما خانه فيها الذكاء ولا الجهد |
وما زاده زيغ السنين بلحظة | سوى نظر في حالك الأمر يستد |
له البيت غايات المعالي حدوده | ولكن بلطف اللَه ليس له حد |
مشيد على التقوى منيع على العدى | قريب إلى العافين عذب به الورد |
متين على الأركان وهي ثلاثة | بأمثالها تحيي أبوتها الولد |
ذكرت شباباً لو سردت صفاتهم | وآياتهم في الفضل لم يحصها السرد |
أولئك هم يوم الفخار شهودنا | على أننا أكفاء ما يبتغي المجد |
وأنا إذا استكفت بلاد حماتها | ففينا الحكيم الضرب والأسد الورد |
ومن لك في الفتيان بالفاضل الذي | له نبل ميخائيل والحلم والرفد |
كبير المنى جم الفضائل جامع | إلى الأدب السلسال طبعاً هو الشهد |
يصغر للعافي من الناس نفسه | ويكبرها عن أن يلم بها الحقد |
ومن كحبيب عادل الخلق صادقٌ | له فعل ما يرجى وليس له وعد |
أخو ترفٍ قد تعرف الخيل بأسه | ويحفظ من آثاره الطود والوهد |
ومن مثل جرح طاهر النفس والهوى | ومن مثله حر ومن مثله نجد |
وثوب إلى كشف الظلامات ساكن | إلى بأسه في حين لا تأمن الأسد |
تخير في الأنساب أصدقها على | وأبعدها مرمىً فتم له القصد |
وأي نسيبٍ بالغٌ بمقامه | مقام نجيب في الكرام إذا عدوا |
إذا فاق سادات الحمى آل سرسق | فإن نجيباً فيهم السيد الجعد |
سري يرى الإقدام في كل خطةٍ | وخطته في كل حالٍ هي القصد |
تراه بلا ظلٍّ نحولاً وجاهه | عريض له ظل على الشرق ممتد |
محبوه في نعمى وقرة أعيونٍ | وحساده مما بأنفسهم رمد |
وما الناس إلا عاثر جنب ناهضٍ | وما الأرض إلا الغور جاوره النجد |
ألا أيها الشهم النبيل الذي له | على صغر في سنه المنصب النهد |
لو أنك لم تمنع لوافي مهنئاً | بعرسك وفدٌ حافلٌ تلوه وفد |
فإن مكاناً في القلوب حللته | ليزهى على ملكٍ تؤيده جند |
فذاك أناسٌ قل في الخير شأنه | فلا قربهم قرب ولا بعدهم بعد |
يرومون أن يثنى عليهم بوفرهم | وأفضله عنهم إلا البر لا يعدو |
إذا رخص الغالي من السلعة اشتروا | ولا يشترون الحر إن رخص العبد |
أعذت برب العرش من عين حاسدٍ | طلاقة ذاك النور في الوجه إذ تبدو |
ورة ذاك اللفظ في كل موقفٍ | يصان به عرض ويقني به ود |
وبسطه كف منك في موضع الندى | يعاد بها غمضٌ وينفى بها سهد |
شكا الدهر ما تأسو جراح كرامه | وأنكر منك الرفق جانبه الصلد |
ولكن هذا البر طبع مغلب عليك وهل يهدي سوى طيبه الند | |
فمهما تصب خيراً فقد جدرت به | فضائل لم يضمم على مثلها برد |
حظيت بملء العين حسناً وروعةً | عروس كبعض الحور جاد بها الخلد |
يود بهاء الصبح لو أنه لها | محياً وغر الزهر لو أنها عقد |
فإن خطرت في الرائعات من الحلى | تمنت حلاها الروض والأغصن الملد |
كفاها تجاريب الحداثة رشدها | وقد جاز ريعان الصبي قبلها الرشد |
ولو لم يكن قهراً لها غير عقلها | لكان الغنى لا المال يقنى ولا النقد |
غنىً لا يحل الزهد فيه لفاضلٍ | حصيفٍ إذا في غيره حسن الزهد |
ليهنئكم هذا القران فإنه | سرورٌ بما نلقى وبشرى بما بعد |
ففي يومه رقت وراقت سماؤه | لمن يجتلي وانزاحت السحب الربد |
وفي غده سلم تقربه النهى | وحلمٌ تصافى عنده الأنفس اللد |
هناك تجد الأرض حلى رياضها | ويثني إلى أوقاته البرق والرعد |
فلا حشد إلا ما تلاقى أحبةٌ | ولا شجو إلا ما شجا طائر يشدو |