أرشيف الشعر العربي

كَانَ لَيْلٌ وَآدَمٌ فِي سُبَاتِ

كَانَ لَيْلٌ وَآدَمٌ فِي سُبَاتِ

مدة قراءة القصيدة : 3 دقائق .
كَانَ لَيْلٌ وَآدَمٌ فِي سُبَاتِ نَامَ عَنْ حِسِّهِ إِلى مِيقَاتِ
وَالْبَرَايَا فِي هِدْأَةِ الظُّلُمَاتِ خَاشِعَاتٌ رَجَاءَ أَمْرٍ آتِ

يَتَوَقَّعْنَ آيَةَ الآيَاتِ

وَالرُّبَى فِي مُسُوحِهِنَّ سَوَاجِدْ مِنْ بَعِيدٍ وَالأُفْقُ جَاثٍ كَعَابِدْ
وَنُجُومُ الثَرَى سَوَاهٍ سَوَاهِدْ وَنُجُومُ الْعُلَى رَوَانٍ شَوَاهِدْ

يَتَطلَّعْنَ مِنْ عَلٍ ذَاهِلاَتِ

نَظَرَ اللهُ آدَماً فِي الخُلُودِ مُوحَشاً لانْفِرَادِهِ فِي السُّعُودِ
مُسْتَزِيداً وَالنَّقْصُ فِي المُسْتَزِيدِ فَرَأَى أَنْ يُتِمَّهُ فِي الْوُجُودِ

بِعَرُوسٍ شَرِيكَةٍ فِي الْحَيَاةِ

إِلْفُ عُمْرٍ وَالإِلْفُ لِلإنْسَانِ حَاجَةٌ مِنْ لَوَازِمِ النُّقْصَانِ
تِلْكَ فِي الخَلْقِ سُنَّةُ الرَّحْمَنِ سَنَّهَا مُنْذُ بَدْءِ هَذَا الْكِيَانِ

وَبِهَا قَامَ عَالَمُ الْفَانِيَاتِ

مُنْذُ كَانَتْ هَذِي الْخَلِيقَةُ قِدْماً نَثَراتٍ مِنَ الْهَبَاءِ فَضَمَّا
مَا تَرَاخَى مِنْهَا فَأَلَّفَ جِرْمَا ثُمَّ أَحْيَاهُ ثُمَّ آتَاهُ جِسْمَا

مِثْلَهُ يَكْمُلاَنِ ذَاتاً بِذَاتِ

بسِطتْ أَنْمُلُ اللَّطِيفِ الْقَدِيرِ فِي الدُّجَى مِنْ أَوْجِ الْعَلاَءِ المُنِيرِ
فَأَمَاجَتْ بِالضَّوْءِ بَحْرَ الأَثِيرِ وَأَلْقَتْ بِآدَمٍ فِي السَّرِيرِ

لاِجْتِرَاحِ الْكُبْرَى مِنَ المُعْجِزَاتِ

فَتَحَتْ جَنْبَهُ وَسَلَّتْ بعَطْفِ مِنْهُ ضِلْعاً فَجَاءَ تِمْثَالُ لُطْفِ
جَلَّ قَدْراً عَنْ اَصْلِهِ فَاسْتَصُفِّي مِنْ دَمِ الصَّدْرِ لاَ التُّرَابِ الصَّرْفِ

سَمَاَ عَنْ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ

فَبَدَتْ غَضَّةَ الصِّبَا حَوَّاءُ وَهْيَ هَيْفَاءُ كَاعِبٌ زَهْرَاءُ
لِيَدِ اللهِ مَظْهَرٌ وُضَّاءُ وَسَنى بَين بِهَا وَسَنَاءُ

شَفَّ عَنْهُ الْجَمَالُ كَالمِرْآةِ

تَتَجَلَّى وَاللَّيْلُ يَمْضِي انْدِفَاعا نَاظِراً خَلْفَهُ إِلَيْهَا ارْتِيَاعَا
وَبَشِيرُ الصَّبَاحِ يُدْلِي الشُّعَاعَا نَاشِراً رَايَاتِ الضِّيَاءِ تِبَاعَا

دَاعِياً لِلسُّرُورِ وَالتَّهْنِئَاتِ

وَتَوَالِي النُّجُومِ تَرْمُقُ آنَا حُسْنَهَا ثُمَّ تُغْمِضُ الأَجْفَانَا
وَنُجُومُ الجِنَانِ تُبْدِي افتِتانا بِالْجَمَالِ الَّذي رَأَتْهُ فَكَانَا

آيَةُ المُبْصِرَاتِ وَالسَّامِعَاتِ

وَتَنَاجَتْ فَوَائِحُ الأَزْهَارِ وَتَنَادَتْ نَوَافِحُ الأَسْحَارِ
وَتَدَاعَتْ صَوَادِحُ الأَطْيَارِ قُلْنَ هَذِي خُلاَصَةُ الأَسْرَارِ

وَخِتَامُ الْعَجَائِبُ المُدْهِشَاتِ

رَبَّنَا ما سِوَاكَ مِنْ مَعْبُودِ أَيَّ خَلْقٍ نَرَى بِشَكْلٍ جَدِيدِ
بِنْتَ شَمْسٍ أَمْ قَدْ بَدَتْ لِلْعَبِيدِ صِفَةٌ مِنْكَ فِي مِثَالٍ فَرِيدِ

لِتَلَقِّي سُجُودِنَا وَالصَّلاَةِ

قَالَ صَوْتٌهِيَ الْعِنَايَةُ حَلَّتْ فَأَنَارَتْ مَلِيكَكُمْ وَأَظَلَّتْ
وَهْيَ سُلْطَانَةٌ عَلَيْكُمْ تَوَلَّتْ وَهْيَ فِي يَوْمِهَا عَرُوسٌ تَجَلَّتْ

وَغَداً أُمُّ سَادَةِ الْكَائِنَاتِ

تِلْكَ حَوَّاءُ فِي ابْتِدَاءِ الزَّمَانِ لَمْ يُكَدِّرْ صَفَاءَهَا فِي الجِنَانِ
مَا سِوَى جَهْلٍ سِرٍّ هَذَا الكِيَانِ وَشُعُورٍ بِأَنَّ فِي العِرْفَانِ

لَذَةً فَوْقَ سَائِرِ اللَّذَّاتِ

فَاشْتَرَتْ عِلْمَهَا بِفَقْدِ الدَّوَامِ وَاشْتَرَتْ بِالنَّعِيمِ سِرَّ الْغَرَامِ
وَاسْتَحَبَّتْ عَلَى اعْتِدَالِ المُقَامِ عِيشَةً بَيْنَ صِحَّةٍ وَسَقَامِ

فِي التَّصَابِي وَمُلْتَقىً وَشَتَاتِ

فَإِذَا كَانَ فِعْلُهَا ذَاكَ إِثْمَا أَفَلَمْ تَغْدُ حِينَ أَضْحَتْ أُمَّا
بِمُعَانَاتِهَا العَذَابَ الْجَمَّا رَوْحَ قُدْسٍ مِنَ المَلاَئكِ أَسْمَى

مَصْدَراً لِلْفِدَاءِ وَالرَّحَمَاتِ

غُبِنْتْ فِي الْخِيَارِ غَبْناً جَسِيماً لَكِنِ اعْتَاضَتِ اعْتِياضاً كَرِيما
أَوَلَمْ تُؤْتِنَا الْهَوَى وَالعُلُومَا فَنَعِمْنَا وَزَادَ ذَاكَ النَّعِيمَا

مَا حُفِفْنا بِهِ مِنَ الشِّقِوَاتِ

فَلِهَذَا نُحِبُّهَا كَيْفَ كُنَّا إِنْ فَرِحْنَا فِي حَالةٍ أَوْ حَزِنَّا
أَوْ جَزِعْنَا لِحادِثٍ أَوْ أَمِنَّا وَهَوَاهَا مِنَ الأَبَرِّينَ مِنَّا

فِي صَمِيمِ القُلُوبِ وَالمُهَجَاتِ

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (خليل مطران) .

يَا مُعِزَّ الحِمَى وَمُعْتِقَهُ بِالْخطة

يا أَيُّهَا ذَا الوَطَنُ الْمُفَدَّى

فِي مَعَالِيكَ قَامَ عُذْرُ القوَافِي

كَيْفَ حَالُ السَّجِينَ لَمْ يُعْدَمِ

تَوْفِيقُ يَا طَالِبَ المَعَالِي


المرئيات-١