جثا اللَيلُ ملتَفّاً بِبُردِ السَرائِرِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
جثا اللَيلُ ملتَفّاً بِبُردِ السَرائِرِ | وَفي صَدرِهِ المَفؤودِ رِعشَةُ جائِرِ |
كَأَنّي بِهِ وَالصَمتُ في جَنَباتِهِ | مَواكِبُ كُفّارٍ أَمامَ الضَمائِرِ |
وَفي القبَّةِ السَوداءِ لحفٌ كثيفَةٌ | عَلى مَهدِها نامَت عُيونُ الزَواهِرِ |
كَأَنّي بِهذي اللحفِ جبَّةُ سارِقٍ | وَقد أُخفَيت فيها عُقودُ الجَواهِرِ |
هَفا شَبحُ الأَحلامِ من غورِ كهفِهِ | وَقد عَلِقَت أَذيالُهُ بِالمَحاجِرِ |
كَأَنَّ غَطيطَ النائِمينَ نَواسِمٌ | يُحَرِّكُها الصَفصافُ فَوقَ المَقابِر |
لَدُن فَتَحت أُمي نَوافِذَ مخدعي | تمشّى إِلى قَلبي أَريجُ الأَزاهِرِ |
كَأَنَّ مَصاريعَ الكَوى وَهيَ شُرَّعٌ | جُفونُ يَتيمٍ موجَعِ القَلبِ حائِرِ |
أَنا في سَريرٍ من قُماشٍ مُطَرَّزٍ | تَدَلَّت عَلى جَنبَيهِ بيضُ السَتائِر |
كَأَنّي ميِّتٌ في رخامِ ضَريحِهِ | تكفِّنُه شَفّافَةٌ من حَرائِرِ |
أَرى قَلَمي المَظلومَ في هَدأَةِ الدُجى | يَنامُ مَعَ الأَوراقِ قُربَ المحابِرِ |
بِماذا تُراهُ يَحلُمُ الآنَ إِنَّني | لَأَسمَعُ مِنهُ مثلَ زَفرَةِ شاعِرِ |
أَيا قَلَمي ما ضَرَّ لَو كُنتَ سِكَّةً | تَطوفُ شَريفاً في الحقولِ النَواضِرِ |
تحيّيكَ أَسرابُ الطُيورِ وَتَنحَني | أَمامَك أَعناقُ الزُهورِ السَواحِرِ |
أَيا قَلَمي ما ضَرَّ لَو كُنتَ سِكَّةً | تخلِّدُ لي بَينَ الجِبالِ مَآثِري |
فَأَرفَعُ نَفسي عالِياً بَعد خَفضَةٍ | وَتُظهِرُ أَسمى في السُهولِ مَفاخِري |
وَيا صُحُفاً يَجري مدادُ عَواطِفي | عَلَيها وَيُلقيها الريا في المَساخِرِ |
فَقَدتُكِ هَلّا كُنتِ أَرضاً خَصيبَةً | يَسيلُ عَلَيها من جباهِ الجَبابِرِ |
يُذيبُ عَلَيها الفَجرُ كَوثَر طُهرِهِ | أَرَقَّ وَأَصفى مَنهَلاً من كَواثِري |
فَكَوثَرُهُ يُحيى الفَقيرَ وَكَوثَري | يُثيرُ حَياةً في جَمادِ الدَفاتِرِ |
أَيا قَلَمي نم في الخُمولِ وَلا تُفِق | وَيا صُحُفي نامي فَقَد نامَ خاطِري |
وَيا فَجرُ لا تَطلع عَلَيَّ فَفي الدُجى | مَدافِنُ فيها تَستكنُّ شَواعِري |