فَهِمْتَ مَعْنَى الْعُمْرِ فَهْمَ الأَرِيبْ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
فَهِمْتَ مَعْنَى الْعُمْرِ فَهْمَ الأَرِيبْ | وَعِشْتَ فِي دُنْيَاكَ عَيْشَ اللَّبِيبْ |
جُبِلْتَ مِنْهَا ثُمَّ أَنْكَرْتَهَا | وَكُنْتَ فِيهَا آهِلاً كَالغَرِيبْ |
وَكُنْتَ فِيهَا سَاعِياً كَالذِي | يَجُوزُ وَعْراً لِلِقَاءِ الحَبِيبْ |
فَاعْتَضْتَ مِنْ وَفْرٍ بِفَقْرٍ وَمِنْ | وَادٍ خَصِيبٍ بِعَرَاءٍ جَدِيبْ |
واعْتَضْتَ بِالمِسْحِ وَأطْمَارِهِ | مِنْ كُلِّ ثَوْبٍ ذِي بَهَاءٍ قَشيبْ |
وَاعْتَضْتَ مِنْ مَلْهىً وَمِنْ لَذَّتٍ | بِمَعْبَدِ اللهِ وَمَنْفَى الْقُلُوبْ |
فِي الدَّيْرِ تُلْفَى عَاكِفاً ضارِعاً | مُهَجِّداً أَلِفَ الضَّنَى وَالشُّحُوبْ |
وَقَدْ تُرَى بَيْنَ الْوَرَى مِثْلَمَا | يُسْعِفُ غَرْقَى البَحْرِ حُرُّ مُجِيبْ |
تَمُدُّ أَسْبَابَ الْهُدَى نَحْوَهُمْ | مَدَّ مَنَارٍ نُورَهُ لِلرَّقِيبْ |
لَوْ رَابَهُمْ زَهْرُ الدَّيَاجِي فَمَا | فِي نُورِ ذَاكَ الْغَوْثِ مِنْ مُسْتَرِيبْ |
فَيَا صَفِيَّ اللهِ يَهْنِيكَ أَنْ | قَدْ فُزْتَ مِنْهُ بِاللِّقَاءِ القَرِيْبْ |
وَسِرْتَ لَمْ تُخْلِفْ أَسىً مُظْلِماً | كَمَا يُرَى لَيْلُ القُنُوطِ العَصِيبْ |
بَلْ شَفَقاً لألاؤُه نَاصِعٌ | يُرَى خِلاَلَ الدَّمْعِ شِبْهَ المَشُوبْ |
أَبَيْتَ نَوْحَ اليَأْسِ يَا شَادِياً | عَلَّمَ شَدْوَ الأَمَلِ العَنْدَلِيبْ |
وَأَنْتَ يَا حَادِيَ رَكْبِ الرَّدَى | بِنَغَمِ البِشْرِ أَبَيْتَ النَّحِيبْ |
فَلاَ مُنَادَاةٌ وَلاَ صَيْحَةٌ | وَلاَ بُكَاءٌ هَهُنَا أَوْ وَجِيبْ |
هَذَا قَرَارٌ لِلْبِلَى صَامِتٌ | صُمٌّ بِهِ السَّمْعُ وَعْنَ الخَطيبْ |
حَفِيرَةٌ فِي الأَرْضِ لَكِنَّهَا | بَابٌ إِلَى الجَنًَّةِ عَالٍ رَحِيبْ |
مَبِيتُ خُلْدٍ لِفَتىً صَالِحٍ | سَمْحٍ نَقِيِّ النَّفْسِ حُرٍّ أَدِيبْ |
عَاجلَهُ البَيْنُ فَوَلّى وَلَمْ | يَزِنْهُ مِنْ بَعْدِ الشَّبَابِ المَشِيبْ |
عَاشَ نَهَاراً لَمْ يَكَدْ يَنْقَضِي | صَبَاحُهُ حَتَّى تَلاهُ الغُيُوبْ |
صَلَّى صَلاةَ الصُّبْحِ مِنْ عُمْرِهِ | ثُمَّ عَلَى الإِثْرِ صَلاَةَ الغُرُوبْ |